جريدة النهار المصرية

مقالات

7 ملفات شائكة على مكتب الرئيس

شعبان خليفة
-

 

من بين الملفات الكثيرة الشائكة على مكتب الرئيس السيسى، بحكم منصبه، يبرز سبعة ملفات تحظى باهتمام أكثر من غيرها سواء لارتباطها بالأمن القومى أو للحاجة الملحة والعاجلة للتعامل معها فى عام 2017 الذى يطل علينا خلال أيام معدودة.

من أبرز هذه الملفات ملف التغيير الوزارى الذى يواجه إشكالية دستورية تجعله أكثر صعوبة وتعقيداً عما كان عليه فى الماضى رغم الضرورة الملحة له وتحوله إلى مطلب شعبى.. ثم ملف الإرهاب الذى تسعى مصر للقضاء التام عليه بعد مواجهات وضربات مؤثرة لأوكاره وعناصره، أما الملف الثالث فيتعلق بالآثار المترتبة على تعويم الجنيه وتعويض المضارين منه، والملف الرابع يتعلق بقضية عودة السياحة والآثار المدمرة لغيابها على الاقصاد ثم يأتى ملف سد النهضة كملف خامس فى دائرة الملفات المهمة، خاصة بعد زيارات بعض المسئولين الخليجيين سواء من السعودية أو قطر لإثيوبيا وزيارة السد نفسه وإعلان استعدادهما للمشاركة فى تمويله... يليها ملف الإعلام بعد قانون الهيئات الإعلامية وأخيراً ملف جزيرتى تيران وصنافير.. وهى الملفات التى سنلقى الضوء الكافى عليها فى سطور هذا الملف:

  1.  

التغيير الوزارى مأزق دستورى وأمر برلمانى

 

شعبياً وعبر وسائل الإعلام تغيرت حكومة شريف إسماعيل كثيراً فمع كل أزمة أو كارثة ومع انفلات الأسعار صار المطلب الملح والضرورى والعاجل تغيير الحكومة التى يصفها البعض بالعاجزة ويصفها آخرون بفاقدة الصلاحية.. الرئيس عبدالفتاح عبر تقارير تصله يدرك هذا المطلب خاصة أن الشهور الأخيرة شهدت نشر أنباء على نطاق واسع عن أن الحكومة تغيرت بالفعل؛ ما دفع بمصدر رئاسى لنفى إقالة حكومة المهندس شريف إسماعيل وإسناد تشكيل الحكومة لشخصية عسكرية كما راج فى سبتمبر الماضى.

وقال المصدر لوسائل الإعلام إنه ليس صحيحا على الإطلاق ما يتردد فى هذا الشأن، لافتا إلى أن تغيير رئيس الحكومة ليس مطروحا نهائيا فى الوقت الراهن، لعدة أسباب على رأسها أن الحالة الاقتصادية وجهود جذب الاستثمار تستوجب حالة من الاستقرار الحكومى، فضلا عن القواعد الدستورية المنظمة لتغيير الحكومة وهذه الجملة الأخيرة للمصدر الرئاسى هى مربط الفرس؛ فوفق الدستور أصبح تغيير الحكومة عملية معقدة ولها ضوابط تجعل رئيس الدولة، أى رئيس، فى حالة تردد وأمام حسابات مربكة.

تنص المادة 146 من الدستور فى هذا الشأن على أنه: "يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، عُدّ المجلس منحلاً، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل، وفى جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها فى هذه المادة على ستين يومًا..".

وفى ضوء هذا المأزق الدستورى ورغم أن الكثير من نواب مجلس النواب هم من يطالبون بتغيير الحكومة إلا أن إقالة حكومة المهندس شريف إسماعيل تتعثر وتصبح خياراً صعباً ومع هذا فإن تصاعد الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار وما يتردد بشأن صحة رئيس الحكومة سيجعلان من عملية التغيير بحلول عام 2017 خيار الضرورة لمواجهة موقف معقد ومتأزم ويزداد كل يوم تعقيدا، خاصة فى الوزارات الخدمية فضلاً عن وزراء المجموعة الاقتصادية وسوء الأداء فى العديد من الملفات المهمة المرتبطة بالاحتياجات الأساسية للمواطنين.

 

(2)

مواجهة حاسمة ونهائية مع الإرهاب

 

آمال كبيرة بأن يكون عام 2017 عام الحسم فى مواجهة الإرهاب، خاصة دواعش سيناء وحسم الإخوانية.. هذه العناصر التى تتسم بالشراسة الإجرامية فى عملياتها والتى برزت تطوراتها فى التفجير الانتحارى بالكنيسة البطرسية الذى سجل قدرات أمنية غير مسبوقة فى كشف الجانى فى وقت قياسى وبأدلة دامغة لا تقبل الشك، حيث تابع العالم كله بالصورة والكلمة كيف  تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من تحديد الجانى، والمتورطين فى العملية الإرهابية، فى أقل من 24 ساعة فقط ثم إعلان الرئيس بنفسه اسم الجانى والخلية التى يتبعها والتى سقطت جمعيها ومعها أجهزة التفجير المعدة لتنفيذ عمليات مماثلة.

وثمة إدراك رئاسى كبير لخطورة هذا الملف الذى يحظى باهتمام خاص من الرئيس باعتباره أخطر الملفات على حاضر ومستقبل مصر وله انعكاساته الخطيرة إن لم يتم حسمه.

أكثر من خبير متخصص فى قضايا الإرهاب فضلاً عن مصادر موثوقة  يؤكدون أن تنظيم دواعش سيناء الذى يطلق على نفسه اسم "ولاية سيناء" يتهاوى بالفعل فى مدينتى رفح والشيخ زويد، وأن ما تبقى منهم مجرد فلول وجيوب يمكن تدميرها بالعمليات النوعية والضربات الجوية، خاصة أن أغلب قيادات التنظيم الإرهابى قتلت واستطاع الجيش المصرى وقوات الشرطة أن يصلوا إليهم، فباعتراف القائد الجديد للتنظيم فى حوار لجريدة نبأ الداعشية على الإنترنت فإن أربعة من قادة للتنظيم، هم شادى المنيعى وكمال علام وابواسامة المصرى ثم أبودعاء الأنصارى تم قتلهم وهو اعتراف يكذب الأكاذيب السابقة للتنظيم عن عدم قتلهم حفاظاً على الروح المعنوية المنهارة للتنظيم الذى لم يحقق أى هدف من اهدافه على مدار ثلاث سنوات خاصة ما يتعلق بمزاعم الإمارة الإسلامية فى سيناء والتى بنى الإخوان عليها احلامهم فى العودة للسلطة.

ويمثل مقتل أبودعاء المصرى واسمه الحقيقى محمد فريج زيادة وهو شقيق مؤسس التنظيم فى سيناء الإرهابى توفيق فريج زيادة الذى قتل خارج سيناء- علامة فارقة فى كسر شوكة هذا التنظيم كما يقود إلى تخبط وارتباك التنظيم امام قوة الجيش المصرى فى سيناء والتى باتت واضحة للجميع.

وبرغم خطورة الإرهاب وطول المدى الزمنى الذى تستغرقه المواجهة معه للقضاء عليه أو على الأقل حبسه فى جحوره إلا أن آمالا كبيرة فى ظل الضربات القوية له فى سيناء وكافة البؤر قد تسهم فى اعلان سيناء منطقة خالية من الإرهاب خلال عام 2017، وهو أمل كبير وتحققه يمثل نقطة فارقة فى توجيه الجهود المصرية للتنمية فى منطقة واعدة كسيناء التى حرمت من التنمية الحقيقية لسنوات طويلة.

(3)

معالجة الآثار الكارثية لتعويم الجنيه قضية أمن قومى

 

فى 3 نوفمبر 2016 قرر "البنك المركزى" تحرير سعر صرف الجنيه، ليتحرك سعره من 8.88 جنيه إلى ما يقترب من عشرين جنيها مقابل الدولار الأمريكى لأول مرة فى التاريخ، ما تسبب فى ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمصنعة محليا على نحو يفوق طاقة المواطن المصرى الذى كان قد وصل إلى أصعب وأقسى درجات الاحتمال. الكارثة لم تصب الأفراد فقط بل أصابت الشركات أيضاً ورغم أن الرئاسة قد كررت كثيراً وعبر الرئيس مباشرة إدراكها هذه الآثار الصعبة والخطيرة وإصدار توجيهات للحكومة بالتخفيف على المواطنين إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث بل إن معاناة المواطن فى زيادة مستمرة، حيث أصبح المواطن يُفاجأ بتغيير أسعار السلع، ليس كل أسبوع، أو حتى كل يوم، بل إن السعر قد يرتفع مرتين فى ذات اليوم.

وبكل أسف لا تقتصر هذه الحالة على سلع دون غيرها، بل إن جميع الأسعار بداية من الفول والعدس، مرورًا بالزيت والسكر والأرز وانتهاءً بأسعار السيارات والعقارات، وفى جميع هذه الحالات لا يملك رجل الشارع العادى إلا أن يشق جيوبه، ويلطم خدوده، ويرفع كلتا يديه للدعاء سواء على الحكومة أو غيرها وهو أمر باتت التقارير المرفوعة للرئاسة مدركة له ولا تتجاهله، فبعد مرور أقل من شهرين على تخفيض قيمة العملة بمقدار 48% ومع وصول سعر صرف الدولار أمام الجنيه إلى نحو 20 جنيهًا نجد أن الأرقام تضعنا أمام حقيقة واحدة أنه تم تخفيض سعر العملة بقيمة تزيد على 90% وهو ما يسميه خبراء الاقتصاد بـ"انهيار العملة المحلية" وهو وضع بالغ الخطورة بل كارثى يتطلب موقفا حازما من أعلى سلطة فى البلاد وإلا ستكون عواقبه كارثية إذ لابد من مخرج آمن من هذه الأزمة.

إن الإجراءات المؤلمة التى وعد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء المصريين تجاوزت احتمال المواطن الذى اكتوى بالفعل بنار ارتفاع الأسعار التى لم يعد أحد قادرا على مواجهتها.

وإذا كانت الحكومة المصرية وافقت، الأحد، على مشروع قانون لتعويض شركات المقاولات عن الخسائر التى لحقت بها بعد قرار تحرير سعر الصرف “تعويم الجنيه”، وتأثيره على أسعار مواد البناء والنقل رغم  تحذيرات برلمانية من أن هذه التعويضات “تمثل خطورة كبيرة على مشروعات الدولة التى تنفذها، خاصة فى مجال الإسكان فإن المواطن محدود الدخل والفقير فى حاجة لقرارات مشابهة تخفف عنه وقع الأزمة.. فملف آثار تعويم الجنيه على الاقتصاد وعلى المواطن بات فى حاجة لإعادة نظر وتدخل رئاسى يوقف ذلك الخطر الذى قد يقود البلاد إلى اضطرابات لا يتمناها أحد ولا يقبل بها أحد.. ولا بد من حزمة إجراءات تعالج هذه الآثار وإلا تراكم الصديد على الجرح وربما أدى لتسممه وساعتها سيكون من الصعب علاجه.

(4)

السياحة بوادر أمل فى إنقاذ محتمل

عانت مصر منذ 2011 من التراجع الرهيب فى السياحة التى تمثل مصدرا مهما للدخل القومى من العملات الصعبة وتوفر فرص عمل كثيفة ومتعددة  وخلال العام 2016.. ومع ملامح انتعاش جاءت كارثة سقوط الطائرة الروسية وسلسلة من حوادث الطيران لتُحطّم المساعى المصرية لانتشال قطاع السياحة من كبوته حيث جاءت الكارثة بعد أن بلغ إجمالى السياح الوافدين لمصر 9.3 مليون سائح خلال 2015 وكان الأمل فى ارتفاع الرقم لعشرة ملايين سائح كبيراً.

فقد تسببت حوادث الطائرات التى شهدتها مصر خلال عام 2016 فى ركود قطاع السياحة، إذ لم يتوقف الأمر على سقوط طائرة ركاب مدنية روسية فى سيناء، فى أكتوبر 2015، حتى شهدنا واقعتى “الخطف” والتحطيم” عندما بقى 81 شخصًا رهن مغامرة رومانسية لشخص مثير للجدل من القاهرة لقبرص، قبل أن تسقط طائرة أخرى فى عرض البحر المتوسط قادمة من باريس.

وتلقى قطاع السياحة المصرية، ثلاثة أحداث متتالية، قضت على آمال انتشاله من كبوة أصابته عقب أحداث ثورة 25 يناير 2011.

رغم هذا فإن ثمة بوادر أمل تتمثل فى زيادة مساعى الحكومة لاستعادة الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، من خلال وضع خطة تهدف إلى جذب 10 ملايين سائح بنهاية العام 2017 من الأسواق السياحية.

فقد زارت لجنة رفيعة من وزارة السياحة المصرية الجزائر، ضمت فى عضويتها ممثلى شركات سياحية ومؤسسات فندقية من القطاع الخاص، من أجل التشاور والتباحث مع شركات السياحة العاملة فى السوق الجزائرية لتعزيز حركة السياحة الوافدة إلى القاهرة والمدن المصرية السياحية.

وتأتى الخطوة فى سياق سلسلة من الإجراءات التى أعدتها الحكومة المصرية لفائدة السواح الجزائريين وفق خطة محكمة تستهدف جلب زهاء مليون سائح من مجموع 4 ملايين جزائرى يقضون عطلاتهم سنويًا خارج البلاد ويتوجهون فى الغالب نحو تونس وتركيا والمغرب وبعض بلدان أوروبا.

وتقرر اختزال مدة دراسة طلبات الحصول على التأشيرة السياحية إلى حدود 48 ساعة بعدما كان الأمر يخضع لإجراءات معقدة قد تتجاوز 45 يومًا دون حتى أن يتلقى طالب الفيزا ردًا إيجابيًا.

وستسهم هذه الخطوة فى تغيير بوصلة اهتمامها إلى السائح الجزائرى لإنعاش الاقتصاد المصرى فى حال نجاحها، إضافة إلى بدء تسيير 4 رحلات طيران أسبوعيًا من ألمانيا، إلى مدينة شرم الشيخ، اعتبارًا من 23 ديسمبر الجارى.

ويعد هذا بادرة طيبة تعكس ثقة الألمان فى المقصد السياحى المصرى، ويعتبر خطوة إيجابية نحو استعادة الحركة السياحية الوافدة لمعدلاتها، خاصة بالتزامن مع موسم الشتاء الحالى.

وبذلك يصل إجمالى عدد الرحلات القادمة من ألمانيا إلى مدينة شرم الشيخ إلى 5 رحلات أسبوعيًا، بعدما قامت إحدى الشركات بتسيير أولى رحلاتها الأسبوعية من مدينة “فرانكفورت” الألمانية إلى شرم الشيخ فى أكتوبر الماضى، إضافة إلى أن هناك 4 رحلات أخرى يتم تسييرها من المدن الألمانية إلى مدينة الأقصر.

(5)

الإعلام المصرى بعد قانون الهيئات الإعلامية.. إلى أين؟

رغم كل السوء الذى يمر به الإعلام المصرى متجلياً فى حالة الفوضى والعشوائية خاصة على الشاشات وفى الفضاء الإلكترونى إلا أن كثيرين يتوقعون أن يكون عام 2017 هو الأسوأ خاصة فى مجال الحريات واقتصاد الإعلام  المأزوم،  والأخطر من دخول قانون الهيئات الإعلامية حيز التنفيذ والذى سيكون على الرئيس اختيار أغلبية عناصرها لتكون هى المتحكم الأبرز فى كافة وسائل الإعلام وبخاصة الصحف القومية سواء ما يتعلق باختيار رؤساء مجالس إداراتها أو رئاسة تحريرها كما سينتهى المجلس الأعلى للصحافة بوجود الهيئات الإعلامية التى أثار فصلها عن قانون تنظيم الصحفى ليصبح قانونين بدلاً من قانون موحد للإعلام... وهو القانون الذى شارك فى اعداده لجنة ممثله من كل المعنيين بالصحافة والإعلام سواء نقابة الصحفيين أو المجلس الأعلى للصحافة.

وقد مرت قوانين الهيئات الإعلامية بعدة مراحل، منذ عهد رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، حيث تم تشكيل لجنة من نقابة للصحفيين والمجلس الأعلى الصحافة وأطلق عليها لجنة الخمسين، وبعد رحيل حكومة محلب تم استكمال المهمة وتم إحالة القانون لمجلس الدولة وطالب قسم التشريع الحكومة بضرورة الانتهاء من تشكيل للهيئات الوطنية للاعلام والصحافة  والقوانين المتعلقة بتنظيم الصحافة.

وقد أثار الفصل بين القانونين مشاكل بل مخاوف عديدة لا تزال مستمرة سواء لما احتواه من هيمنة السلطة التنفيذية على تشكيل الهيئات الثلاثة أو ما أثير بشأن عدم دستوريتها وفى كل الحالات سيكون ملف الإعلام واحداً من الملفات المهمة التى على مكتب الرئيس، وعلى الرئيس حسمها ومن المتوقع أن تتغير خريطة الإعلام فى 2017 بصورة كلية فى اشخاصها وربما محتواها.. هل يكون ذلك بالسلب أم بالإيجاب؟ سؤال سوف تجيب عنه الأحداث خلال العام 2017 عبر الممارسات والمواقف على الشاشات وصفحات الصحف وخلف الميكروفون أيضاً.

الأخطر أن يحدث صدام خلافات وصدامات بسبب الخلاف على هذا الفصل التشريعى فضلاً عن هيمنة السلطة التنفيذية على الإعلام والصحافة لنحو ينسف تماماً فكرة استقلالهم وهو أمر تظهر بوادره وملامحه فى موقف نقابة الصحفيين من قانون الهيئات الإعلامية.

 

 

(6)

سد النهضة انتقل من تهديد إثيوبى إلى شغب سياسى خليجى

سيظل سد النهضة قضية معقدة وشائكة خاصة بعد أن انتقل من مجرد خطر اثيوبى على حصة مصر من مياه نهر النيل إلى خطر سياسى خليجى بعد زيارة مسئولين سعوديين وقطريين للسد والإعلان عن مشروعات مشتركة مع إثيوبيا بل عرض المشاركة فى تمويل السد وأى سدود أخرى، وقد برز الشغب هذا الاسبوع فى حوار اجرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية مع وزير الخارجية الإثيوبى، “ورقنى جيبوه"، ونشرته الاثنين وتطرق فيه إلى العلاقات المصرية الإثيوبية.

اتهم “جيبوه” السلطات المصرية، خلال حواره مع “الشرق الأوسط”، بإيواء جماعات مناهضة للحكومة الإثيوبية، وأنها ما زالت تنتظر رداً قاطعاً من مصر، تقدمت به لوقف نشاطات مجموعات معارضة تعمل علنًا فى مصر.

وأشار وزير الخارجية الإثيوبى إلى أن نشاط تلك المجموعات ليس سريًا، فهى تعقد اجتماعات مفتوحة وتقدم إفادات للإعلام، وتعمل ضد وحدة بلاده

فى حين أن مصر أنكرت واستنكرت هذا الكلام مراراً وتكراراً وأكدت على علاقة متميزة مع اثيوبيا لكن رغبة سعودية قطرية فى تعكير هذه العلاقة باتت واضحة وتحمل مؤشراً غير طيب يجعل من مشكلة سد النهضة ملفاً مهماً للغاية بالنسبة لمصر، فالدور الذى تلعبه قطر والسعودية فى الفناء الخلفى لمصر "دول قارة افريقيا" سيكون له عواقب وخيمة لأن الأمر يتجاوز الاعراف الدبلوماسية وعلاقات الأخوة الى التآمر والتحريض الصريح ضد مصر، وأعتقد أن قناة الجزيرة ستشارك فى الأمر وتستضيف بدورها الرئيس الاثيوبى أو رئيس الحكومة لمهاجمة مصر بهدف رد مصرى يزيد الموقف اشتعالاً .

وبالتالى فإن ملف سد النهضة يحتاج فى ادارته إلى رؤية جديدة تتوافق والتطورات الحادثة فيه.

(7)

تيران وصنافير.. ملف ملغوم من ينزع فتيله: القضاء أم البرلمان؟

لم يكن الرأى العام المصرى مهتماً بل ربما لا يعرف قصة هذا الملف الملغوم وربما هى المرة الأولى التى وجد المواطن المصرى نفسه فيها مذهولاً عندما تم الإعلان عن إعادة جزيرتى تيران وصنافير للسعودية لتشهد مصر جدلاً لم تشهده من قبل بين رافضين لهذا التنازل والحديث عن أنهما سعوديتان من الأساس وبعض مؤيدين يخرجون خطاباً من هنا وخطاباً من هناك... ووصل الأمر الى ساحة القضاء واصبحت المعركة ليست ثرثرة حول تاريخ أو جغرافيا بل حديث عن أرض وسيادة وحكم القضاء بمصرية الجزيرتين وتواصل الصراع ليصل حتى كتابة هذه السطور إلى أن الجزيرتين قضائياً مصريتان التنازل عنهما لا يجوز.. وما بين المادة والدستور والقضاء والبرلمان والرأى العام يتواصل الجدل ليفرض الملف نفسه منذ أن تفجر مع زيارة الملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز لمصر.

فى 7 إبريل، وأثناء زيارة العاهل السعودى وقعت الحكومة اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية، متضمنة تسليم جزيرتى "تيران وصنافير" للمملكة، ما أدى إلى احتجاجات شعبية وصفت هذا الإجراء بأنه تنازل وبيع للوطن ترتب عليه بعض الاعتقالات، حيث يرفض قطاع كبير من المصريين الرواية الرسمية عن أن الجزيرتين سعوديتان ولا يزال الأمر كلغم يبحث عمن ينزع فتيله هل سيكون نزع فتيله بحكم قضائى بات ونهائى أم سيعود الأمر للبرلمان.. قضية شائكة هى الأكثر اثارة فى عهد الرئيس السيسى الذى كشف بنفسه عن أنه هو من أعاد هذا الملف للواجهة.

وقد قررت محكمة القضاء الإدارى فى 8 نوفمبر، تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية الصادر فى يونيو، ما تسبب فى الأزمة بين مصر والسعودية والتى لا يزال صداها مستمراً خاصة بعد أن تقدم النائب محمد بدراوى رئيس الكتلة البرلمانية لحزب “الحركة الوطنية”، الذى يرأسه الفريق أحمد شفيق، بسؤال عاجل بشأن الوضع الحالى للعلاقات مع السعودية، ومصير الاتفاقيات التى عقدت بينهما، خاصة “تيران وصنافير”، فى أول إجراء رسمى داخل البرلمان حيال هذا الموضوع.

وطالب بدراوى بتوضيح الموقف والرؤية بشأن مسار العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية مع السعودية، وحق نواب الشعب بمعرفة الموقف الرسمى من حزمة الاتفاقيات التى سبق أن تم توقيعها مع المملكة.

وقال النائب إن "المشهد يؤكد أن مسار العلاقات بين البلدين غير متزن، ويشوبه بعض الغموض وانعدام فى الرؤى، خاصة أن هناك مجموعة من الاتفاقيات التجارية لا تزال معلقة، وهى الخاصة بالتعاقد مع شركة أرامكو لتوفير النفط والبترول لمدة 5 سنوات مقبلة".

واستفسر النائب عن “مصير مشاريع تنمية شبه جزيرة سيناء، وإنشاء جامعة الملك عبدالله، وتطوير مستشفى قصر العينى، وغيرها من الاتفاقيات، التى لا يُعرف مصيرها حتى الآن، فى ظل ما يتردد من توتر فى العلاقات بين البلدين، وفى ظل عدم وصول البرلمان أى شىء يخص سريان هذه الاتفاقيات من عدمه.