جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: إغتيال ميدان التحرير!

شرشر
-
حالة من الاحتقان الحاد والمواجهات الدموية بين الشباب الثائر في التحرير والشرطة لنعود مرة أخري إلي اجواء 28 يناير في سماء القاهرة، فالغاز المسيل للدموع والخرطوش والرصاص المطاطي والحجارة هي المشهد الدرامي الكارثي الذي يسيطر علي ميدان التحرير وميادين التحرير في السويس والإسكندرية وفي محافظات مصر.فكل ألوان الطيف السياسي كانت موجودة والبلطجية والمندسون وهم كثيرون، ولكن التساؤل: لماذا استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين؟ نفس العقلية الأمنية لحبيب العادلي ورجاله هي التي تحركهم للمواجهات الدامية فهناك للأسف الشديد مئات من رجال العادلي يسيطرون سيطرة فعلية علي طريقة تفكير وقرارات رجال الداخلية وهم الذين صعدوا المواجهة الأمنية التي ثبت فشلها فشلاً ذريعاً فالحلول الأمنية في مواجهة التظاهرات والاعتصامات هي من بقايا فكر النظام البائد لمبارك. فإلي متي سيدفع الوطن والشعب ثمن هذه العقليات التآمرية؟ والتساؤل الذي سيطرح نفسه علي المشهد المجهول في ميدان التحرير: أين الاحزاب السياسية والمرشحون للرئاسة الذين يدعون امتلاكهم للشارع السياسي وقاموا باستعراض عضلاتهم السياسية موجهين رسائل للداخل والخارج؟نحن هنا فتظاهرة يوم الجمعة الماضي هي الشرارة التي أشعلت البلد ليبحثوا ويحصلوا علي الكيكة والكراسي البرلمانية للقفز علي السلطة.لقد سقط القناع عن الاحزاب والجماعات والتيارات السياسية في أول محك حقيقي مع الشارع والشباب الثائر الرافض لوجودهم لانهم استثمروا ثورة 25 يناير لمصالحهم السياسية الضيقة علي حساب الوطن والمواطن المصري الذي اصيب بالرعب والخوف بعد أن حلم بعدم عودة زمان القهر والذل والخوف والقمع ايام عهد مبارك الزائل.لابدان تعترف القوي السياسية بأنها لا تجيد- بكل اطيافها والمرشحين للرئاسة- غير التحدث إلي الفضائيات والصحافة والاعلام وداخل الغرفات المغلقة في احزابهم او مع الحكومة والمجلس العسكري بالغرف المغلقة.بالاضافة إلي انه لابد أن يعترف المجلس العسكري بان البداية بعد11 فبراير كانت في الاتجاه المعاكس سياسياً فالدستور منشأ السلطة والمؤسسات، وليست السلطة هي التي تصنع الدستور فقلنا ذلك للحفاظ علي تراب هذا الوطن ووحدته الوطنية، فالإعلان الدستوري كان خطيئة سياسية لا تغتفر في حق مصر فالاعتراف بالحق السياسي بإنشاء الجمعية الوطنية لصياغة الدستور واجراء انتخابات رئاسية ثم انتخابات برلمانية ومحلية كانت جنبت البلاد السير إلي المجهول والقفز علي الحقائق والثوابت لان ما يهدد أي أمة- في حجم وقيمة مصر- هو الانفلات القيمي والاخلاقي الذي سيغرق البلاد في دوامات البلطجة والقتل والمواجهات الدموية لتتحول مصر- لا قدر الله لها- إلي صومال وأفغانستان آخر، وهذا ما نحذر ونحذر منه.. والتساؤل: اين العقلاء الوطنيون في هذه الأمة - قولا وفعلاً- والذين لا يعملون لحساب اجندات داخلية أو خارجية لانهم ليسوا ورثة النظام البائد كالنخب السياسية الذين يفكرون بنفس طريقة النظام السابق لانهم للأسف الشديد إحدي افرازاته السياسية علي مدار 30 سنة فهم يستخدمون نفس المنهج والطريقة والاسلوب ولغة الخطاب والادوات للوصول إلي السلطة؟فهؤلاء العقلاء الوطنيون- وهم كثر- جاء وقتهم الآن ليكونوا حلقة التفاوض والحوار بين المجلس العسكري وشباب ميدان التحرير وان يصدر بيان يطمئن الشباب بأنهم لن يتم الاعتداء عليهم أو القبض او تتبعهم وان تشكل لجنة تقصي حقائق محايدة تعلن نتائجها للرأي العام ويتم معاقبة من اساء لسمعة مصر.واخيراً تشكيل حكومة إنقاذ وطني لها كل الصلاحيات المطلقة في اتخاذ القرارات التنفذية بعيداً عن المجلس العسكري حتي تتم محاسبتها لنعبر هذه الازمة حتي لا تقع كارثة يعلم الله وحده مداها. وان يحدد جدول زمني واضح ومحدد لتسليم السلطة في مصر حتي لا يقوم البعض بتخوين القوات المسلحة -الورقة الاخيرة في عدم تفكيك الدولة المصرية، سواء اتفاقنا او اختلفنا حول أداء المجلس العسكري فهذا ليس وقت الحساب؛ لأن القوات المسلحة والجيش المصري عبر التاريخ سيبقان درعا واقيا لحماية الوطن لأن جنودها خير أجناد الارض.وأخيراً بعيدا عن العنتريات الفضائية وبعض المحللين المأجورين الذين يأكلون علي كل الموائد السياسية عاش الملك مات الملك ليس لهم طعم أو رائحة أو لون وكانوا أبواق رجال النظام السابق فكانوا لأحمد عز الذي احتكرهم واحتقرهم احدي ادواته وابواقه وكانوا جزءاً من منظومة الفساد المقنن الذي نهب ثروات الشعب.هم الآن يدعون انهم الثوار في ميدان التحرير.. وشباب الثورة الحقيقي اختفي من المشهد السياسي بعد نجاحه في إزالة حسني مبارك ونظامه خلال أيام معدودات الفاسدون مازالوا حتي الآن يسيطرون علي المشهد الاعلامي والصحفي والفضائيات فهم ليسوا فلولاً فقط بل عبدة السلطة والمال ورجال كل زمان وسلطان فسيسقطون إن آجلا أو عاجلاً لأنه لا يصح الا الصحيح وستبقي مصر بشعبها الأبي وليذهب هؤلاء إلي مزبلة التاريخ. فانتبهوا.. من يدمر مصر الآن؟ فما يحدث ويجري في الميدان هو اغتيال حقيقي لميدان الثورة واغتيال لميدان التحرير في قاهرة المعز.اللهم قد بلغت اللهم فاشهد