جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: وبدأ ماراثون الانتخابات

-

أخيرا اكتملت المرحلة الأخيرة لخارطة الشعب المصرى، لتكون ردا على كل المشككين والمضللين والمزيِّفين لتاريخ هذا الشعب العظيم، وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات فتح باب الترشيح للمرحلتين الأولى والثانية على أن يكون انعقاد أول برلمان بعد ثورة الشعب المصرى فى ديسمبر قبل نهاية العام، ليكون هذا هو الرد العملى على الجماعات الإرهابية والآكلين على كل موائد الخارج، وحاملى أختام وأجندات التمويل الخارجى، الذين راهنوا على أنه لن تكون هناك انتخابات لمجلس النواب المصرى هذا العام، وأن ما يجرى هو مجرد تصريحات صحفية، لا وجود لها أرض الواقع.

ولأنهم يتنفسون كذبا لم يصدقوا أنفسهم، وهم يتلقون الضربة الثانية بإجراء الانتخابات قبل نهاية عام 2015 وذلك قبل أن يفيقوا من الضربة الأولى وهى افتتاح مجرى قناة السويس الجديدة، وإقامة المشروعات العملاقة فى شرق بورسعيد والعين السخنة، لتدخل مصر فى دائرة التنفيذ ولتضرب بيد من حديد على كل المشككين والمضللين فى مشروع قناة السويس وانتخابات البرلمان.
ولكن دعونا نعترف بأن ثقافة الترشح والاختيار بالنسبة لأعضاء مجلس النواب القادم، هى التحدى الحقيقى لهذا الشعب الواعى الذى يستطيع أن يفرز الشخصيات الوطنية الحقيقية من مدعى الوطنية، الذين أكلوا على كل الموائد السياسية، والذين قاموا بتزوير بطاقات الانتخابات فى الماضى القريب، والذين لم يكن لهم خبرة سياسية أو موقف يذكر ووجدوا فى الترشح وسيلة للحصول على الحصانة بهدف التربح على حساب مصالح الناس الذين يعرفون هؤلاء ويعرفون تاريخهم بالصوت والصورة، ناهيك عمن كانوا فى الخارج وأرادوا أن يركبوا الموجة وهم ليس لهم وجود سياسى على الإطلاق، فوجدوا فى مساحة الترشح لعضوية مجلس الشعب فرصة للتربح  على حساب مصالح الفقراء، ولم يكن لهؤلاء أى خبرة أو ماض سياسى أو مواقف تذكر فى مواجهة النظام القهرى وأباطرة الحزب الفاسد الذين احتكروا الحياة السياسية والبرلمانية وكانوا أداة من أدوات التزوير والتضليل فى الوقت الذى وقفنا فيه لنكشف ألاعيب هؤلاء بالمستندات والوقائع والحقائق، وكان الكتاب الأسود خير شاهد على ذلك.
كما نحذر ممن يريدون أن يستخدموا المال السياسى لرشوة الناخبين من خلال مصاريف العلاج والمواد الغذائية والولائم وغيرها من تلك الأمور، ولكن لأنهم يمارسون السياسة من داخل مكاتبهم ولا يعلمون شيئا عن مصالح مصر العليا ومصلحة المواطن المصرى الذى دفع فاتورة تهميشه وتغييبه وتزوير أصواته، لصالح الحزب الفاسد فى أسوأ مرحلة مرت بها مصر العظيمة- لا يدركون أن هذا الشعب قادر على اختيار نواب يدافعون عن مصر وعن الأمن القومى المصرى، وعن مصالح المواطن المصرى، وحقوقه المهدرة على مدار الـ30 عاما السابقة.
إن اختيار نواب البرلمان القادم يمثل قمة التحدى فى هذه المرحلة الاستثنائية التى تمر بها البلاد ليكونوا ظهيرا وعونا للرئيس عبدالفتاح السيسى والقيادة السياسية لتنفيذ المشروعات القومية الكبرى، حتى لا يتم إهدار نجاحات الشعب المصرى والقيادة السياسية خلال العام المنصرم، لأن اختيار برلمان وطنى يجعل أعضاءه ونوابه حائط الصد الأول أمام الاختراق والتمويل الأجنبى وشراء النواب بالمال قبل شراء الأصوات، لأن النائب الحق عليه دور هام فى التشريعات وسن القوانين ومراقبة واستجواب السلطة التنفيذية والحكومة.. ونحن نعلم أن البعض يعرضون ملايين من الجنيهات لشراء النواب، لتكوين لوبى تحت قبة البرلمان يعطل مسيرة التنمية والبناء داخليا وخارجيا، ولكنهم لم يدركوا هم والجماعات الإرهابية، التى تستخدم ورقة الدين كجواز مرور للفقراء من هذا الشعب، أن المواطن المصرى تغير وأصبح يملك الحس الوطنى والقومى القادر على فرز النوعيات الوطنية، التى تنتمى لتراب هذا الوطن والتى تكون صوتا للفقراء تحت قبة البرلمان وتدعيم مسيرة القيادة السياسية، من النواب الذين يمثلون مجرد حجر عثرة فى طريق مصر الجديدة.
فانتبه أيها الشعب، لقد بدأ ماراثون الانتخابات، وستبدأ الشائعات واستخدام المال السياسى والعصبيات القبلبية والائتلافات الوهمية، والكل سيدعى أنه حامل لواء ثورة 30 يونيو وهو الذى أسقط الإخوان.. وأنتم تعلمون الشخصيات الحقيقية التى تنتمى لتراب هذا الوطن ولها مواقف وطنية سابقة، وتمتلك من الكفاءة فى الاستجواب والتشريع لصالح الوطن والمواطن المصرى، فى الداخل والخارج، ما يمكِّنها من استعادة صورة مصر فى الداخل والخارج لأنه فى زياراتنا الخارجية مع القيادة السياسية الكل يعلق الاستثمارات والاتفاقات والتبادل التجارى والاقتصادى على وجود برلمان منتخب.
ناهيك عن دور عضو البرلمان القادم فى تحسين صورة مصر فى الخارج أمام البرلمان الأوروبى، حتى نكشف ألاعيب وخلط الحقائق والأوراق التى تعرضها عليهم جماعة الإخوان الإرهابية، ونكشف أكاذيب أوباما وأردوغان اللذين يقفان ضد إعادة بناء هذا الوطن.. وها هى المحطة الأخيرة فى خارطة الشعب المصرى وهى انتخابات مجلس النواب قبل نهاية 2015 حتى تكتمل مؤسسات الدولة خاصة المؤسسة التشريعية لأن النواب القادمين من خلال حسن اختيار الشعب المصرى، سيكونون نقطة الانطلاق الأولى فى بناء مصر الجديدة تشريعيا وديمقراطيا وسياسيا، ومواجهة حمَلَة ومدِّعى الحفاظ على حقوق الإنسان والحيوان، وكشف أجندات التمويل لإسقاط الدولة المصرية.. وها هو ما يجرى فى سيناء من دحر والقضاء على بؤر الإرهاب الممولة خارجيا، والتى تقف وراءها شبكات الفضائيات المشبوهة كالجزيرة وشركائها.
فاليوم هو يوم الانتفاضة الشعبية البرلمانية، ويوم تلقين أعداء هذا الوطن، ومدعى التزوير والآكلين على كل الموائد السياسية درسا فى حسن اختيار نواب البرلمان القادم، ليكون عاملا بنَّاء فى بناء مصر الحريات ومصر حقوق الإنسان ومصر المستقبل، من خلال خارطة طريق اقتصادية لأنه فى غياب البرلمان والمجالس المنتخبة، تتعطل مصالح الجماهير ويكونون تحت مقصلة السلطة التنفيذية والجهاز الإدارى الذى يحتاج إلى نسف وإبادة كجهاز بيروقراطى يعمل ويتفنن فى تعذيب المواطنين، كما يساعد البرلمان جزئيا فى القضاء جزئيا على الفساد الإدارى، وهذا هو الدور الأصيل للمجالس النيابية والشعبية المنتخبة وهو إعادة آلية الاستجواب للجهات التنفيذية، حتى يشعر المواطن الذى وضع روحه على كفه، خلال ثورتين أن دماء الشهداء لم تذهب هباء.. ناهيك أن التحالفات الحزبية تريد أن تدخل البرلمان للوجاهة وهى بعيدة كل البعد عن الشارع المصرى، بهمومه ومطالبه، لأنهم دائما يكونون داخل الغرف المغلقة ومنفصلون انفصالا تاما عن الشارع المصرى، فلا يدركون المطبات والمعاناة التى يعانيها أبناء هذا الوطن فى نجوع وقرى ومدن ومحافظات مصر، فعملية الفهلوة وسماسرة الانتخابات الجدد الذين يتاجرون بمعاناة المواطنين، آن الأوان أن تسقط ورقة التوت عنهم، لأن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم ويريدون أن يقفوا حائلا أمام عجلة الانطلاق لهذا الشعب العظيم خلف قيادته الوطنية التى تعمل ليل نهار لاستعادة مصر دورها على المستوى الداخلى والخارجى.
وها هى الصفقات العسكرية- الوجه الآخر للصفقات السياسية فى كل بلدان العالم- تعكس أن الشعب وراء قيادته السياسية التى تعمل بتجرد ونقاء وزهد فى السلطة، ونحن لا نجامل رئيس الجمهورية ولكننا نوضخ الحقائق لأننا عندما نسافر معه فى كل العالم نجد أن همه الأول والأخير هو المواطن المصرى، وأن تكون مصر قوية  بإذن الله.
وأنا متفائل بأن المواطن المصرى سيحسن الاختيار فى انتخابات مجلس النواب القادمة بعيدا عن الشعارات والمال السياسى وشراء الأصوات والضمائر.. وسيكون للمرأة المصرية دور كبير فى هذه الانتخابات مثلما كان لها فى انتخابات الرئاسة.. وكذلك سيكون للأقباط دور هام فى اختيار نواب الشعب لأنه إما نكون أو لا نكون.. فانتبهوا أيها الشعب لأن البرلمان القادم هو المحك الحقيقى لبناء مصر القوية رغم أنف التتار الجدد.

مواقف داخل الكرملين

فى اللحظات التاريخية تصغر الكلمات عن تحليل وكشف ما جرى داخل الكرملين، هذا القصر الرئاسى الروسى الخطير الذى يمثل ذاكرة الشعب الروسى، من زمن القياصرة وحتى بوتين.
لقد عايشنا وشاهدنا خلال تواجدنا كوفد إعلامى، الاستقبال الأسطورى للرئيس عبدالفتاح السيسى داخل قصر الكرملين والحفاوة البالغة والخطيرة من الرئيس فلاديمير بوتين، للرئيس المصرى، والوفد المرافق له.
ومن المواقف التى لا تنسى أن الشعب الروسى ينظر إلى السيسى أنه القائد القوى الشجاع الذى استطاع أن يخلص الشعب المصرى من جماعات الإرهاب، ويرون فيه أنه رجل يعمل لصالح شعبه ووطنه ويتمنون أن يكون لدولة أوكرانيا قائد مثل الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وكشف لنا اللواء عباس كامل فى لقائه مع رؤساء التحرير والصحفيين أن كل المشروعات القومية، التى تم الاتفاق عليها من خلال استثمارات مشتركة واتفاقيات متبادلة سواء فى السكك الحديد ومشروع المفاعل النووى والصوامع ومعامل تكرير البترول والمناطق الاستثمارية- العائد الحقيقى لها سيراه المواطن المصرى بعينه.
وأوضح السفير علاء يوسف أن هناك اتفاقيات ودراسات سيجتمع خبراء البلدين لإتمامها.. ناهيك عن لقاء يجمع بين خبراء البلدان الخمسة مصر وروسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا، خلال شهر سبتمبر الحالى، للتوقيع على مسودة اتفاق التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادى الأوروأسيوى، هذا على الجانب الاقتصادى.
ولكن على الجانب العسكرى، وهو الأهم، هناك اتفاق تام بين بوتين والسيسى فى مقاومة الإرهاب ومواجهته، من خلال الشراكة الاستراتيجية، لضرب هذه العناصر الإجرامية التى تهدد أمن واستقرار العالم، ناهيك عن الاتفاق فى الحل السياسى للأزمة السورية، والتأكيد على أهمية خليج باب المندب والأزمة اليمنية التى اتفقت فيها وجهتا نظر الدولتين.
والحقيقة التى تسعد كل مصرى أن روسيا تعتبر مصر مركز صناعة القرار فى الشرق الأوسط وترفض رفضا باتا نقل هذا الثقل لأطراف إقليمية أخرى حاولت مرارا وتكرارا لعب هذا الدور، وهذا هو أخطر نتائج هذه الزيارة التاريخية إلى الكرملين، فروسيا أصبحت بالنسبة لمصر شريكا استراتيجيا وحليفا دوليا مع استقلال القرار السياسى المصرى بعيدا عن لعبة الخضوع والخنوع التى عانينا منها فى الماضى.