جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب : موازنة الـ3 قروش

-

رغم تفهمى العميق للأوضاع الصعبة التى تواجهها حكومة شريف إسماعيل وانعكاس هذه الأوضاع على الموازنة العامة للدولة فإننى أرفض مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2016/ 2017 لأنها موازنة ليس فقط تنطوى على مخالفة للدستور ولكنها لا تلبى طموحات المصريين.

فنصيب المواطن من الخدمات كل عام لا يمكن أن يرقى لحقوق الإنسان فى أى دولة من دول العالم.

وكنائب برلمانى عن دائرة منوف وسرس الليان لا أرتضى أن يكون نصيب الفرد فى دائرتى 3 قروش؛ لأن هذا معناه انتكاسة خطيرة فى كل الخدمات من صحة وتعليم إلى مياه الشرب والصرف الصحى والطرق، فضلاً عن مراكز الشباب والأندية بعد أن صوّت المواطن على دستور يضمن له إنفاقاً متميزاً على التعليم والصحة، فإذا بالموازنة التى نحن بصددها تتجاهل هذه النصوص الدستورية وكأنها غير موجودة، وقد قلتها وأقولها واضحة: «إذا لم تحترم الحكومة إرادة الشعب فعليها أن ترحل».

كما أن المبالغ المخصصة فى الموازنة العامة للدولة للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى أقل من النسبة التى حددها الدستور فى مواده الـ١٨ و١٩ و٢٠ و٢٣، حيث نص الدستور فى هذه المواد على تخصيص نسبة لا تقل عن ٣٪ من الإنفاق الحكومى على الصحة من الناتج القومى الإجمالى، ونسبة ٤٪ للتعليم العام، ونسبة ٢٪ للتعليم الجامعى، و١٪ للبحث العلمى، أى أن هناك نسبة ١٠٪ خصصها الدستور للإنفاق الحكومى على الصحة والتعليم والبحث العلمى؛ ما يؤكد أن الحكومة خالفت الدستور، ونحن أمام خطر رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية العليا تبطل موافقة البرلمان على قانون الموازنة العامة للدولة؛ لأنه بهذه الصورة سيكون غير دستورى ويضع الدولة فى ورطة.

وفى الموازنة المثيرة للجدل لا يتوقف الأمر عند حد النصيب الهزلى للفرد من هذه الموازنة بل نرى فيها ما يمكن وصفه بالجباية؛ فالحكومة تتوقع جنى إيرادات قدرها 627 مليار جنيه، وهذا جميل لكنه يصبح ليس كذلك عندما نكتشف أن من بين هذه الإيرادات  434 ملياراً من الضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة التى لم يتم تطبيقها حتى الآن وهى فى حقيقتها أعباء على المواطنين الفقراء فى صورة ارتفاع أسعار للسلع المرتفعة أصلاً.

كما أن انخفاض نسبة مخصصات ميزانية التعليم والبحث العلمى والصحة فى الموازنة الجديدة يأتى فى الوقت الذى أقرت فيه الموازنة العامة للدولة زيادة الإنفاق على فوائد الدين، ليتخطى هذا الأمر ضعفى ما سيتم إنفاقه على الصحة والتعليم.

 

ومن دواعى رفضى للموازنة الجديدة أننى لا أرى فيها أى بند من شأنه أن يؤدى إلى تخفيض نسب الدين بالنسبة للناتج القومى وسد العجز الذى يعانى منه الاقتصاد القومى على مدار سنوات أثرت بالسلب على اقتصادنا ومستقبلنا.

من الواضح أن الحكومة فى مأزق خطير ولا يمكن تجاوزه بالأفكار التقليدية أو بمخالفة الدستور وتعريض الأمر لمخاطر الطعن بعدم الدستورية، وهو ما يتطلب حلولاً غير تقليدية للأزمة تسعى الحكومة من خلالها لاستكمال نسبة مخصصات التعليم والصحة بطرق غير تقليدية وتتعهد بذلك أمام البرلمان لتتماشى الموازنة مع

النص الدستورى الخاص بتخصيص 3% من الناتج القومى للصحة، حيث إن ما تم تخصيصه هذا العام للصحة على سبيل المثال لا يتعدى 1.9% من جملة الـ3%، ولهذا أقترح رفع الميزانية الخاصة بالصحة إلى 91 مليار جنيه، بدلا من 47 مليارا كأحد الحلول للمشكلة.

أدعو لموازنة عامة تليق بالمواطن المصرى وبالمواطنة، خاصة أنها أول موازنة يتم عرضها على مجلس النواب وتترافق معها الذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو التى قامت من أجل إنقاذ المواطن والوطن من الجماعة الإرهابية التى سعت لاحتقار واحتكار المواطن المصرى.

 

وتبقى كلمة...

 

أقولها لله وللوطن وللمواطن إن الموافقة على الموازنة على هذا النحو أمر يشوه صورة البرلمان أمام الشعب.. البرلمان الذى لم يسلم من الشائعات حول ارتفاع ميزانيته رغم أن مجلس النواب يعتبر من أقل المجالس النيابية على مستوى العالم فى الموازنات والأموال التى يتقاضاها الأعضاء، وكنائب فى البرلمان أؤكد أن كل ما يقال ويتردد عن المرتبات المرتفعة للنواب ليس صحيحاً، إنما هو حلقة من حلقات السعى لتشويه صورة أكثر برلمان فى تاريخ مصر جرى اختياره فى انتخابات حرة ونزيهة وكنواب قرارنا واضح ومنحاز للوطن وللمواطن؛ حيث نرفض أى مجاملات تأتى على مصلحة الشعب.