النهار
جريدة النهار المصرية

فن

برامج المقالب فى مرمى النيران

-

مثل‭ ‬التطور‭ ‬الطبيعي‭ ‬لجميع‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬الساحة‭ ‬الإعلامية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬تطورت‭ ‬برامج‭ ‬المقالب‭ ‬تطورا‭ ‬سريعا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬نحو‭ ‬الانفلات‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأفكار‭ ‬المجنونة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الفضاء‭ ‬عبر‭ ‬طائرات‭ ‬حقيقية‭ ‬تسبب‭ ‬الرعب‭ ‬للضيوف‭ ‬والجمهور‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تجلب‭ ‬لهم‭ ‬السعادة‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭ ‬الكوميديا‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬فإن‭ ‬حربا‭ ‬شرسة‭ ‬تدور‭ ‬بين‭ ‬البرنامجين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬اللذين‭ ‬يدوران‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وهما‭ ‬‮«‬رامز‭ ‬واكل‭ ‬الجو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬الفنان‭ ‬رامز‭ ‬جلال‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬ام‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬مصر،‭ ‬و‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬هبوط‭ ‬اضطراري‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬الفنان‭ ‬هاني‭ ‬رمزي،‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬الحياة،‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬الاتهامات‭ ‬بينهما‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬وإنما‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬اتهامات‭ ‬متبادلة‭ ‬بسرقة‭ ‬الأفكار‭ ‬وإلى‭ ‬فبركة‭ ‬الحلقات‭ ‬والاتفاق‭ ‬مع‭ ‬النجوم‭ ‬على‭ ‬المقلب‭ ‬قبل‭ ‬تقديمه‭ ‬وإلى‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح،‭ ‬وهو‭ ‬الاتهام‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬رامز‭ ‬واكل‭ ‬الجو‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬المصادر‭ ‬أن‭ ‬القناة‭ ‬تقوم‭ ‬بتدشين‭ ‬حملة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭ ‬مضادة‭ ‬لحملات‭ ‬مقاطعة‭ ‬البرنامج،‭ ‬ومطالبة‭ ‬بعض‭ ‬الناشطين‭ ‬بمحاكمات‭ ‬تأديبية‭ ‬للقائمين‭ ‬عليه،‭ ‬حيث‭ ‬دب‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬مجموعة‭ ‬قنوات‭ ‬إم‭ ‬بي‭ ‬سي‭.‬

‭ ‬وبدأوا‭ ‬يبحثون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬عن‭ ‬طريقة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬أخيرة‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭ ‬الذين‭ ‬يستمتعون‭ ‬بما‭ ‬أسموه‭ ‬التضليل‭ ‬البيّن‭.‬

وكانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬نقابة‭ ‬المهن‭ ‬التمثيلية‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬يناشد‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬المنتجة‭ ‬للدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬بأنواعها‭ ‬والبرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬بأشكالها‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المسئولية‭ ‬فقد‭ ‬تابع‭ ‬أعضاء‭ ‬نقابة‭ ‬المهن‭ ‬التمثيلية‭ ‬ببالغ‭ ‬الأسى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬التى‭ ‬تعرض‭ ‬ألفاظا‭ ‬معيبة‭ ‬تسىء‭ ‬لأخلاق‭ ‬المبدعين‭ ‬وتقدم‭ ‬للجمهور‭ ‬نماذج‭ ‬سلبية‭ ‬من‭ ‬السلوك‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يراعى‭ ‬الأخلاق‭ ‬العامة‭ ‬إضافة‭ ‬لإثارة‭ ‬الرعب‭ ‬والتحرش‭ ‬وحرق‭ ‬الأعصاب‭ ‬واختراق‭ ‬الخصوصية‭ ‬وتصوير‭ ‬المبدعين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مرتزقة‭ ‬ويقبلون‭ ‬أى‭ ‬شىء‭ ‬حتى‭ ‬الإهانة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المال‭.‬

واختتم‭ ‬البيان‭: ‬تدعو‭ ‬النقابة‭ ‬أعضاءها‭ ‬لمقاطعة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬وعدم‭ ‬التورط‭ ‬فى‭ ‬إفساد‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬وتشويه‭ ‬الخطاب‭ ‬الاجتماعى‭ ‬المنتمى‭ ‬الذى‭ ‬يناسب‭ ‬الشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬عرفت‭ ‬الإبداع‭ ‬قبل‭ ‬أى‭ ‬حضارة‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬وكانت‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬قدمت‭ ‬السينما‭ ‬بكل‭ ‬تحررها‭ ‬والتى‭ ‬لا‭ ‬تجرح‭ ‬أفلامها‭ ‬التى‭ ‬نحفظها‭ ‬جميعا‭ ‬مشاعرنا‭ ‬مثلما‭ ‬فعلت‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬التى‭ ‬خلقت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬والإحباط‭ ‬والأسف‭ ‬لدى‭ ‬قطاع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬النقابة‭ ‬وقطاع‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭.‬

التقينا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬لنستطلع‭ ‬آراءهم‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬به‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬وتقييمهم‭ ‬لهذه‭ ‬التجربة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بالشعوب‭ ‬العربية‭ .‬

‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬قال‭ ‬الخبير‭ ‬الإعلامي‭ ‬طارق‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭: ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬تافهة‭ ‬وتقدم‭ ‬الرعب‭ ‬باعتباره‭ ‬دعابة‭! ‬وهذه‭ ‬الدعابة‭ ‬تقدم‭ ‬بسماجة‭ ‬وقلة‭ ‬ذوق‭! ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬البرنامج‭ ‬بعلم‭ ‬الضيف‭ ‬أو‭ ‬بغير‭ ‬علمه‭ ‬والحقيقة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الضيف‭ ‬يعلم‭ ‬فيضاف‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬الزيف‭ ‬وخداع‭ ‬المشاهد‭  ‬ولقد‭ ‬شاهدت‭ ‬حلقة‭ ‬مع‭ ‬الفنانة‭ ‬لوسي‭ ‬وسط‭ ‬عائلة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬أفراد‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬احد‭ ‬يضحك‭! ‬واستنكروا‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬والحقيقة‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬هو‭ ‬انعكاس‭ ‬لما‭ ‬نمر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬انحطاط‭ ‬فني‭ ‬وثقافي‭ ‬وتغييب‭ ‬متعمد‭ ‬للفن‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تدمير‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬وتسليمها‭ ‬للتقسيم‭ ‬ولداعش‭ ‬ومن‭ ‬لف‭ ‬لفهم‭ . ‬

كما‭ ‬اتفق‭ ‬معه‭ ‬المخرج‭ ‬حسام‭ ‬الدين‭ ‬صلاح‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬مقتضبة‭: ‬علي‭ ‬رامز‭ ‬جلال‭ ‬وهاني‭ ‬رمزي‭ ‬أن‭ ‬يتذكرا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ممثل‭ ‬اسمه‭ ‬إبراهيم‭ ‬نصر‭ ‬انتهي‭ ‬فنيا‭ ‬بسبب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السخافات،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الدافع‭ ‬الذي‭ ‬يحكمهما‭ ‬أن‭ ‬يقدما‭ ‬مقالب‭ ‬فعليهما‭ ‬أن‭ ‬يتحليا‭ ‬بالقدر‭  ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الفطنة‭ ‬والكياسة‭.‬

أما‭ ‬كمال‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬المخرج‭ ‬ومدير‭ ‬التصوير‭ ‬ورئيس‭ ‬المركزالقومي‭ ‬للسينما‭ ‬الأسبق‭ ‬فقال‭: ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬الصحيح‭ ‬ولا‭ ‬نحملها‭ ‬فوق‭ ‬ما‭ ‬تحتمل‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬برامج‭ ‬ترفيهية‭ ‬بحتة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬هدف‭ ‬يذكر‭ ‬إلا‭ ‬الترفيه‭ ‬والتسلية‭ ‬فقط،‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬رسالة‭ ‬أو‭ ‬قيمة‭ ‬أوحتى‭ ‬معلومة‭ ‬ما‭ ‬للمشاهد،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإننا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نلمس‭ ‬بوضوح‭ ‬شديد‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬تم‭ ‬تسخير‭ ‬إمكانيات‭ ‬ضخمة‭ ‬جدا‭ ‬لتخرج‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬المبهر‭ ‬والمحترف‭.‬

وأضاف‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭: ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬والمسلسلات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تقديمها‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬تكون‭ ‬نتاج‭ ‬عمليات‭ ‬غسيل‭ ‬أموال‭ ‬وإلا‭ ‬فإنني‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬تفسيرا‭ ‬يذكر‭ ‬حول‭ ‬سر‭ ‬إنتاج‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الضخم‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬والأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬والذي‭ ‬بلغ‭ ‬حوالى‭ ‬57‭ ‬عملا‭ ‬تكلفت‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬المليار‭ ‬جنيه،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬تسلية‭ ‬وترفيه‭ ‬المشاهد‭ ‬فإنه‭ ‬سيحتاج‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬شهرا‭ ‬ليستطيع‭ ‬أن‭ ‬يشاهد‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬المستنسخة‭ ‬من‭ ‬بعضها‭ ‬كما‭ ‬استنسخ‭ ‬رامز‭ ‬جلال‭ ‬وهاني‭ ‬رمزي‭ ‬فكرتيهما‭ ‬من‭ ‬بعضهما،‭  ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬فإنني‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬سر‭ ‬تطابق‭ ‬الفكرتين‭ ‬تقريبا،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬رامز‭ ‬أكثر‭ ‬احترافية‭ ‬وجودة‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬وتنفيذا‭ ‬للبرنامج‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬تصوير‭ ‬البرنامج‭ ‬يكون‭ ‬أثناء‭ ‬رحلة‭ ‬طيران‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬تمثيل‭ ‬مشهد‭ ‬والطائرة‭ ‬متوقفة‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬هاني‭ ‬رمزي‭.‬

وتابع‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭: ‬تكمن‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬والرمضانية‭ ‬المقدمة‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬منحوتة‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الكتاب‭ ‬وبنفس‭ ‬الأسلوب‭ ‬والتنفيذ‭ ‬وكأن‭ ‬الجميع‭ ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬استايل‭ ‬واحد‭ ‬وهنا‭ ‬لن‭ ‬نجد‭ ‬بينهم‭ ‬عملا‭ ‬واحدا‭ ‬مميزا‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقدمه‭ ‬الرائعون‭ ‬أمثال‭ ‬اسماعيل‭ ‬عبد‭ ‬الحافظ‭ ‬أو‭ ‬مجدي‭ ‬أبو‭ ‬عميرة‭ ‬أو‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المخرجين‭ ‬وإنما‭ ‬جميع‭ ‬المسلسلات‭ ‬مجرد‭ ‬خلطة‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالدراما‭ ‬والصراع‭ ‬والحبكة‭ ‬والذروة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تعلمناه‭ ‬وإنما‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تقديم‭ ‬مشاهد‭ ‬العنف‭ ‬والإيذاء‭ ‬البدني‭ ‬واللفظي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬العشوائيات،‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الصورة‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬أغلبها‭ ‬متطابق‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬تم‭ ‬تفصيلها‭ ‬من‭ ‬‮«‬باترون‮»‬‭ ‬واحد،‭ ‬ولذا‭ ‬فإن‭ ‬الجمهور‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬شاهد‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬فإنه‭ ‬أحس‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬درامية‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬‮«‬نوع‭ ‬من‭ ‬الهجص‮»‬،‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الهجص‮»‬‭ ‬الحقيقي،‭ ‬متمثلا‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬المقالب،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬تفاصيلها‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬متفقا‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬المقدمين‭ ‬وبين‭ ‬النجوم‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬المشاهد‭ ‬كثيرا‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬هو‭ ‬الترفيه‭ ‬والتسلية‭ ‬فقط‭.‬

وتساءل‭ ‬الشاعر‭ ‬والكاتب‭ ‬محمد‭ ‬الحمامصي‭ ‬عن‭ ‬القيمة‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬برامج‭ ‬المقالب‭ ‬والفكرة‭ ‬والمعنى‭ ‬والرسالة‭ ‬وقال‭ ‬‮«‬هي‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬التسلية‭ ‬ولا‭ ‬الترفيه‭ ‬ولا‭ ‬الضحكة‭ ‬والابتسام،‭ ‬بل‭ ‬تقدم‭ ‬التوتر‭ ‬والقلق‭ ‬والاستهزاء‭ ‬المقيت‭ ‬بالضيف‭ ‬والمشاهد‭ ‬معا،‭ ‬قارن‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬البرامج‭ ‬المقابلة‭ ‬في‭ ‬القنوات‭ ‬الأوروبية‭ ‬وغيرها،‭ ‬ولن‭ ‬تجد‭ ‬وجها‭ ‬واحدا‭ ‬للمقارنة،‭ ‬وستخرج‭ ‬بأننا‭ ‬نقدم‭ ‬السفه‭ ‬والتفاهة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اغتصاب‭ ‬ضحكة‭ ‬أو‭ ‬ابتسامة‭ ‬من‭ ‬المشاهد،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬برامج‭ ‬المقالب‭ ‬الأوروبية‭ ‬تقدم‭ ‬الأمر‭ ‬ببساطة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬فكرة‭ ‬ومعنى‭ ‬لتعطي‭ ‬للمشاهد‭ ‬ضحكة‭ ‬وابتسامة‭ ‬وتسلية‭ ‬لا‭ ‬تخل‭ ‬باحترامه‭ ‬وتقديره‮»‬‭. ‬

وأضاف‭: ‬‮«‬كم‭ ‬ينفق‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬رامز‭ ‬جلال‭ ‬سواء‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة،‭ ‬كم‭ ‬يحصل‭ ‬الفنان‭ ‬الضيف‭ ‬أو‭ ‬الفنانة‭ ‬الضيفة؟‭ ‬كم‭ ‬يتكلف‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬مصورين‭ ‬وفنيين؟‭ ‬كم‭ ‬تكلف‭ ‬التجهيزات؟‭ ‬كم‭ ‬يحصل‭ ‬مقدم‭ ‬البرنامج؟‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬وما‭ ‬العائد‭ ‬منها؟‭ ‬إنها‭ ‬حلقة‭ ‬من‭ ‬المستفيدين‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬منتج‭ ‬ومعلن‭ ‬وقناة‭ ‬تذيع‭ ‬وفنانين‭ ‬ضيوف؟‭ ‬وكل‭ ‬هؤلاء‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬المشاهدين‭ ‬الذين‭ ‬تحط‭ ‬عليهم‭ ‬هذه‭ ‬السخافات‭ ‬والتفاهات‭ ‬مكرهين،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬وغيره‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يلقى‭ ‬قبولا،‭ ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬يتابعه‭ ‬أو‭ ‬ينتظره‮»‬‭. ‬

وأوضح‭ ‬الحمامصي‭ ‬أن‭ ‬مما‭ ‬يؤسف‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬من‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬الفضائيات‭ ‬العربية‭ ‬والمصرية‭ ‬ممن‭ ‬ينتجون‭ ‬أو‭ ‬يضعون‭ ‬الأفكار‭ ‬أو‭ ‬يعدون‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وشعوبها،‭ ‬ولا‭ ‬يدركون‭ ‬كم‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يروح‭ ‬تحتها‭ ‬المواطن،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬المنتظر‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬يتواكبوا‭ ‬في‭ ‬أفكارهم‭ ‬مع‭ ‬الأجواء‭ ‬القائمة‭ ‬فيقدمون‭ ‬أفكارا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬البهجة‭ ‬على‭ ‬القلوب‭ ‬المنكسرة‭ ‬والحزينة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كوميديا‭ ‬راقية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬المقالب‭ ‬أو‭ ‬المسلسلات‭. ‬

وأكد‭ ‬الحمامصي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عقما‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬والرؤى‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البرامج‭ ‬أو‭ ‬المسلسلات،‭ ‬ومن‭ ‬يتابع‭ ‬السيناريوهات‭ ‬سيجد‭ ‬كما‭ ‬هائلا‭ ‬من‭ ‬الجهل‭ ‬وتشويه‭ ‬الحقائق‭ ‬والسلوكيات‭ ‬ودعوة‭ ‬للتحريض‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الألفاظ‭ ‬والحركات‭ ‬والسلوكيات‭ ‬القبيحة،‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬طبيعي،‭ ‬يؤكد‭ ‬قصدية‭ ‬وعمدية‭ ‬الأمر‭ ‬وسعى‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬هوية‭ ‬الشخصية‭ ‬العربية‭ ‬عامة‭ ‬والمصرية‭ ‬خاصة‭. ‬ومما‭ ‬يؤسف‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تقف‭ ‬متفرجة‭ ‬ومشاركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الانحطاط‭ ‬الذي‭ ‬يتزايد‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭.‬