جريدة النهار المصرية

مقالات

عودة البرادعي

شعبان خليفة
-

 

منذ ثورة 25 يناير 2011 تحول مطلع كل عام إلى حالة من الغليان ما بين الخوف من اشتعال الاضطرابات السياسية وارتفاع وتيرة التفجيرات الإرهابية والهدف واحد هو إسقاط النظام ونشر الفوضى ..و لم يكن يناير هذا العام 2017 استثناء من هذا الوضع، فقبل أسبوعين من الذكرى السادسة لثورة يناير وبعد ثلاث سنوات من الانزواء والاختفاء يعلن محمد البرادعى ما يسميه عودته للعمل العام وعبر التليفزيون " العربي" يظهر فى سلسلة حوارات جوهرها وصلبها ذات ما فعله مع نظام مبارك حيث التركيز على أن الحكم  فى مصر غير رشيد وغير قادر على قيادة البلاد وحل أزماتها ؟ وبالتالى لابد من إزاحته وتغييره.

عودة البرادعى فى هذا التوقيت طرحت السؤال لماذا الآن ؟ وما هو هدف البرادعى من هذه العودة بعد أن هرب واختفى وانزوى ثلاث سنوات كاملة؟

ثم هل هى مصادفة أن يترافق مع عودة البرادعى عودة السيارات المفخخة لتنفجر فى كمين المساعيد بالعريش، التى للمفارقة أيضاً كانت آخر مشاهدة ومشاركة لها فى الإرهاب فى ضرب منشآت مهمة منذ ثلاث سنوات عندما تم تفجير مديرية أمن القاهرة بسيارة مفخخة فى يناير 2014 ثم اقتصر استخدامها على محاولات اغتيال فشل بعضها مثل عملية استهداف موكب وزير الداخلية السابق اللواء  محمد إبراهيم ونجح البعض الآخر كعملية استهداف موكب النائب العام السابق المستشار هشام بركات ..مشاهد وأحداث وعلامات استفهام نجيب عنها فى السطور التالية.

من سويسرا للقاهرة

معلوم أن الدكتور محمد البرادعى الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية عاد إلى مصر فى العام 2011 بعد لقاءٍ جرى فى سويسرا عبر رجل أعمال مثير للجدل للمفارقة أيضاً أنه تلقى مؤخراً ضربات موجعة فيما يتعلق بالهيمنة الإعلامية والسياسية التى أنفق فى سبيل تحقيقها الكثير وعبر إعلامى أيضاً انضم إلى قائمة مجاريح يناير فضلاً عن مالك قناة الشرق أيمن نور وقيادة حزبية لا تزال على الساحة السياسية بحزبها العتيق ..كان شعار هذا الفريق وخطته اللعب على السياسة بشخصية دولية لتكون فى مواجهة نظام مبارك المريض ومهدوا الأرض وعاد البرادعى حالماً برئاسة البرلمان أو رئاسة مصر ولم تكن عينه على رئاسة الحكومة كما اعتقد البعض وقتها ..لكن الإخوان دخلوا على الخط وأخذوا الغنيمة كلها ولم ينل البرادعى وفريقه سوى الخيبة والمطاردات حتى أن رجل الأعمال المثير للجدل هرب خارج مصر ولم يعد إلا بعد انتهاء عصر الإخوان ... وبعد سقوط الجماعة عادوا لغيهم القديم أملاً فى تعويض ما ضاع منهم واتيح للبرادعى أن يصل لمنصب، نائب رئيس مصر ثم عندما وقعت المواجهة هرب إلى إقامته الأولى فى النمسا وبعد ابتعادٍ دام لمدة 3 سنوات وعلى وقع وتيرة الأزمات الاقتصادية والسياسية التى تمر بها مصر هو ذات الفريق يعيد الكَرة مرة أخرى أملاً فى أن يحصد ذات النتيجة "إسقاط النظام ".

تحالف جديد

ربما هذه المرة يكمن الفارق فى تحالف جديد بتركيبة جديدة  تضم الإخوان وحلفاءهم مع بعض القوى السياسية الأخرى التى توصف بالعلمانية وكل طرف لدية اعتقاد بالقدرة على الانفراد بالكعكة فى الوقت المناسب .. ولذا فإن القصف متناسق مدعوم ببعض الحقائق فلاشك فى أن الأزمات التى تمر بها مصر تغرى كل من تسول له نفسه بالانقضاض عليها اعتقاداً بأنه التوقيت المناسب والفرصة السهلة لتحقيق الهدف ..وهو إسقاط النظام الذى يصفه البرادعى بغير الرشيد وهو تعبير له دلالته باعتبار البرداعى عضواً فيما يُعرف بالمجموعة الدولية للأزمات التى تلعب دوراً عابرا للدول فى فرض شخصيات بعينها على مقاعد السلطة.

عاد البرادعى للواجهة، وفي أول ظهور إعلامي على شاشة عربية منذ حوالي 3 سنوات، وقبل أسبوعين من الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، التي أطاحت بحكم حسني مبارك في العام2011 وصف أوضاع الحكم الحالى بالبائسة مع تلميحات عن أن هدفه نقل الحكم من حكم سلطوي لحكم حر.

واستخدم تعبيراً له دلالته وهو قوله "لن ينصلح الحال في مصر ولا العالم العربي إلا بالتوافق على العيش معا، دون ذبح وشيطنة الآخر" فى إشارة واضحة للإخوان .

وعندما سأله المحاور هل سيكون له دور في التغيير، لاسيما في مصر، خلال الفترة المقبلة، قالها صريحة" لكن لست وحدي".  

عودة السيارات المفخخة

للمفارقة ومع عودة البرادعى وسلسلة التسريبات المذاعة له سواء مع سامى عنان رئيس الأركان الأسبق أو شتائمه فى كل السياسيين والإعلاميين وهى التسجيلات المثيرة للجدل والطارحة لعشرات من علامات الاستفهام عن من سجلها ومن أمر بإذاعتها وما الهدف منها إلى آخر هذه الأسئلة فضلأ عن دلالتها وما ستؤدى إليه نقول للمفارقة مع هذه العودة عادت التفجيرات بالسيارات المفخخة صباح الاثنين الماضى.

حيث تعرض "كمين المطافئ" الواقع بغرب مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء لهجوم بسيارة مفخخة مما أدى إلى سقوط  10 شهداء  من رجال الشرطة وإصابة آخرين.

وعقب التفجير هاجمت العناصر المتشددة الكمين بأسلحة آلية وقذائف "آر بي جي"، ووقعت اشتباكات عنيفة بين الإرهابيين ورجال الأمن تاركة خلفها أيضاً علامات استفهام عديدة سواء فيما يتعلق بالتوقيت أو طريقة التنفيذ.

وما بين الاضطرابات السياسية والتفجيرات الإرهابية أبرز سمات شهر يناير ثمة قواسم مشتركة تشير لخطر وربما أخطار تلوح فى سماء الوطن وتحتاج للحكمة والحسم فى مواجهتها.