جريدة النهار المصرية

مقالات

الرجال والعناكب

عائشة بكير
-

 

بقلم : عائشة بكير

 

 بالبحث العلمى نجد أن المخلوقات سواء  كانت  بشرية أوحيوانية لم ينفرد بالقدرة على الاغتصاب سوى مخلوقان, هما الرجل وفصيلة العناكب, وهذا يدل على أن الاغتصاب صفة للرجال وهواية لا يقدر عليها إلا الذكور, وقد مزج المخرج الفرنسي آلان رينيه فى فيلم هيروشيما حبيبى وهو الفيلم الذى  أثار ضجة كبيرة في أوساط العالم، وشهد إقبالاً لم تعرفه إلا أفلام رفيعة نادرة ،، إنه مأساة الحرب... والحب فقد ساوى بين حادث القنبلة الذرية وحادث الأغتصاب ،،   وفى رأئى لا أعتقد أنه يبالغ  وقتها فى هذا المزج , ولم يكن متأثر تحت وطأة الخيال الفنى والجموح السينمائى , فالاغتصاب عاصفة تجتاح نفسية الفتاة وتزلزلها كتأثير القنبلة الذرية , فهو يحطم ثقتها بنفسها  ويفقدها الأمان ويزعزع كل القيم والمثل فى نظرها.

والمغتصبة  تدمر روحياً قبل أن تنتهك جسدياً , ويزحف  الخوف العاطفى على  مشاعرها وتفتح عواطفها ورغبتها فى الحياة , وعندما يدب ذئب الحقارة والرعب أظافره فى جسدها , فهو فى الوقت نفسه يجرح إنسانيتها  قبل أنوثتها, فينقلب الحنان عندها إلى قسوة , وتنقلب رقتها شراسة ، ويتحول الحنان إلى فزع , والاقبال على الحياة إلى رعب من مجرد الانتساب إليها .

 

وقد جعل المبدع والرائع يوسف ادريس فى قصته " الحرام "   الاغتصاب هو الثمن الذى دفعته عاملة التراحيل لجذر البطاطا, وبذلك أضاف إلى فقر الجيب فقر الروح وجدب الأمل ,  هى كانت  تتحمل الزمن برغم شحه  ,والفقر المضجع وقلة الحلية والموراد, هى تحملت كل هذا, و لكنها لم تتحمل هذه اللحظة الرهيبة لحظة اغتصابها  فى حقل البطاطا , فبداية الاغتصاب استباحة . وهى برغم فقرها لم تكن مستباحة , ونهاية الاغتصاب  كفن تلف به الفتاة  لحظة أن يغادر المعتدى ساحة  المعركة  (كتاب الختان والعنف ضد المرأة  د . خالد منتصر ,بتصرف)

 وتعيش الفتاة وهى تتحرك على بركان من العار , والاغتصاب الذى  يعد  أكثر الجرائم أثم وإثارة للتقزز والاشمئزاز, هو جريمة عنف وتمرد واحتجاج مرضى قبل أن يكون مجرد حصول  المعتدى على اللذة, أنه رغبة فى هتك نسيج المجتمع وفض بنيانه قبل أن يكون هتكا لعرض أو فضا لغشاء , وانتشاره فى اى مجتمع هو دلاله على خلل مرعب وعلامة على انهيار سريع وتفكك مرعب يهديد بناء هذا المجتمع  والأهم أنه مؤشر خطير على مدى العنف المكبوت الذى لا يجد له إلا منفذا فى جسد المراة ومتنفسا فى كيانها وروحها ولم لا وهى التى يمارس معها وضدها العنف أشكالا وألوانا من المهد إلى اللحد,  واستسهال تنفيذ جريمة الاغتصاب بالرغم من قسوة وتغليظ العقوبة وبالرغم من كم الإدانه الاجتماعية الضخمة التى توجه للمغتصب , ليس له إلا تفسير واحد وهو أنه يوجد اغتصاب فى نواحى أخرى كثيرة من المجتمع تحتاج إلى تدخل

 

 وقد كشفت دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر أن البطالة والمواقع الإباحية على الانترنت، وراء تزايد حالات الاغتصاب في مصر في الآونة الأخيرة بصورة لابد من الوقف أمامها , وأشارت الدراسة إلى أن ما يتم رصده إحصائيا بصورة رسمية لا يمثل سوي نسبة 5 % من الحوادث، وأن الحالات الأخرى لا يتم التوصل إليها إما لعدم الإبلاغ أو أن الجريمة وقعت من أحد أقارب المجني عليها .كما أكدت الدراسة علي أن أعمار المغتصبين تتراوح ما بين 25 سنة إلى 40 سنة وأن 70 % منهم من العزاب لم يسبق لهم الزواج وأن 52 % يعملون في أعمال حرفية، ونسبة  الأمية بين  الجناة  تصل إلى 34 % وأن 42 % منهم يعيشون في غرفة أو غرفتين.. وبلغت نسبة الاغتصاب الجماعي 43 % وهم أشخاص لا تربطهم صداقة .