جريدة النهار المصرية

حوارات

جمال أسعد لـ«النهار»: الثورة لم تحقق أهدافها حتى الآن

-

أكد جمال أسعد المفكر القبطى أن الثورة المصرية لم تتحقق حتى الآن على أرض الواقع, من خلال ما يراه من ضعف فى الأحزاب المدنية الموجودة على الساحة السياسية فى مصر, هذا الأمر الذى يشير إلى أن البرلمان المقبل سيكون مجلس المستقلين، معتبراً أن أزمة الوفد أكبر دليل على أن المصالح الشخصية تخللت للأحزاب وأصابتها بالوهن, مؤكدا فشل التحالفات السياسية مهما حاولت التماسك, مشيراً إلى بعض المعايير التى يجب أن تتوافر للتحالف ......وإلى تفاصيل الحوار

الأوضاع السياسية فى مصر ينبغى أن تتم قراءتها بشكل متكامل وليس بشكل متجزء، بمعنى أنه منذ 30/6 وحتى الآن، برغم الاستقطاب السياسى الموجود وبرغم المشاكل الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وبرغم غياب دور الأحزاب وعدم وجودها الفعلى على أرض الواقع  إلا أنه فى السياق العام، هناك تقدم بشكل ملحوظ سواء فى العلاقة بين الجماهير وبين السلطة، رغم التجاوزات التى مازالت موجودة، وبين الشعب والسلطة ممثلة فى الموافقة على  الدستور  الذى تم وضعه وانتخاب السيسي، وهناك تحسن ملحوظ فى العلاقات الخارجية المصرية على مستوى إفريقيا وآسيا وأوروبا، واستعادة لدور مصر العربى والعالمى.

بشكل عام الوضع مقبول، ولكن بلا شك هناك الكثير من الأهداف لدى الشباب الذين قاموا بثورتين عظيمتين لم تنفذا بعد.

لا نستطيع القول إن هناك أحزابا سياسية بالمرة، لأن وجود الحزب يكون من خلال وجود مجموعة كبيرة من المصريين تحت مظلته لهم أهداف وتطلعات وآمال يسعى برنامج الحزب لتحقيقها، ومن خلال برنامج الحزب، يتم الانضمام إليه أو انتخابه .

ثم يشكل الحكومة التى ستساعده فى تنفيذ برنامجه الذى يتم انتخابه من أجل تنفيذه، هذه الفكرة الحزبية لا نراها على أرض الواقع، حيث إن الأحزاب القديمة والحديثة، التاريخية والجديدة، تحولت إما لأحزاب عائلية أو أحزاب ديكتاتورية أو أحزاب كارتونية لا علاقة لها بالجماهير والحزب ما هو إلا ملجأ لبعض الكوادر الذين لا يسعون إلا لتحقيق مصالحهم الشخصية.

٪   الأزمة التى يمر بها حزب الوفد ؟

المشاكل التى يمر بها حزب الوفد  تؤكد أن همَّ الشخصيات الحزبية الوصول إلى مصالح شخصية، فهو صراع للكوادر التاريخية التى تدعى أنها تمثل حزبا تاريخيا له أرضية فى الشارع وتتكلم عن الانتخابات البرلمانية المقبلة وعلى القوانين وتأمر وتنهي، ولا علاقة لها بالشارع.

    الساحة السياسية المصرية ؟

نتيجة لوضع الأحزاب الذى أوضحته ونتيجة لوضع الأحزاب وغياب الجماهيرية الحقيقية وغياب البرامج العملية التى يمكن تطبيقها، حتى إن هذه الأحزاب لا تستطيع أن تسوق هذه البرامج للجماهير، فالجماهير لا علاقة لها بالأحزاب ولا تعرف أسماء هذه الأحزاب ولا تعرف ما هى البرامج على الإطلاق، وبالتالى هذه الأحزاب فى تحالفاتها لا تسعى إلى تحالفات سياسية حقيقية، فالتحالف هو تحالف أحزاب تتقارب فى الفكر السياسى وتتقارب فى برامجها وأهدافها وإنما ما يحدث هو تحالفات موقتة حتى تستطيع أن تحقق مصالحها، فنرى أن هذه التحالفات تعتمد على تحقيق أهداف شخصية بعيدا عن الحياة الحزبية الحقيقية وبالتالى نرى أن هذه التحالفات تأخد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تحالفات جميعها متناقض فلا تبنى لا على أساس سياسى ولا على أساس رؤية حزبية حقيقية، ولكن تعلن عن ذاتها باعتبارها أحزابا وتحالفات تسعى إلى مصالح شخصية.

ولذلك نرى أحزابا تنتقل من تحالف إلى تحالف وتحالفات تعلن وتفشل.

٪     بعض الأقباط على قوائم حزب النور؟

هذه تعد مهزلة كبيرة، مهزلة لا حدود لها، لأن هؤلاء لا يجب أن نطلق عليهم أقباطا، أنا لا أوزع الإيمان والكفر، ولكن بالمقاييس المنطقية، وبالتحليل السياسى البسيط، كيف ينضم  س من الناس إلى حزب يتناقض كل التناقض مع مبادئه ومع أهدافه، ومتطلباته، فكيف يكون حزب النور يدعو دائما لتكفير الأقباط وعدم جواز المعايدة على الأقباط، ويدعو السائق إلى أن يوصل مسلم إلى خمارة ولا يوصل مسيحى إلى الكنيسة، يدعو إلى أن الأقباط لا يكونون رؤساء دول ولا وزراء ولا محافظين ولا أعضاء فى البرلمان .

كيف يكون حزب يعلن فى جهر النهار أنه لا يجوز أن يدخل القبطى البرلمان، وبعد ذلك يدعو الأقباط للدخول فى قائمته، حتى رأينا بعد ذلك أن مجموعة داخل الحزب ترفض وجود الأقباط فى القوائم، ولكن بالضرورة وهم دائما يفعلون ذلك يسيرون تحت شعار الضرورات تبيح المحظورات، فالحزب والدعوة السلفية أصدرا فتوى تقول إن الحزب اضطر بناءً على المادة الدستورية التى تفرض أن تكون القوائم بها أقباط.

 فمازال الحكم الشرعى هو عدم جواز أن يكون القبطى عضوا فى البرلمان. فإذا كان حزب النور هذه آراؤه وهذه تصريحاته كيف يتثنى لإنسان يحترم ذاته، يطلق على نفسه أنه قبطي، وأن ينضم لحزب رأيه فى الأقباط هكذا، هذا يعنى انتهازية من الحزب وانتهازية من هؤلاء.

أحزاب للتحالف رغم اختلاف أيديولوجياتهم ؟

هذا تناقض فظيع، فمثلا كيف يكون حزب مثل التجمع مع حزب كالوفد، كيف ينظم حزب يسار اليسار مع حزب يمين اليمين فى تحالف واحد، فبرنامج كل منهما يختلف عن برنامج الآخر ورؤيتهم وأفكارهم. إذا التناقض هنا يدل على الانتهازية، فالتحافات السياسية تحالفات يربطها عامل مشترك تقارب سياسى ما، تحالفات تجمع المتقاربين وليس المتناقضين، ولذلك لا نرى فى أى تحالف معلن، أى فكرة سياسية أو رؤية حزبية، إذا كان التحالف السياسى الحزبى للبرلمان لا يبنى على فكرة حزبية، فهذا يعنى أنه يبنى على مصلحة شخصية، إذا هذا ليس تحالفا بل فشل حزبى وفشل سياسي.

٪   مستقبل البرلمان القادم .. فى ظل الوضع الحالي؟

 بعيدا عن التوقعات، الترشيحات السابقة لو قيمناها تقييما علميا، نجد أن البرلمان القادم هو برلمان المستقلين، سيكون عدد قليل للأحزاب لا يتوازى مع عددها.

٪       على نسبة عالية فى مجلس النواب القادم ؟

سيكون لحزب النور الانتهازى أصوات بفضل الذين يميلون للتيار الإسلامي، بمن فيهم الإخوان المسلمون المختلفون الآن مع السلفيين، ولكن سيصوتون لهذا الحزب، وكذلك ستكون هناك عودة لما قبل 25 يناير، من الـحزاب المنتمية إلى السلطة، أو بمعنى آخر من تربطهم مصالح مع السلطة، هؤلاء هم الذين لهم تجمعاتهم العائلية والمادية، والذين يسعون إلى السلطة من غفير القرية مرورا بالعمدة إلى المجلس المحلى إلى البرلمان هؤلاء هم من يسيرون فى اتجاة السلطة وسيكون مع السلطة أياً كانت، وهم من سيكون لهم تواجد أكثر فى المجلس القادم

٪  تقييمك لدور الإعلام فى مناقشة القضايا السياسية؟

للأسف، الإعلام فى هذه الأيام تحديدا يمر بأزمة مهنية حقيقية، فالإعلام له دور معروف، دور تنويرى ودور تثقيفى ودور فى إرشاد الرأى العام، والإعلام يجب أن يكون له دور قوى فى إرشاد والتأثير على أى سلطة فى العالم، ولكن الإعلام الرسمى فشل.. وغياب دوره بشكل عام، أدى إلى سيطرة القنوات الفضائية والجرائد الخاصة، فأصبح كل حزب وكل رجل أعمال لديه وسيلة إعلامية سواء كانت جريدة أو قناة فضائية يسعى من خلالها إلى تنفيذ مصالحه الخاصة، بمعنى أن صاحب الجريدة أو القناة يضغط على السلطة إذا اختلف معها تهديدا للسلطة حتى تحقق ما يريد، وإذا استفاد منها ينافقها ويصبح ملكيا أكثر من الملك ...!!.

٪  هى إيجابيات وسلبيات السيسى بعد مرور سنة على توليه المنصب ؟

السيسى كشخص لا نستطيع أن نقول إلا أنه وطنى مخلص يريد أن ينهض بالوطن، ويريد أن يدعم مصر، ولكن للأسف الشديد لا نستطيع أن نقول إن هذا الكلام ترجم على ارض الواقع ، لان السيسى ليس رجل معجزات ولا رجل خارق ولا يستطيع ان يغير مصر بمفرده، ولكن هذا يعنى انه ستكون هناك رؤية حقيقة للتغير، رؤية حقيقية للقضاء على الفساد وعلى الرشوة وعلى المحسوبية وعلى غياب القانون وإعادة هيبة الدولة والحفاظ على الحريات وعلى حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة الاجتماعية، كل هذا لا يحقق بشعارات يطلقها السيسي، ولكن مطلوب ان يقوم السيسى بتفعيل ذلك على أرض الواقع، حيث ان شعارات السيسى هذه، وقناعاته لابد ان تظهر فى كل الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن وكل رؤساء القري، وان يكون كل فى موقعه سيسى فى رؤيته، وبما يريد من العمل .

وهذه رسالة أوجهها إلى الرئيس: حتى هذه اللحظة ما زالت الجماهير تثق فيك، وتأمل فيك لتحقيق الثورة على ارض الواقع، حيث ان الثورة لم تحقق بعد، ولكن هذا يتطلب ان تكون رؤيتك هذه التى انبهرنا بها ومازلنا منبهرين بها، مطبقة على أرض الواقع، وأن يكون هناك ثواب وعقاب حتى نقضى على الفساد، لان الفساد هو الاساس الذى يحول دون تقدم الوطن والذى يحول دون ما تعلنه من مبادئ، فليكن بالقانون لانه هو القادر على إنهاء الفساد المستشرى فى الدولة العميقة، حتى يمكن ان تتحقق العدالة الاجتماعية وتتحقق الثورة .

أما المهندس إبراهيم محلب فأقول له إن نجاح الحكومة لن يكون من خلال التصريحات الإعلامية، أو التنطيط بين المحافظات والقري، ورئيس الوزراء عمله هو رئيس الحكومة وليس محافظا ولا رئيس مدينة أو رئيس قرية، فلا داعى من زيارات هى مجرد مضيعة للوقت، فرئيس الحكومة هو الذى يدير ويعطى التعليمات لكل من يليه فى المناصب الحكومية، ويحولهم إلى شعلة حقيقية للعمل وخدمة الجماهير وتحقيق الأهداف السياسية العليا .