النهار
جريدة النهار المصرية

مقالات

ربيع عبدالحميد يكتب:امسك لسانك

-

قد يظن الإنسان أن كل ما ينطق به من كلام ليس عليه رقيب، وهذه آفة خطيرة لا يدركها الا كل من له قلب ينبض بالإيمان وتصميم على حصد الحسنات خاصة فى شهر رمضان الكريم فقد حذرنا رسولنا الكريم من خطورة الكلمة التى قد تزيد الفتن وتؤجج الحروب وتدعو الى الفرقة والانقسام؛ فقد جاء معاذ بن جبل الى رسولنا الكريم قائلا له: هل سنحاسب على كل كلمة ننطق بها؟ فصاح فيه رسول الأمة: ثكلتك أمك يا معاذ؛ فهل يجر الناس على وجوههم الى النار يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم.
واللسان هو العضو الوحيد الذى جعله الله خلف ستارين هما الأسنان والشفاه وأعطى مفاتيحهما للإنسان يحرك فكيه وشفتيه وقتما يشاء ليتكلم ما يريده لكن الزم الحذر وانتق كلامك؛ فقد حل الشافعى ضيفا على الإمام أحمد بن حنبل وكان الإمام يكثر من الكلام عن تقوى وورع الشافعى، فلما قضى الشافعى يومه ضيفا وانصرف جاءت ابنة الإمام أحمد مسرعة قائلة لأبيها: هذا هو الشافعى الذى تحدثنا عنه! قال: نعم. قالت: لكنى لاحظت عليه ثلاثة أشياء عندما قدمنا له الطعام أكل كثيرا ونام دون أن يصلى قيام الليل وصلى بنا الفجر بدون وضوء فطلب الإمام التفسير من الشافعى فقال: يا امام علمت أن طعامك من حلال فأكلت كثيرا لأتداوى من طعامك، وعندما أويت الى غرفتى شغلتنى 72 قضية من قضايا المسلمين فوضحتها ويعلم الله أنى لم أذق النمو فصليت بكم الفجر بوضوء العشاء.. هكذا عرفت من تربت فى المدرسة المحمدية قيمة الكلمة.
ما بالنا لا يحلو لنا الكلام الا فى حق الآخرين لهدف ننشده أو لمصلحة نعتقد انها تهمنا ونمشى بين الناس بالغيبة والنميمة لنزيد الفرقة والأحقاد أو لنأخذ حقا ليس لنا أو لنصعد على أكتاف المجتهدين ناسين أن على أكتافنا رقيبا وعتيدا لتسجيل الحسنات والسيئات.
من الآن طهر لسانك بالاستغفار فى رمضان واكبح جماحه عندما يجرك لغضب الله فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيقا مخرجا ومن كل هما فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب.. اللهم اجعلنا من المستغفرين المتطهرين.. آمين يا رب العالمين.