جريدة النهار المصرية

مقالات

تابوهات روجر-وبولت

مصطفى الطبجى
-

بقلم : مصطفى الطبجى

كثيرًا ما أصادف شعراء في الأمسيات الشعرية، يستهلون قصائدهم بمفتتح، وهو ما لا أفهم له سببـًا، فلا المفتتح له علاقة بالقصيدة، ولا له علاقة بالأحداث المعاصرة، لذة وأسوة بما لا أفهمه، دعوني أستهل مقالي بمفتتح... بدون الاستعانة بمجلد جوجل، أذكر أو أذكري اسم البطلة المصرية الحاصلة على ميدالية برونزية مؤخرًا.
كيف فعلها روجر؟!
العدّاء البريطاني "روجر بانستر"، استطاع قطع مسافة واحد ميل في أقل من 4 دقائق عام 1954، قد ترى الحدث غير ذي أهمية، لكن مسابقة العدو لمسافة ميل واحد، التي بدأ تسجيل نتائجها بشكل رسمي عام 1913، اتفق العلماء على أن الجسم البشري غير قادر على قطع مسافة واحد ميل في أقل من 4 دقائق، وظل ذلك الاتفاق قانونـًا مخلدًا مقدسـًا غير قابل للكسر حتى حطم روجر ما كان يظن الجميع أنه مستحيل.
كيف فعلها بولت؟!
العدّاء الجامايكي "يوسين بولت" الملقب بأسرع رجل في العالم والطلقة بولت، كسر الرقم القياسي لمسافة الـ 100 مرتين، الأولى عام 2008 محققـًا 9.69 ثانية، والمرة الثانية عام 2009 محققـًا 9.58 ثانية، كما حطم الرقم القياسي لمسافة 200 متر، ومسابقة التتابع، محطمـًا كافة قوانين الطبيعة، ناقشـًا اسمه على قطعة رخام الخلود. 
ما رأيكم في إعادة السؤالين مرة أخرى؟؟ كيف فعلها كلاً من روجر وبولت؟؟
إذا دارت إجابتك في فلك التدريب مع وجود إمكانيات ورعاية جيدة وتمويل لائق لصناعة بطل، والذي ربما كان متوفرًا لروجور، فاعلم أن بولت ولد في "تريلاوني" لوالدين كانا يعملان في محل بقالة، ويعاني من الفقر الشديد، لذا لم تتوفر له نفس امكانيات روجر، اعلم كذلك أن إجابتك تفتقد إلى عنصر هام... الثقة بالنفس.
الثقة بالنفس... كلمة نسمعها كثيرًا في محاضرات التنمية البشرية، كلمة نابعة من تحطيم المستحيل في العقل قبل أن ينجح الجسم البشري في تحطيمه على أرض الواقع، أيقن كلاً من روجر وبولت أن عليهما التغلب على قناعات شخصية حاول آخرون ترسيخها في العقول، وتحويلها لتابوهات لا يحق لأحد الاقتراب منها، فما كان منهما إلا أن نجحا في تخليد اسميهما في كتب التاريخ ومجلد الأستاذ جوجل الذي لو لم تستعينوا به لما عرفتم أن البطلة المصرية البالغة من العمر 19 عامـًا اسمها سارة سمير.
عدم الثقة بالنفس، أحد الأعراض التي أصابت المجتمع المصري، اليأس تملك المواطن مسيطرًا على أفكاره وأحلامه، مخططـًا لمستقبله، يقابله استسلام وخنوع من المواطن. الأسوأ من ذلك الخنوع هو محاربة من يحاول كسر تلك التابوهات، من يحاول بث روح الأمل والثقة من جديد في المجتمع المصري، يعامله الخانعون وكأنه وباء يجب الخلاص منه.. ربما لأنه يحاول تحقيق ما فشلوا فيه، أو ربما لأنه يعريهم أمام أنفسهم.
رسالتي لمحطمي التابوهات... كونوا مثل روجر وبولت، التاريخ ينتظركم.