جريدة النهار المصرية

مقالات

«داعش» و شيخ الأزهر!!

شعبان خليفة
-

 

فى تسجيل بثه تنظيم "داعش" عبر الإنترنت أعلن فيه عن قائمة من الشيوخ والعلماء يسعى لاغتيالهم، داعيا كل عناصره للتحرك لتنفيذ ما وصفه التنظيم الإرهابى بالتكليف واجب التنفيذ، جاء على رأس القائمة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب- ما طرح علامات استفهام عديدة حول هذا الإعلان ولماذا شيخ الأزهر على الرغم من أنه رفض تكفير "داعش"؟!

وما الدوافع التى تقود داعش لحرب ضد العلماء وهو يواجه هزائم عسكرية فى سوريا والعراق وليبيا وسيناء؟

علامات استفهام عديدة نجيب عنها فى السطور التالية:

تخبط داعشى

فى البداية نشير إلى أن "داعش" يعانى من هزائم على كافة الجبهات مع تراجع فى التمويل وتجنيد عناصر جديدة وهو يبحث عن أى نصر وهمى خارج ساحات القتال عبر اغتيالات يستعيد بها صورته كتنظيم مرعب وقادر على إنجاز ما يقوله وقيامه بذبح خمسة افراد فى سيناء الأسبوع الماضى وبث الجريمة الشنعاء لمن وصفهم بالمتعاونين مع الأمن المصرى وجواسيس عليه ويؤكد أن التنظيم يتحسس انتصارات زائفة يخفى بها انهياره وانكساره واتجاه "الدواعش" لاغتيال عدد من علماء الدين المسلمين وقتال من يطلق عليهم “أئمة الكفر” دليل على هذا التخبط الداعشى.

 

قائمة الاغتيالات

وقد حدد هؤلاء الإرهابيون فى التسجيل المصوّر قائمة المستهدفين وعلى رأسهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومفتى عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ يوسف القرضاوى ما يعطى مؤشرا على غضب التنظيم من قطر بعد أن كانت خارج دائرة غضبه لدورها فى تمويله بليبيا وسوريا.

ومن الأسماء التى وردت فى التسجيل، الدكتور على جمعة مفتى مصر السابق، والشيخ محمد حسان، والدكتور سلمان العودة، ومحمد العريفى، وعائض القرنى، وعبدالعزيز الفوزان، وراتب النابلسى، والشيخ العراقى أحمد الكبيسى، ومفتى سوريا أحمد حسون، بالإضافة إلى دعاة وشيوخ آخرين

فى السعودية ومصر والعراق بعد اتهامهم بالارتداد عن الإسلام وقاموا بتحريف معنى الجهاد.

وأرفق التنظيم فى إصداره، الذى حمل عنوان “عملاء لا علماء”، تسجيلات لمواقف عدد من العلماء ضد تنظيم "داعش"، واصفاً اياهم بـ”علماء السوء” وكلمات قبيحة نعف عن نشرها، كما اتهم فتاواهم بأنها السبب فى الحرب ضد التنظيم مبرراً تحركه لاستهداف هؤلاء العلماء بأنهم “أئمة الكفر”.

ويصف التنظيم الإرهابى فى تبجح  قتل العلماء بأنه “خير كثير ونفع عظيم”، مطالبًا أعضاءه بتنفيذ عمليات اغتيال هذه الأسماء، متى يحين لهم ذلك عن طريق الذبح بالسكاكين لـ”تطهير الأرض منهم".

استهداف الأزهر

ليس ثمة شك فى أن استهداف الأزهر من جانب تنظيم "داعش" رغم

رفض الأزهر تكفيرهم وتأكيده أنه لا يمكن تكفير مسلم مهما بلغت ذنوبه، مكتفياً بوصف أفعال الدواعش بأنها ليست أفعال أهل الإسلام، بل هى أفعال لا تصدر من مسلمين ويكشف عن حجم التأثير الذى احدثه الأزهر بخطته لمواجهة داعش بل دعوته صراحة لمحاربتهم بوصفهم بُغاة فى الأرض هم وكل من يمارس الإرهاب وقد وصفهم الأزهر بأنهم قاموا بإشاعة الفساد، وهتك الأعراض، وقتل الأنفس، ثم انتهوا إلى تكفير الأمة فتحقق فيهم الحرابة والبَغى، وطالب الأزهر كل علمائه بالتصدى له فى المحافظات بعد أن أعادوا انتشارهم هرباً من ضربات الجيش والشرطة لتجمعاتهم فى سيناء.

كعبة العلم والعلماء

والذى لا شك فيه أن الدواعش يعرفون قدر الأزهر وتأثيره فى حال تفعيل دوره فى مواجهة هذا الفكر المتطرف الذى هو أخطر من الرصاص فكما  يوضح د. رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث فإن الأزهر  يمثّل لدى المسلمين فى العالم كله مرجعية مهمة فى كل القضايا الدينية المعاصرة، وكما قال أحد علمائه الكبار (إذا كانت الكعبة فى مكّة تمثّل للأمّة الإسلامية رمزاً للتوحيد ورمزاً للإسلام فإن الأزهر هو كعبة العلم والعلماء) انطلاقاً من هذا المعنى المُعبّر مطلوب حركة إحياء تعليمى ودينى وثقافى وسياسى داخل الأزهر الجامع والجامعة، وهى حركة تبدأ من إعادة الاعتبار لموقع (الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر)، وأن يُعاد النظر فى المناهج التعليمية داخل معاهده وكلياته ومنابره الفقهية بما يربطها أكثر بقضايا الأمّة والوطن، ومن المهم إعادة قراءة ونقد ومراجعة قانون تطوير الأزهر ذاته الصادر عام 1961 بما يفيد الأزهر الجامع والجامعة ويعيد لهما دورهما.

ولا شك فى أن قائمة اغتيالات "داعش" الجديدة تكشف أن مكافحة الفكر المتطرف وتوعية الشباب بضلاله وانحرافه بمختلف اللغات الأجنبية على غرار ما يفعل مرصد الأزهر يمثل خطوة مهمة للقضاء على تنظيم داعش.. ويسهم فى تجفيف كافة منابعه وتمنع عنه التمويل والتجنيد وهى أهم خطوة يجب أن ترافق العمل الأمنى والعسكرى ضد هولاء القتلة.