جريدة النهار المصرية

حوارات

الفريق عبد المنعم التراس..... قائد حراس سماء مصر

اسامة شرشر -

 قوات الدفاع الجوى المصرية هى أحد الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة ، وهى المسئولة عن حماية المجال الجوى للمحروسة وقد أنشئت طبقاً للقرار الجمهورى الصادر فى فبراير 1968 بإنشاء قوات الدفاع الجوى وفصلها عن القوات الجوية، لوصول قناعة القيادة العامة للقوات المسلحة فى ذلك الوقت بوجوب وجود غطاء وحماية جوية للقوات البرية أثناء حرب أكتوبر واقتحام قناة السويس، تمتلك مصر نظاماً حديثاً للدفاع الجوى والتى تعمل على إدارة منظومات أسلحة الدفاع الجوى متعددة المصادر، المدفعية المضادة للطائرات، ومنظومات الإنذار المبكر والرادار، وتمتلك أكبر عدد من صواريخ أرض – أرض بعد الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وقائد قوات الدفاع الجوى الحالى هو الفريق عبد المنعم التراس وهو صاحب تاريخ عسكرى حافل كما سنرى خلال السطور المقبلة :-
فى البداية أشير إلى أن قوات الدفاع الجوي  التى تحرس سماء مصر وترصد كل حركة فيها طوال الـ24 ساعة  تنتشر فى كل ربوع الدولة، وباعتبار الدفاع الجوى أحد الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة فقد شارك فى تأمين المواطنين ليلاً ونهاراً، كما شارك فى القبض على بعض المجرمين الهاربين من السجون والمتسللين والمخربين.
كما ساهمت قوات الدفاع الجوى فى تأمين جميع مراحل العمليات الانتخابية عقب  25 يناير و30 يونيو، بالإضافة إلى حماية الأهداف الحيوية والاشتراك فى تأمين منشآت الدولة ومرافقها، فضلاً عن  دور أفراد عناصر المراقبة الجوية المنتشرين على حدود مصر المختلفة فى الإبلاغ عن أية عناصر تسلل لحدود مصر البرية والبحرية والجوية فى منظومة متكاملة مع عناصر قوات حرس الحدود، يضاف إلى ذلك قيام قوات الدفاع الجوى بتأمين أعمال قتال القوات الجوية أثناء تنفيذ المهام المكلفة بها فى مكافحة الإرهاب فى سيناء.

 

 وتحرص قوات الدفاع الجوى على التواصل مع التكنولوجيا الحديثة واستخداماتها فى المجال العسكرى من خلال تنويع مصادر السلاح وتطوير المعدات والأسلحة بالاستفادة من التعاون العسكرى بمجالاته المختلفة طبقاً لأسس علمية يتم اتباعها فى القوات المسلحة وتطوير وتحديث ما لديها من أسلحة ومعدات بالإضافة إلى محاولة الحصول على أفضل الأسلحة فى الترسانة العالمية  بحسب تأكيدات وتصريحات الفريق عبدالمنعم التراس والذى أشار فى أكثر من مناسبة إلى أن هذا يتحقق من خلال التعاون فى تطوير وتحديث الأسلحة والمعدات بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات، إضافة إلى تنفيذ التدريبات المشتركة مع الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة بهدف اكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول.

 

 وتعتبر كلية الدفاع الجوى من أحدث المعاهد العسكرية على مستوى الشرق الأوسط، ونظراً لأن  كلية الدفاع الجوى تتعامل دائماً مع أسلحة ومعدات ذات تقنية عالية وأسعار باهظة  لهذا فإن الفريق التراس يؤكد على أن مصر تعمل على تطوير الكلية من خلال تطوير العملية التدريبية وذلك بالمراجعة المستمرة للمناهج الدراسية بالكلية وتطويعها طبقاً لاحتياجات ومطالب وحدات الدفاع الجوى والخبرات المكتسبة من الأعوام السابقة بالإضافة إلى انتقاء هيئة التدريس من أكفأ الضباط والأساتذة المدنيين فى المجالات المختلفة، إضافة إلى تزويد الكلية بأحدث ما وصل إليه العلم فى مجال التدريب العملي، حيث توجد فصول تعليمية لجميع أنواع معدات الدفاع الجوى مزودة بمحاكيات للتدريب على تنفيذ الاشتباكات بالأهداف الجوية.

 

 وقف الجنرال إسحق رابين، بعد نكسة يونيه 1967، قائلاً، فى غرور :"بواسطة قواتى الجوية أستطيع غزو أى مكان فى العالم، حتى ولو كان فى القطب الشمالي"، واسـتغلت إسرائيل ذلك النجاح، وتعاقدت مع الولايات المتحدة على إمدادها بصفقة من الطائرات الحديثة، من نوع (الفانتوم) و(سكاى هوك).
 وفى صيف عام 1968، شكلت قيادة الدفاع الجوى المصري، لتتحمل المسئولية الكبيرة فى مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية، وكانت المهمة شاقة للغاية، فالقوات الجوية الإسرائيلية تملك الطائرات الحديثة، والطيارين المدربين جيداً، وفى مواجهة ذلك كانت هناك روح التحدي، لدى الإنسان المصري.
 وكنتيجة مباشرة للخسائر الكبيرة، التى لحقت بالقوات الإسرائيلية على جبهة القناة، خلال حرب الاستنزاف، وتأثيرها السلبى على الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين فى الجبهة، إضافة إلى التأثير المادى المباشر، دفع ذلك إسرائيل لمهاجمة القوات المصرية على طول مواجهة القناة، باستخدام قواتها الجوية، مركّزة قصفها ضد مواقع المدفعية والدفاع الجوي، ثم تلى ذلك مد غاراتها الجوية إلى عمق الأراضى المصرية، بهدف شل القدرة العسكرية، وتهديد الجبهة الداخلية.
 واستخدمت إسرائيل مئات الطائرات، لقصف القوات على طول جبهة قناة السويس، وإسقاط آلاف القنابل والصواريخ، من أجل إيقاف حرب الاستنزاف، التى أثرت على معنويات جنودها، وأصبحت جبهة قناة السويس جحيماً لا يطاق، لمن يعيش على الضفة الشرقية لها.
 وجاء دور الدفاع الجوى المصرى للقيام بدوره، ولم تكن المهمة سهلة‍ فقد كان كل ما لدى الدفاع الجوى المصرى فى جبهة القناة ست كتائب صواريخ (سام ـ 2)، وعدد من وحدات المدفعية المضادة للطائرات، وحاول الطيران الإسرائيلى مهاجمة هذه الصواريخ وتدميرها، ولكنه لم ينجح كلية، واستطاع الدفاع الجوى عن الجبهة أن يوفر، بإمكانياته المحدودة، أدنى حد من التكامل، بين وحدات المدفعية المضادة للطائرات، ووحدات الصواريخ، وفى أعقاب كل هجمة جوية، يتم الإسراع باستعادة الموقف، واستعادة الكفاءة القتالية، وتحليل الهجوم، ومعرفة نقاط القوة والضعف، ودراسة أساليب القوات الجوية الإسرائيلية، واستخدامها لأسلحتها، واكتساب خبرات جديدة، تؤدى إلى إدخال التعديلات المناسبة على طرق الاشتباك، لدى وحدات الدفاع الجوى المصري.
 وبالفعل، نجحت وحدات الدفاع الجوي، فى حرمان القوات الجوية الإسرائيلية من تحقيق أهدافها، حتى منتصف عام 1968، ومع تصاعد حرب الاستنزاف على الجبهة، تصاعد القصف الجوى المعادي، خلال الفترة من يوليه حتى ديسمبر 69، ضد وحدات الدفاع الجوى بالجبهة، فأُسقطت عليها مئات الأطنان من القنابل، ومع هذا الموقف المتصاعد، وزيادة حجم خسائر وحدات الدفاع الجوي، كان لابد من وضع خطة جديدة للدفاع الجوى عن جبهة القناة، تبلورت أهم ملامحها فى الآتي:
 مد مظلة الوقاية بالصواريخ، إلى أقصى مسافة ممكنة شرق القناة، لحماية القوات المصرية، التى ستهاجم القناة.
 حشد أكبر عدد من وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، من أجل الدفاع عن الجبهة وتأمين التشكيلات المقاتلة.
 التدريب المكثف، واسـتخدام تكتيكات جديدة، بناء على خبرات القتال المكتسبة، مع إدخال تعديلات فنية على الأسلحة والمعدات، من أجل زيادة إمكاناتها النيرانية.
وضع خطة كاملة تحقق الإنذار المبكر، عند اقتراب الطيران المعادي، وتحقق التكامل والتعاون التام، بين الوحدات.
 بناء مواقع محصنة بدرجة تمكنها من الصمود، أمام القصف الجوى المعادي، وبالكثافة التى تمكِّن وحدات الدفاع الجوي، من مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية.
 إعادة تمركز الوحدات الجديدة، فى إطار خطة خداع متكاملة، تمنع طيران العدو من التدخل ضدها، أثناء اتخاذها لأوضاعها الجديدة.
 والواقع أن هذه الخطة، بنيت على أساس الخبرة القتالية، لوحدات الدفاع الجوي، التى أصبحت متوفرة عن سلاح الجو الإسرائيلي، التى لولا حرب الاستنزاف ما كان يمكن أن تحصل القوات المصرية عليها.
 كانت هناك مشاكل عديدة، بطبيعة الحال، وكان لها، كذلك، الدراسات من قيادات وحدات الدفاع الجوي، على كل المستويات، من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها والتغلب عليها سواء التى تتعلق بالإمكانيات، أو المناورة  أوالوقت اللازم للتدريب إضافة إلى الحرب الإلكترونية وتطوراتها وحققت قوات الدفاع الجوى إنجازات ترقى إلى المعجزات تجلت نتائجها العظيمة فى حرب أكتوبر 73 .

 

 أصدرت إدارة الشؤون المعنوية، تقريرا يوضح دور قوات الدفاع الجوى فى حرب أكتوبر، بمناسبة مرور 42 عاما على الانتصار المصري.
وأوضح التقرير أن قوات الدفاع الجوى أدخلت منظومات حديثة من الصواريخ "سام-2، سام-6 " لاستكمال بناء حائط الصواريخ استعداداً لحرب التحرير، وكانت مهمة قوات الدفاع الجوى بالغة الصعوبة لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس بل يشمل أرض مصر كلها بما فيها من أهداف حيوية سياسية واقتصادية وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ استراتيجية.

 

وفى اليوم الأول للقتال فى السادس من أكتوبر 1973 هاجم العدو الإسرائيلى القوات المصرية القائمة بالعبور حتى آخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى توالى بعدها هجمات بأعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلتى 6، 7 أكتوبر تصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، ونجحت فى إسقاط أكثر من 25  طائرة بالإضافة إلى إصابة أعداد آخرى وأسر عدد من الطيارين وعلى ضوء ذلك أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة أقل من 15 كيلو مترا.

 

  وفى صباح يوم 7 أكتوبر 1973، قام العدو بتنفيذ هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار ولكنها لم تجن سوى الفشل ومزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين، وخلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب فقد العدو الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه.
وكانت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر ما دفع موشى ديان إلى الاعتراف فى رابع أيام القتال بالمشاكل التى تواجه القوات الإسرائيلية، مؤكدا أن ثمة مشكلة أخرى تواجه طياريهم، فهم عاجزون عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية، وقال :"القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها، ثقيلة بدمائها.
ولا يزال هذا الدور العظيم لقوات الدفاع الجوى المصرية متواصلاً يتطور بخطى ثابتة ويواكب أحدث التطورات تدريبا وعلماً وتسليحاً فى تناغم بين الأفراد والمعدات.
 
 
 
الفريق عبدالمنعم إبراهيم بيومى التراس، من مواليد 10 نوفمبر 1952، يشغل منصب قائد قوات الدفاع الجوى المصرية، منذ 14 أغسطس 2012، خلفا للفريق عبد العزيز سيف الدين، وهو عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
والفريق متزوج وله 3 أبناء، ولد وبنتان، أحمد التراس بكالوريوس هندسة، وبسنت التراس بكالوريوس صيدلة، ثم فرح التراس طالبة وهى أصغر أبنائه، وقد شارك فى حرب أكتوبر 1973.
 ومن الفرقة الأساسية التى حصل عليها  فرقة قادة سرايا نيران (صواريخ مضادة للطيران) وفرقة قادة كتائب نيران (صواريخ مضادة للطيران).
وهو أيضاً حاصل على دورة أركان حرب عام وزمالة كلية الحرب العليا بأكاديمية ناصر العسكرية العليا.
 وحياته المهنية حافلة بالتدرج فى المناصب القيادية حيث تولى منصب قائد كتيبة صواريخ مضادة للطيران وقائد لواء دفاع جوى ثم قائد فرقة دفاع جوى ثم تولى بعد ذلك منصب مدير كلية الدفاع الجوى ثم رئيس أركان قوات الدفاع الجوى إلى أن أصبح قائد قوات الدفاع الجوي.

 

 حصل الفريق عبد المنعم التراس على العديد من الأوسمة والأنواط والميداليات منها نوط تحرير سيناء وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ونوط الخدمة الممتازة ونوط التدريب.
كما حصل على ميدالية 6 أكتوبر 1973 وميدالية مقاتلى أكتوبر 1973 وميدالية العيد العشرين للثورة وكذلك ميدالية يوم الدفاع الجوى وميدالية اليوبيل الفضى لنصر أكتوبر وميدالية اليوبيل الذهبى لثورة 23 يوليو 1952.