جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب: قمة واشنطن

-

تعتبر زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى واشنطن ولقاؤه نظيره الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض، هى أول زيارة لرئيس مصرى إلى البيت الأبيض منذ عام 2004، وهذه الزيارة لها دلالاتها السياسية بكل المقاييس، رغم المحاولات الفاشلة للتنظيم الدولى للإخوان والإعلام الأمريكى وبعض المأجورين من «أقباط أمريكا» وليس أقباط المهجر، وكذلك محاولات قطر وأردوغان لإفشالها أو تأجيلها. وتمثل هذه الزيارة الاستراتيجية لأمريكا امتداداً للقاء سابق بين الرئيسين السيسى وترامب، حيث كان السيسى هو الرئيس الوحيد الذى التقاه المرشح الرئاسى ترامب على هامش اجتماعات قمة الأمم المتحدة، وكانت هناك نقاط اتفاق كثيرة فى الرؤية والبوصلة السياسية، خاصة فى قضايا الشرق الأوسط والقضايا العربية بصفة خاصة، وأولاها القضية الفلسطينية والتعامل مع الكيان الإسرائيلى التى تعتبر أم القضايا للأمة العربية، كما أن لقاء الرئيس السيسى وأبومازن فى القاهرة قبل القمة العربية كان لتنسيق المواقف قبل زيارة السيسى لواشنطن، بالإضافة إلى القضية الرئيسية التى يعانى منها العالم الآن، وهى الإرهاب، خاصة بعد أن طال مجلس العموم البريطانى ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى فى قلب لندن، فأصبحت العمليات الإرهابية على أبواب بل فى طرقات أوروبا وأمريكا، وهذا هو سر التلاقى بين ترامب والسيسى فى أهمية مواجهة الإرهاب والتنظيم الدولى للإخوان وميليشيات داعش التى أصبحت خطراً لا يهدد مصر فحسب بل العالم بأسره، وهذا ما حذرت منه مصر منذ أكثر من سنة ولا أحد يستجيب إلى الحقيقة الغائبة عن هؤلاء الذين كانوا يتصورون أنهم فى مأمن من داعش والعمليات المتطرفة، ولكن بعد وصول الإرهاب لقلب ديارهم صدقت رؤية مصر أن الإرهاب سيطول الجميع. أعتقد أن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة العربية التى تواجه الإرهاب وأجهزة استخبارات عالمية بمفردها دون مساعدة من أحد، ولأنها تواجه ميليشيات مرتزقة يتم تمويلهم وتسليحهم وتدريبهم، للأسف الشديد، من حكام قطر وأردوغان وبعض الدول الأجنبية، ولم يتخيلوا أو يتصوروا أن خير أجناد الأرض سيكونون لهم بالمرصاد .الملف الثانى هو ملف العلاقات المصرية الأمريكية الذى تحول من دور التبعية إلى دور الشراكة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وانتهى عهد التدخل فى الشأن الداخلى من خلال اللعب بورقة الحريات وحقوق الإنسان. هذه الورقة التى يغذيها العناصر المتغلغلة فى شرايين الإعلام الغربى ومراكز صنع القرار من خلال لوبى الإخوان الذى يفعل المستحيل لتشويه صورة الدولة المصرية ولمحاولة إسقاط الرئيس السيسى، ولكن فشلت كل هذه الأوهام أمام وعى الشعب المصرى وإيمانه وحبه الحقيقى للرئيس السيسى الذى يعتمد على الشعب كظهير له ولا يبحث عن ظهير سياسى رغم الدعوات المتتالية له لمحاولة تكوين لوبى سياسى، لكنه يرفض لأنه رئيس لكل المصريين.. وبالرغم من الظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر، فما زالت يد تبنى من خلال خطة تنموية ومشروعات حقيقية على أرض الوطن، ويد تحمل السلاح فى مواجهة ميليشيات الإرهاب الداخلية والخارجية. الملف الثالث على جدول أعمال الرئيسين هو الملف الليبى ومحاولة اختراق البوابة الغربية لمصر من خلال إخوان ليبيا وميليشيات داعش المدعومة من حكام قطر وأردوغان، والحل الوحيد هو رفع حظر التسليح عن الجيش الوطنى الليبى الذى استطاع أن يحاصر الجماعات الإرهابية التى تتخد ليبيا وسيلة للهجوم على مصر، بالإضافة إلى القضية السورية التى كانت الرؤية المصرية لها منذ البداية هى التمسك بالحل السياسى للحفاظ على وحدة الأراضى السورية والجيش الوطنى السورى بغض النظر عمن يحكم البلاد، وهذا خيار الشعب السورى فقط، إلا أن للأسف الشديد، الملف السورى أصبح يديره الروس والإيرانيون والأتراك، ولا توجد دولة عربية واحدة فاعلة فى هذا الملف الهام، رغم أن سوريا تمثل بكل المقاييس البوابة الشرقية للأمن القومى العربى .وأخيرًا.. فإن القمة العربية تنتظر لقاء هاماً بين الرئيس السيسى والملك سلمان برعاية الملك الشاب الديناميكى عبدالله بن الحسين الذى لعب دوراً كبيراً ومعه الشيخ محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبى، والشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، فى تقريب وجهات النظر المصرية السعودية فى هذا التوقيت الهام الذى تمر به المنطقة العربية، وهذا اللقاء كان السبب الرئيس فى تأجيل زيارة السيسى إلى واشنطن لما بعد القمة العربية حتى يكون السيسى حاملاً لهموم وقضايا الشعب المصرى والعربى فى هذا الوقت الهام والحساس. وأعتقد أن قمة واشنطن من أخطر القمم المصرية الأمريكية لأنها تحدد بوصلة العلاقات العربية الأمريكية فى الفترة القادمة.