النهار
جريدة النهار المصرية

مقالات

ربيع عبد الحميد يكتب : 40 مليون جنيه أجر الزعيم فى رمضان

-

مع‭ ‬إشراقة‭ ‬يوليو‭ ‬المقبل‭ ‬ينتظر‭ ‬العاملون‭ ‬بالدولة‭ ‬صرف‭ ‬رواتبهم‭ ‬بزيادة‭ ‬العلاوة‭ ‬الجديدة‭ ‬التى‭ ‬ستمنحها‭ ‬الدولة‭ ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬لن‭ ‬تغطى‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬للأسرة‭ ‬المصرية‭ ‬بعد‭ ‬موجة‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬فبات‭ ‬لزاما‭ ‬عليهم‭ ‬تكييف‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬حسبما‭ ‬يكون‭ ‬الدخل‭ ‬الشهرى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتحسن‭ ‬الظروف‭ ‬التى‭ ‬نأملها‭ ‬جميعا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬وحكومة‭ ‬تعمل‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬لتصل‭ ‬بالبلد‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬والخير‭ ‬قادم‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.‬

لكن‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتحدث‭ ‬بصراحة‭ ‬عندما‭ ‬تطالعنا‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بأخبار‭ ‬ترفع‭ ‬ضغط‭ ‬المصريين‭ ‬البسطاء‭ ‬الذين‭ ‬يحسبون‭ ‬العلاوة‭ ‬بالمليم‭ ‬ويتحايلون‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬لكى‭ ‬تسير‭ ‬الأمور‭ ..‬فعندما‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬تكلفة‭ ‬الدراما‭ ‬والبرامج‭ ‬فى‭ ‬رمضان‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‭ ‬والغفران‭ ‬مليارا‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬جنيه‭ ‬وأقل‭ ‬راتب‭ ‬للمثل‭ ‬مليون‭ ‬وأعلاه‭ ‬أربعين‭ ‬مليونا‭ ‬لعادل‭ ‬إمام‭ ‬عن‭ ‬دوره‭ ‬فى‭ ‬مسلسل‭ (‬استاذ‭ ‬ورئيس‭ ‬قسم‭) ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬أى‭ ‬أن‭ ‬أجر‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭ ‬مليون‭ ‬وثلاثة‭ ‬مائة‭ ‬وثلاثة‭ ‬ثلاثين‭ ‬ألفا‭ ‬ويزيد‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬طوال‭ ‬مدة‭ ‬خدمة‭ ‬العامل‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬إلى‭ ‬المعاش‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬درجته‭ ‬الوظيفية‭ ‬لن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أجر‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬أجر‭ ‬الزعيم‭ .. ‬حقا‭ ‬زعيم‭ ‬ورئيس‭ ‬قسم‭.‬

فهل‭ ‬مواردنا‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة؟‭ ‬لقد‭ ‬عجزنا‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬المليار‭ ‬والنصف‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬توجيهها‭ ‬إلى‭ ‬التطوير‭ ‬والتشييد‭ ‬لكافة‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والجفاف‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬والبرامج‭ ‬وهز‭ ‬الوسط‭ ‬وألفاظ‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬توصف‭ ‬أنها‭ ‬بذيئة‭ ‬والتدخين‭ ‬والعبارات‭ ‬التى‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الانفلات‭ ‬الأخلاقى‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬الولد‭ ‬وأبيه‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأبناء‭ ‬فى‭ ‬مسلسل‭ ‬حوارى‭ ‬بوخازفت‭ ‬يقول‭ ‬لأبيه‭ ‬أحمد‭ ‬صيام‭..(‬انت‭ ‬هتعمل‭ ‬دكر‭ ‬عليا‭ ‬روح‭ ‬لم‭ ‬نسوانك‭).‬

فى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬نسمع‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬الملايين‭ ‬نسمع‭ ‬أنين‭ ‬وصوت‭ ‬أصحاب‭      ‬المعاشات‭ ‬من‭ ‬ضآلة‭ ‬ما‭ ‬يتقاضونه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانوا‭ ‬مستورين‭ ‬أثناء‭ ‬الخدمة‭ ‬وحتى‭ ‬العاملين‭ ‬بالدولة‭ ‬أيضا‭ ‬يشاركونهم‭ ‬الشكوى‭ ‬ويدعون‭ ‬بالستر‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬وكلى‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬نخفف‭ ‬عنهم‭ ‬الضغط‭ ‬بأن‭ ‬تكف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭  ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الملايين‭ ‬التى‭ ‬يتقاضونها‭ ‬عن‭ ‬عملهم‭ ‬بالمسلسلات‭ ‬وفى‭ ‬

النهاية‭ ‬المحصلة‭ ‬لاشيء‭.‬

سمعت‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬أن‭ ‬زميل‭ ‬لنا‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬فى‭ ‬ألمانيا‭ ‬دخل‭ ‬أحد‭ ‬المطاعم‭ ‬ليتناول‭ ‬طعامه‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬فرغ‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬ذهب‭ ‬ليدفع‭ ‬الحساب‭ ‬لكنه‭ ‬فوجئ‭ ‬بمبلغ‭ ‬كبير‭ ‬مضاف‭ ‬على‭ ‬الحساب‭ ‬ولما‭ ‬سأل‭ ‬عنه‭ ‬أبلغوه‭ ‬أنه‭ ‬نظير‭ ‬تركه‭ ‬أصنافا‭ ‬كثيرة‭ ‬متبقية‭ ‬على‭ ‬المائدة‭ ‬وأبلغوه‭ ‬أن‭ ‬أماكن‭ ‬خيرية‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬ألمانيا‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬صنف‭ ‬مما‭ ‬تركه‭ ‬وكتبوا‭ ‬على‭ ‬فاتورة‭ ‬الحساب‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ( ‬الحساب‭ ‬الذى‭ ‬تدفعه‭ ‬ملكك‭ ‬أما‭ ‬الموارد‭ ‬فهى‭ ‬ملك‭ ‬ألمانيا‭ ) ‬وطبعا‭ ‬الأطعمة‭ ‬المتبقية‭ ‬موارد‭ ‬ولو‭ ‬كل‭ ‬فرد‭  ‬طلب‭ ‬ما‭ ‬يكفيه‭ ‬ستزيد‭ ‬الوارد‭ ‬بالطبع‭ ‬ولم‭ ‬يصبح‭ ‬لديهم‭ ‬فاقد‭ ‬وسينعم‭ ‬الجميع‭. ‬هكذا‭ ‬تتقدم‭ ‬الدول‭ .. ‬ليتنا‭ ‬نفيق‭.‬

 

وبالمناسبة‭ ‬نحن‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬الكرم‭ ‬وليس‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬التبذير‭ ‬ووضع‭ ‬20‭ ‬صنفا‭ ‬على‭ ‬المائدة‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬نستدعى‭ ‬الأقارب‭ ‬والمعارف‭ ‬على‭ ‬الإفطار‭ ‬وأن‭ ‬نلتزم‭ ‬بما‭ ‬يكفينا‭ ‬ولا‭ ‬داعى‭ ‬للعادات‭ ‬الموروثة‭ ‬وتعدد‭ ‬الأصناف‭ ‬وفى‭ ‬النهاية‭ ‬مصيرها‭ ‬التلف‭ ‬والرمى‭ ‬فى‭ ‬الصناديق‭.. ‬لدينا‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬غرامات‭ ‬على‭ ‬التبذر‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لكن‭ ‬نحن‭ ‬يحكمنا‭ ‬الدين‭ ‬والضمير‭ ‬ولدينا‭ ‬أسر‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأطعمة‭ ‬أرجوكم‭ ‬نقتصد‭ ‬فى‭ ‬إعداد‭ ‬الموائد‭ ‬لكى‭ ‬ننال‭ ‬رضى‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬أنتم‭ ‬بخير‭.‬