جريدة النهار المصرية

مقالات

الإرهابيون لا علاقة لهم بالإسلام

الموجى
-

 

بقلم: محمد شعبان الموجى

 

مع كل حادثة إرهابية ترتفع الأصوات التى تنفى علاقة هذا الإرهاب  بالإسلام، وكأن الإسلام على راسه بطحة.. هؤلاء الإرهابيون لا علاقة لهم بالإسلام ولا بفقه الجهاد ولا بالخطاب الدينى من قريب أو من بعيد.. ولا سمعنا عن واحد منهم دعا إلى الإسلام أو حاول نشر دعوة التوحيد والعبودية لله ومكارم الأخلاق قبل أن يقتل أو يفجر.. ما يحدث لا علاقة له لا بالإسلام ولا بالجهاد من قريب ولا من بعيد حتى لو ذهبنا إلى أكثر الآراء الفقهية تشددا.. فالإسلام لا يقر أبدا القتل غيلة، ولا يقر الجهاد داخل بلاد يرفع فيها الأذان ويدين أهلها بالإسلام منذ أكثر من 1400 سنة.. ونحن نعلم أن الجهاد فى الإسلام  إما "جهاد دفع" أى مقاومة عدو خارجى يريد الاعتداء على بلادنا، وهذا متفق عليه بين كل الأمم.. فلا يوجد فى الإسلام جهاد أو اقتتال داخلى فهذا يسمى فتنة.. وأما النوع الثانى من الجهاد فهو "جهاد الطلب" لنشر الإسلام فى البلاد التى لا تدين بالإسلام.. وهو الجهاد الذى يدور حوله الجدل.. "فجهاد الطلب" لا يكون تحت راية عمياء أى تحت إمرة مجاهيل لم يمكن لهم فى الأرض ولم ترفع لهم راية أو تقم لهم دولة.. ولا نعرف من هم.. ولا يكون إلا تحت إمرة إمام بايعه سواد المسلمين ويمكن له فى الأرض ويمتلك من أسباب القوة والمنعة ما يمكنه من خوض الحروب والفتوحات التى انتهت مبرراتها كما سنوضح بعد ذلك. و"جهاد الطلب" لا يباغت الناس بالقتل غيلة فى دور العبادة أو فى كمائن الشرطة لحفظ الأمن  فى البلاد أو نحو ذلك.. وانما يخيرهم إمام المسلمين وهو غير موجود الآن بين الإسلام أو الصلح ودفع الجزية أو استمرار القتال.. هذا فى أكثر الآراء الفقهية تشددا.

أما الآراء الفقهية المعتدلة فإنها ترى أنه لم يعد هناك داع "لجهاد الطلب" الذى يهدف إلى نشر الإسلام.. لأن الإسلام قد انتشر بالفعل فى كل أنحاء الدنيا.. كما أن أهل الكفر والإلحاد قد وفروا لنا مشكورين العديد من وسائل ووسائط الاتصالات والسيرفرات القابعة فى الغرب والتى مسجل عليها جميع الكتب والمراجع والصوتيات والمرئيات التى تدعو إلى الإسلام وتحارب الكفر والشرك.. وهو ما يمكننا من نشر الإسلام بضغطة زر واحدة.. ناهيك عن وجود أعراف دولية مكنت المسلمين من افتتاح آلاف المراكز والمساجد.. حتى المصاحف الآن يتم طباعتها فى الغرب وفى الصين الماركسية التى صنعت لنا المصاحف الناطقة.. بمعنى أن "جهاد الطلب" لنشر الإسلام لا تتوافر دواعيه الآن.

ولولا وجود هذه الجماعات الإرهابية وما تقوم به من عمليات خسيسة لزاد ترحيب الغرب بالإسلام والمسلمين.. فلو حاول الغرب بذل النفس والنفيس من أجل تشويه صورة الإسلام فإنه لن يجد أفضل من تلك الجماعات الخسيسة يستخدمها ويساعدها ويمدها بالمال والسلاح لتمارس دورها التخريبى فى تشويه صورة الإسلام.. وصرف الناس عن دين الله .

 وأيضا من أهم الآثار التخريبية لهذه الجماعات أنها تمنح أعداء الإسلام من المتربصين بالدين الحجة والمبرر لاستئصال أو إقصاء كل مظاهر التدين والعبث فى ثوابت الدين.. وتعطى للمستبدين أيضا المبررات والحجج فى استمرار الحكم الاستبدادى بدعوى مواجهة الإرهاب والحفاظ على الأمن.

وإذا كان البعض يتشدق بأن حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" هو السبب فلماذا يقتلون من يقولونها بالفعل بل يقتلونهم وهم يصلون فى المساجد؟ ولماذا يقتلون أهل الذمة وقد أمرنا أن نرعى ذمتهم وأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا؟ وإذا كان البعض يتشدق بأن حديث "من بدل دينه فاقتلوه" هو أحد أسباب الإرهاب فإن المرتد لا يقتل إلا بعد استتابة فى وجود الإمام أو من يمثله من سلطات.. وهكذا سنجد أن كل الأدلة الشرعية لا علاقة لها بما يقوم هؤلاء المجرمون.