جريدة النهار المصرية

مقالات

التعذيب فى مصر

حمدى البطران
-

 

بقلم: حمدى البطران

فى الوقت الحالى فى مصر 2016, وبعد قيام ثورة يناير, لم يعد هناك مجال لترف الخطأ, لأى ضابط او فرد شرطة بارتكاب جريمة التعذيب, ويجب تعديل قانون الإجراءات الجنائية, ليشترك فى الجريمة كل رؤساء وزملاء الضابط, او الفرد, الذين كانوا فى الخدمة, وقت وقوع الجريمة واعتبار عدم التبليغ عن جريمة التعذيب جريمة, مثل جرائم امن الدولة .

يعتبر قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937, والمادة  126 لا يوفران الحماية الجنائية اللازمة والفعالة لحق الإنسان فى السلامة البدنية والذهنية، فهما يواجهان فقط حالة التعذيب الواقع على المتهم بقصد حمله على الاعتراف, أما إذا وقع التعذيب من موظف عمومى وفقاً لمفهوم المادة 126- على غير المتهم أو على المتهم بقصد آخر خلال الاعتراف- فلا تطبق فى هذه الحالة بل تطبق القواعد الجنائية العادية.

كما انه إذا قام شخص بتعذيب عامل عنده لأنه امتنع عن العمل, لا يعتبر ذلك تعذيبا, وإنما ينظم القانون العقوبات بإحداث جرح او احداث عاهة وفى حالة وفاته, وتعتبر ضربا افضى الى موت, ما لم تكن مقرونة بقصد جنائى هو انهاء حيلته.

لأجل هذا لم يتوسع القانون عندنا فى تلك الجريمة, وربما فى معظم البلاد التى تأخذ بالقانون الفرنسى ومدارسه الفقهية.

كما خولت المادة (102) من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 لرجل الشرطة "استعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبه إذا كانت هى الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب..." وتفتح هذه المادة الباب على مصراعيه أمام استخدام القوة دون ضوابط حادة ، "فالقدر اللازم" مسألة متروكة لتقدير الشرطى، كما أن المادة تنص على وسائل أخرى .وتضيف المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية إلى الشرطة الوظيفية التالية: بكون من مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم... ضباط الشرطة وأمناؤهم والكونستبلات ورؤساء نقط الشرطة..." وحددت المادة (23) الأعمال التى باشرها ضباط الشرطة ومرءوسوهم فى البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التى تلزم التحقيق والدعوى" وقد منح القانون لضباط الشرطة عدة صلاحيات باعتبارها من مأمورى الضبطية القضائية، ومنها سلطة القبض على الأشخاص وتحرير محضر الشرطة، وترتب على هذه الصلاحيات فى حال عدم التمسك بالحدود التى رسمها القانون آثار وخيمة على الحريات الشخصية، وفى هذا الصدد تؤكد المنظمة المصرية أن الكثير من الاعتداءات على حقوق الإنسان التى تقع فى أقسام الشرطة قد حدثت إما بسبب إساءة استخدام هذه الصلاحيات أو بسبب الثغرات فى القانون ذاته. ويعد القبض من أخطر الإجراءات التى يخول القانون لضباط الشرطة القيام بها، وتمثل إساءة استخدامه بالمخالفة للقانون إهداراً حقيقياً للدستور المادة 41 منه.

ولا اعتقد ان سلوك هيئة الشرطة يقبل أن يكون احد ابنائها مرتكبا لتلك الجريمة, فهى التى تقدم الأدلة ضده وهى التى تحيله للنيابة العامة, وإذا ما أدين تقوم بفصله.

غير أنه بعد ثورة يناير 2011 وما سبقها من وقائع ارتكبها بعض رجال الشرطة, وبعضها كان سببا فى اندلاع ثورة يناير ضد الشرطة، فإنها الآن، اى هيئة الشرطة، تواجه كثيرا من المصاعب وسخط الرأى العام, عندما يرتكب احد أبنائها تلك الجريمة النكراء, وتتحمل الهيئة كل نتائج تلك الجريمة سواء كانت احتجاجات, او موجات كراهية وعنف, وفى كل الأحوال يزداد السخط العام ضد الدولة بأسرها من بعض اولئك المتربصين والمنتظرين, من بعض الإعلاميين والناشطين.