جريدة النهار المصرية

أهم الأخبار

تقرير للجامعة العربية يرصد انتهاكات الاحتلال ومستجدات الاضراب الجماعي لأسرى فلسطينيين

ابو الغيط يطلب تدخلا أمميا لوقف السياسات اللاانسانية لاسرائيل ..والبرلمان الاوروبي يدعو للالتزام باتفاقية جنيف

-

 

هالة شيحة

رصد تقرير اعدته الجامعة العربية اوضاع الاسرى الفلسطينيين في ظل الاضراب الجماعي الذي دخل يومه الثاني عشر في مواجهة الانتهاكات الاسرائيلية المتصاعدة وجرائم الاحتلال التي تخالف القوانين والمواثيق الدولية، وردود الفعل العربية والدولية ازاءه.
وقالت الجامعة العربية في تقريرها الذي اعده قطاع فلسطين والاراضي العربية المحتلة ان  الاضراب الشامل يعم كافة أرجاء الأرض المحتلة، حيث أغلقت الجامعات والمدارس وكافة المؤسسات والمحال التجارية أبوابها تضامناً مع الأسرى داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي، اذ يواصل قرابة (1580) أسيراً فلسطينياً اضرابهم عن الطعام  ، في ظل تصاعد وتيرة الاجراءات القمعية المشددة التي تفرضها ادارة مصلحة السجون الاسرائيلية على الأسرى منذ بداية الاضراب من منع زيارة المحامين للأسرى وعمليات تنقل الأسرى بشكل مستمر واقتحام الغرف وتفتيشهم بشكل استفزازي واخراجهم قسراً إلى الساحة معصبين الأعين، بالإضافة إلى فرض سياسة العزل الانفرادي وتحويل بعض الأقسام إلى أقسام عزل جماعية، بعد مصادرة ممتلكاتهم وملابسهم والإبقاء على الملابس التي يرتدونها فقط إلى مصادرة الملح منهم.

تدهور صحي
واوضح التقرير انه في يوم ٢٤ ابريل الجاري نقلت ما تسمى بـ (ادارة مصلحة السجون) الاسرائيلية عددا من الأسرى من وإلى السجون لخلق حالة من عدم الاستقرار ، ما أدى إلى تدهور حالة بعض الأسرى منهم قائد الاضراب المناضل "مروان البرغوثي" الذي أصيب بهبوط حاد في ضغط الدم والسكري. وفي المقابل رفض الأسير "مروان البرغوثي" تناول الدواء رداً على الانتهاكات المستمرة بحق الأسرى الفلسطينيين.
وفي يوم ٢٥ ابريل أصيب الأسير المضرب عن الطعام محمد عبد ربه بنزيف دموي، جراء الاهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى لاسيما المضربين منهم.
وفي يوم ٢٦ ابريل أصدرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين تقريراً ، أكدت فيه  بأن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تتعمد قتل الأسرى الفلسطينيين، فيما أكد محامي الهيئة نقلاً عن شهادات بعض الأسرى من سجن نفحه وعوفر، بأن الوضع بغرف العزل صعب جداً وأن الأسرى لا يستطيعون النوم، بالإضافة إلى اقتحام ما تسمى بوحدة (درور) التابعة لمصلحة السجون برفقة الكلاب البوليسية لغرف الأسرى. كما أن جنود الاحتلال يتعمدون اذلال الأسرى عند نقلهم من سجن إلى سجن من خلال اهانتهم ووقوفهم مكبلين لساعات طويلة قد تتراوح لـ (15) ساعة وعند نقلهم للسجن ينتظرون في غرف الانتظار قرابة (4) ساعات قبل زجهم في غرف العزل، وأن ما تسمى بـ (إدارة مصلحة السجون) الاسرائيلية قد صادرت كافة مقتنيات الأسرى وزودتهم بأغطية قذرة مليئة بالحشرات (الصراصير) حسب وصفه. وكشف التقرير  أن هناك 450 أسيرا في سجن نفحة الصحراوي يخوضون الاضراب الجماعي وأن التنقلات مستمرة بواقع كل ساعة تقريبا.
ومن جهة أخرى ، هناك 120 اسيرا يخوضون اضرابا عن الطعام في سجن عوفر وان المئات من الاسرى ينوون الالتحاق في الاضراب، غير أن عدد من الاسرى نقلوا الى عيادة السجن بسبب تدهور حالتهم الصحية، فيما أعلن الأسرى الغير مضربين بدء خطوات اسنادية للمضربين تتمثل بإرجاع وجبات الطعام بشكل متدرج ، وان اوزان المضربين هبطت ما بين 9-10 كغم.

وفي ٢٧ ابريل  كتبت صحيفة " هآرتس" بأن ما تسمى بـ (ادارة مصلحة السجون) الاسرائيلية صادرت الملح وكل أنواع البهارات من غرف الأسرى الذين يعيشون على الماء والملح فقط.
وأكدت الصحيفة بأن مصلحة السجون الاسرائيلية تتعامل مع الأسرى كموقوفين وتعاقبهم من خلال نقلهم إلى سجون أخرى؛ حيث تم هذا الأسبوع تفكيك قسم الأسرى الأمنيين في سجن هداريم وتوزيع الأسرى على سجون أخرى، متعمدة فصلهم عن العالم الخارجي بشكل كامل.
وعن ردود الأفعال التضامنية
فلسطينياً:
 أعلن الفلسطينيون اغلاق كافة المؤسسات والشركات والمحال التجارية والجامعات والمدارس باستثناء القطاع الصحي فقط تضامناً مع اضراب الأسرى، كما عمت المسيرات التضامنية كافة أرجاء الأرض المحتلة.

 وعربياً:
وجه  الأمين العام لجامعة الدول العربية خطابا عاجلا إلى السيد "أنطونيو جوتيريس"، السكرتير العام للأمم المتحدة، أعرب فيه عن قلقه العميق تجاه الأوضاع اللاإنسانية القاسية التي يعاني منها المئات من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مؤكداً بأن الأسرى الفلسطينيين يعانون من ممارسات قاسية ومهينة في السجون الإسرائيلية، وأن السلطات الإسرائيلية كان رد فعلها الوحيد على الإضراب عن الطعام، والذي يعد الوسيلة الأكثر سلمية المتاحة أمام هؤلاء الأسرى للتعبير عن احتجاجهم على المعاملة التي يلقونها، هو التهديد بتوقيع المزيد من العقاب عليهم، هم والسجناء الفلسطينيين الآخرين الذين لم ينضموا إلى الإضراب.
وطالب ابو الغيط  في خطابه المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في هذا الصدد، ليس فقط من خلال إدانة الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية، ولكن أيضا من خلال ضمان أن تحترم إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لكامل التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الرابعة، وأن لا يستمر التسامح الدولي تجاه الممارسات الإسرائيلية المتعسفة.
 كما طالب السيد "جوتيريس" بأن يبذل مساعيه الحميدة للتدخل بشكل عاجل لضمان أن توقف إسرائيل، على نحو فوري، سياساتها غير الإنسانية وغير المميزة، وأن تستمر مساءلة المجتمع الدولي لإسرائيل عن انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان للأسرى والسجناء الفلسطينيين، وذلك على المستويين القانوني والجنائي.

كما وجه  الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خطاباً إلى السيد "بيتر ماورر"، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر مطالباً  بتدخل اللجنة بشكل عاجل لوقف التجاوزات المختلفة التي تقع بحق الأسرى الفلسطينيين والتي تمثل انتهاكا صريحا لاتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وباعتبار لجنة الصليب الأحمر المنظمة الإنسانية المعنية بمتابعة انتهاكات القانون الدولي الإنساني ومعالجتها فعليها التواصل مع سلطات الدول، حيث يقع على عاتقها مسؤولية العمل على ضمان توفير المعاملة الإنسانية وظروف الاحتجاز اللائقة لكافة السجناء والمحتجزين الفلسطينيين، وأن تتواصل بشكل فوري مع الجانب الإسرائيلي لكي يتم التعامل مع المضربين عن الطعام من الأسرى الفلسطينيين بشكل يتسق مع القواعد والمعايير المنصوص عليها في إطار القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك لتأمين احترام الضمانات ونظم الحماية القانونية المنصوص عليها، ولكي تتوقف السلطات الإسرائيلية عن اتخاذ سياسات ممنهجة تخل بشكل عام بحقوق الإنسان للسجناء الفلسطينيين. كما طالب جميع الأطراف الدولية الفاعلة بالتحرك الفوري لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية.
دولياً
 وفي غضون ذلك أعلنت "كونفيدرالية سيدات ورجال الأعمال الصناعيين الأتراك" وبالتعاون مع بعثة الجامعة العربية في أنقرة ، عن اقامة فعالية تضامنية مع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي، لتسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين وأوضاعهم في سجون الاحتلال الاسرائيلي ودعمهم في اضرابهم العادل ضد الممارسات اللاإنسانية الاسرائيلية.
فيما  أكد وفد العلاقات مع فلسطين بالبرلمان الأوروبي في بيان له تضامنه ودعمه التام لإضراب الأسرى العادل في سجون الاحتلال الاسرائيلي للمطالبة بأبسط حقوقهم، حيث أكد رئيس الوفد "نيوكليس سيلكيوتيس" بأن حقوق الأسرى الفلسطينيين تنتهك بالفعل داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي حسب القانون الدولي ، غير أن عمليات التنقل المتعمدة التي تقوم بها ما تسمى بـ" ادارة مصلحة السجون" ما هي الا انتهاك واضح لاتفاقية جنيف الرابعة، داعياً الممثلية العليا للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية بالاتحاد الأوروبي "فيديريكا موغريني" إلى الاصرار أثناء أي حوار مع الجانب الاسرائيلي على اطلاق سراح جميع الأسرى السياسيين الفلسطينيين وكذلك جميع الأطفال الفلسطينيين المحتجزين بشكل غير قانوني على الفور، وإلى أهمية احتجاز الأسرى الفلسطينيين داخل الأرض الفلسطينية المحتلة وليس في اسرائيل وضرورة احترام حقهم الانساني في محاكمة عادلة، مؤكداً أن اجراء الاطعام القسري للأسرى انتهاك لحقوقهم الأساسية.
كما أكد (مركز الأسرى للدراسات) في ٢٦ ابريل، بأن الاضراب عن الطعام هو أحد أرقى أشكال النضال السلمي الذي يلجأ من خلاله المعتقل المطالبة بحقوق ومطالب إنسانية ترفض القوة الحاجزة تلبيتها ومنحها له بالرغم من كونها حقوق أقرتها كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية ، وأنه ومن الناحية القانونية يُنظر إلى الإضراب عن الطعام على أنه شكل من أشكال المقاومة السلمية وأن العرف الدولي يمنع بوضوح محاولات الضغط علي الأسير لإجباره على العدول عن قراره بالإضراب أو ثنيه عن الاستمرار في خوضه أو إجباره على تناول الطعام، وهو ما نصت عليه الجمعية الطبية الدولية في إعلان مالطا عن حق الإضراب عن الطعام وكذلك إعلان طوكيو، إضافة إلى ما ورد في بيان مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في عام 2006، وبيانات الأمم المتحدة التي تصف الإطعام القسري بأنه نوع من أنواع "التعذيب" ، ولقد  نص إعلان طوكيو بشكلٍ محدد على أنه في حالة رفض السجين الطعام وهو في كامل وعيه وقادر على اتخاذ قرارات لا يجوز أن يتم إطعامه عن طريق تعليق محاليل طبية أو من خلال ادخال انبوب في جوف المضرب من الأنف يتم عبره إدخال السوائل والطعام مباشرة إلى المعدة وما يرافق ذلك من خطر يهدد حياة الأسير ، وهو أسلوب تعذيب قهري يرتقى إلي مستوي جرائم الحرب .
كما أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مؤخرًا قرارين على الأقل بعدم جواز الإطعام القسري إلا في حالات استثنائية محدودة.