جريدة النهار المصرية

مقالات

وداعاً محمد عنبر

الطبجى
-

 

بقلم : مصطفى الطبجى

يا أطيب من رافقت من رجل يرحمه ربى كـان أحسننا.. عذبـًا صدوقـًا سمحـًا جلدًا صبورًا قانتـًا حزنـًا.

ربما لا ترغب سنة 2016 فى الرحيل، إلا بإصرار على حرماننا من أعزاء لنا، نفقد معهم جزءا آخر من إحساسنا العام بطعم الحياة، هكذا بكل بهدوء وعلى مكتبه وسط زملائه رحل محمد عنبر، تاركـًا وراءه وطنـًا يتألم فى صمت، قضايا لم تغلق ملفاتها بعد، فلاحون وعمال يعانون لم يجدوا من يحنو عليهم، رحل حاملاً معه هموم مواطن وأحلام أب وطموحات ثائر وآراء سياسى ومواقف مناضل وذكريات معتقل.

من هؤلاء الذين لم يسعوا للتكسب من الثورة رغم دوره البارز بها، أدرك المخزى الحقيقى من شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية"، لم يكن متاجرًا ولا منتفعـًا، من القلائل الذين لم تلوثهم السياسة، الذين لم يتلونوا لتحقيق مصالحهم، من هؤلاء الذين يجب أن تسبق اسمه بلقب أستاذ.

ليس فارق السن هو المقياس، بل صفاته هى الأساس، فلقد كان أستاذًا فى إنسانيته، أخاً أكبر تلجأ إليه إذا ما واجهتك مشكلة شخصية، أستاذا فى آرائه وأطروحاته السياسية حتى لو اختلفت معها، بشكل شخصى كنت أختلف معه بنسبة كبيرة، لكنك لا يمكنك إلا أن تنحنى احترامـًا وتقديرًا لفكره وأسلوبه.

أستاذا فى قضاياه التى تبناها، حتى لو على حساب صحته، فلقد كان له دور فى تأسيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، ونقابة العاملين بخدمات التربية والتعليم، ونقابة فنيى التربية والتعليم، واللجنة الشعبية لحماية الصناعه الوطنية، كما كان أول من رفع دعوى قضائية لاستكمال بناء وتشغيل مستشفى رمد المحلة الكبرى. أتذكر دعوته لى على إحدى فعاليات الحزب منذ أربعة أشهر، عرض ومناقشة فيلم "موت فى الخدمة"، يومها أخبرته بكرهى لهذا الفيلم، بحكم غرضه السياسى من بداية عرضه على قناة BBC، حتى لو كان يتضمن حقائق، وعدته بالحضور، وهو وعد لم أنفذه، وعلى ما يبدو أنى لم أعد قادرًا على تنفيذه.

رحمك الله يا أستاذنا، سأفتقد نقاشنا واختلافنا الدائم، واسمح لى بأن أختم مقالى بمثل شعبى هو آخر ما كتبته على صفحتك الشخصية قبل يوم من الوفاة، وكأنك كنت تعلم ما يخبئه لك القدر..."اللى ما يكرمنى بحياتى يوفر دموعه ساعة مماتى".