جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : قطار مصر إلي أين؟

-
حالة ترقب وحذر وخوف من المجهول يعيشها شعب مصر الآن، فميدان التحرير يعتبر الرمز والمعني وصاحب الشرارة الأولي لأحداث ثورة 25 يناير التي أيدها الشعب وانبهر بها الغرب وباركها الرب، فكان ميدان التحرير هو طوق النجاة الحقيقي لإسقاط نظام مبارك والعادلي في أقصر فترة زمنية للثورات العربية لم تتعد الـ 18 يوما.والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن ومصر تمر بأخطر أزمة في تاريخها الحديث -وهي الحالة التي تدفعنا للفوضي أو المجهول أو الحرب الأهلية لا قدر الله- إذا حدث صدام بين الشباب الثائر في ميدان التحرير والجيش، فماذا سيحدث؟ فهناك بعض القوي الداخلية والخارجية التي تدفعنا في هذا الاتجاه الشيطاني - فالأحداث تتصارع والشهداء يتساقطون في ميدان التحرير والضحايا معلقون بإصاباتهم بين النجاة والموت.فالمشهد كارثي ومأساوي، ومطالب الشباب تتزايد وتطالب بإبعاد المجلس العسكري وإنقاذ البلاد بحكومة وطنية يقررها ميدان التحرير ويعلنون رفضهم لحكومة الجنزوري التي أعلنها المجلس العسكري صاحب السلطة في البلاد.وقطار مصر يتحرك من محطة ميدان التحرير إلي محطة العباسية إلي ميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية وميدان الأربعين بالسويس ثم ميادين باقي محافظات مصر. المطلب واحد: رحيل المجلس العسكري ولا بديل عن ذلك، ورفض حكومة الجنزوري.وعلي الجانب الآخر، هناك من يطالبون ببقاء المجلس العسكري، مرددين أن ميدان التحرير ليس الوصي علي شعب مصر، بينما هناك من يقول إن ميدان العباسية يعبر عن الأغلبية الصامتة حزب الصامتين الذين يطالبون ويفوضون المجلس العسكري ويؤيدون الدكتور كمال الجنزوري لوطنيته ونظافته وأن السبب الحقيقي لإقالته من الرئيس المخلوع هو تخفيضه لميزانية رئاسة الجمهورية، وكان يمارس صلاحياته كرئيس لوزراء مصر دون الرجوع إلي الرئيس السابق، بالإضافة إلي أنه كان ضد ملف التوريث وبيع الأراضي والخصخصة وأنه خضع للإقامة الجبرية في منزله بتعليمات من النظام السابق، وتم منعه من التحدث لوسائل الإعلام أو يتكلم مع أحد.والقوي السياسية الفاعلة في الشارع السياسي مثل الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي وبعض القوي الليبرالية تؤيد اختيار الجنزوري، بينما هناك قوي أخري وأحزاب وتيارات وجماعات وحركات - مثل 6 أبريل وكفاية - يرفضون الجنزوري جملة وتفصيلا، ويقولون لا خلاف علي شخصه ولكن هو من رحم النظام الفاشي وعمره يقارب الثمانين.وبين مطرقة السلطة المجلس العكسري وإصرار الشباب في ميدان التحرير الذي يمثل الإرادة الشعبية يسير قطار مصر فوق القضبان والأشواك والألغام.. فهل ينفجر القطار مرة أخري بالثورة الشبابية لأن الشعب دائما وأبدا مصدر السلطات أم يصل القطار إلي محطة التفاوض والحلول الفورية من خلال سيناريوهات تعد بسرعة الصاروخ مثل تشكيل مجلس استشاري يضم بعض الشخصيات الوطنية التي يرشحها الشباب في ميدان التحرير لتكون حلقة الوسط بين المجلس العسكري والحكومة والثوار، وتخرج علي الرأي العام وتعلن الحقائق كاملة إذا حدث قفز علي صلاحياتها وتعد علي ممارستها والالتزام بقراراتها؟السيناريو الآخر أن تتم الانتخابات البرلمانية وتسير خطة المجلس العسكري في طريقها وتسير المظاهرات المليونية في ميدان التحرير وميادين التحرير في كل محافظات مصر ولايعرف أو يدعي أحد كيف سينتهي المشهد.السيناريو الأخير إذا توقف القطار وخرج عن القضبان، فمن المتوقع أن تعلن حالة الأحكام العرفية وندخل حينها في دوامة الانقلابات، ومن هنا يتوقف القطار وتتوقف الحياة وتتداخل الرؤي والمواقف ويصبح الخروج من الأزمة مستحيلا لسبب بسيط وهو أنه عندما تصطدم سلطة الشعب بالسلطة الحاكمة تكون محرقة