جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب: من يصدق أوباما؟!

-

لاشك أن تصريحات باراك أوباما الأخيرة بضرورة تدخل العرب في سوريا تعطي دلالة أن رئيس أمريكا أصبح يتخبط في كل الاتجاهات فأصبح الخطاب الإعلامي للإدارة الأمريكية في وادٍ والأفعال على الأرض في واد آخر، فهو يريد أن يحرق المنطقة العربية قبل أن يرحل عن البيت الأبيض بعدما فقد مصداقيته لدى الشعب والكونجرس الأمريكي بغرفتيه الشيوخ والنواب لأنه أصبح مفعولا به وليس بفاعل وهذا ما تؤكده تصريحاته في كثير من الأزمات. فمنذ أيام طالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بضرورة الحوار مع بشار الأسد لحل الأزمة السورية وفي نفس الوقت طالب أوباما بتدخل العرب ودعم المعارضة السورية ولا تفاوض مع الأسد، ناهيك عن الورقة الخطيرة التي يلعب عليها مع إيران من خلال الاتفاق النووي والموافقة من حيث المبدأ على عودة النفوذ الفارسي للمنطقة وخاصة في منطقة الخليج..

وفي نفس الوقت أعطي الضوء الأخضر للسعودية من خلال عاصفة الحزم وبدعم لوجيستي ومخابراتي من الأمريكان لضرب الحوثيين وميليشيات علي عبد الله صالح الذي يعتبر صناعة أمريكية سعودية مشتركة، وهذا يتعارض مع الاتفاقيات والصفقات غير المعلنة مع الإيرانيين وأتباعهم من الحوثيين. كما لا يمكن للإيرانيين وأتباعهم أن يعبثوا ويتمددوا في اليمن غير السعيد ويقفزون على السيطرة على باب المندب، هذا المضيق المائي الذي يمثل شريانا تجاريا لـ10 % من التجارة العالمية، فمن يصدق أوباما؟....هل هو مع السعوديين أم مع الإيرانيين أم أنه مع المصالح الأمريكية في المنطقة. والتساؤل ....لماذا شن نتنياهو هجوما حادا على الاتفاق النووي مع إيران في الكونجرس الأمريكي ؟..وكيف أصبح هناك أغلبية برلمانية ستصوت ضد هذه الاتفاقية لصالح إسرائيل؟. أعتقد أن كل ما يجري في المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم نتيجة التدخل الأمريكي والفوضى الأوبامية لأن لغة الخطاب والتصريحات لا تتفق على الإطلاق مع الأقوال والأفعال على الأرض . فقضية أوباما أنه لم يجد أحدا يصدقه فأصبح يصدق نفسه على أنه فاعل خير وصانع الأزمات في العالم ونصير الإخوان المسلمين والإرهابيين في الأرض. فأوباما منذ عام أو أكثر هدد بضرب سوريا وبشار الأسد لامتلاكه الأسلحة الكيماوية ولكن بعد التدخل الروسي لم يضرب إلا نفسه ولم يحدث أي شيء على الإطلاق بعد الفيتو الروسي، وكذلك ما حدث في أوكرانيا رغم العقوبات الاقتصادية والتهديدات السياسية فلم يتغير في الخريطة الأوكرانية شيء، والمثير للدهشة أن أوباما وقف بشدة ضد رفع الحظر عن بيع الأسلحة للجيش الليبي وتحرير التراب الليبي من ميليشيات داعش وفجر الإخوان وتنظيم القاعدة وعلل الرفض بأن الحل السياسي سينهي الأزمة، وهو يعلم تماما من خلال أجهزته الاستخباراتية وأقماره الصناعية أن الوضع في ليبيا سيخرج عن السيطرة وسينعكس انعكاسا مباشرا على مصر بصفة خاصة وتونس والجزائر بصفة عامة، ولكن أصر على رفض الطلب المصري الليبي مستهدفا إشعال ليبيا وتصدير الإرهاب للحدود المصرية.

 

 

وهذا يؤكد أن أوباما يلعب بالنار لحرق العالم، ورغم أننا مع التوجه السعودي في ضرب ميليشيات الحوثيين وجماعات علي عبد الله صالح، إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة ...لماذا تأخرت السعودية منذ شهر سبتمبر 2014 عندما أصبح الحوثيون في قلب صنعاء ومسيطرين على دار الرئاسة والمؤسسات الحكومية والعسكرية والإعلامية، وهم يعلمون الدور الذي لعبه جمال بنعمر مبعوث الأمم المتحدة لليمن الذي أعطى الضوء الأخضر لعلي عبدالله صالح أولا والحوثيين الذي ذهب إليهم في صعدا، فلماذا لم تتحرك السعودية آنذاك لوأد هذا المد الفارسي وضرب الحوثيين وعلي عبد الله صالح قبل وقوع اليمن في فخ الحرب الأهلية التي لن يكون لها نهاية نظرا لطبيعة الأرض اليمنية وطبيعة الشعب اليمني التي تعتبر القبيلة هي الدولة والدولة هي القبيلة؟، بالإضافة إلى هشاشة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي في التعامل مع الملفات الساخنة والحوار الوطني الذي كان سببا لاشتعال الأزمة لأنه يدرك وهو عمل لمدة 18 عاما نائبا لعلي عبد الله صالح أنه المسيطر على الجيش والقبائل وكل شيء في اليمن. وما لفت نظري أثناء حضور القمة العربية في شرم الشيخ أن الرئيس الشرعي لليمن الذي دعمه العالم العربي في قمة شرم الشيخ في موقف استثنائي لم يحدث من قبل، المفارقة المضحكة والمبكية من خلال الرؤية السياسية، أن عبد ربه منصور عندما ذهب ليسلم فقط على خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز ويعود لشرح الموقف اليمني الراهن أمام الرؤساء العرب والإعلام الدولي والعربي طلب منه الملك سلمان أن يركب معه الطائرة، فترك القمة ولم يعتذر ولم يسلم على أحد وترك وزير خارجيته رياض ياسين يدافع عن الموقف بكل ما أوتي من قوة ولآخر لحظة في القمة. ولكن استقبال أوباما منذ أكثر من عام لعبد ربه منصور هادي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنحه دعما لوجيستيا، جعل هذه بداية السقوط لعبد ربه، الذي سقط في فخ الحوثيين وعلي عبد الله صالح. إن الزيارة التي يقوم بها الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد ووزير الداخلية إلى تركيا الآن، وكذلك إيران ولقائه منذ فترة بأوباما لمدة 6 ساعات وعدم مجيئه إلى مصر هل تعطي علامات استفهام للعلاقة بين القاهرة والرياض؟...وأن ملف العلاقات الخارجية المصرية السعودية في سوريا واليمن أصبح محل خلاف وليس اتفاقا ؟ ...ولكن لا يمكن أن ينسى الشعب المصري موقف الملك عبد الله رحمه الله والشعب السعودي إبان 30 يونيو، كل هذه المعطيات تثير علامات استفهام وتصب في الجانب السلبي وليس الإيجابي وهذا ما لا نتمناه لأن مصر والسعودية يمثلان الدول المحورية عربيا وإقليميا ...فهل هناك دور خفي لأوباما في محاولات فك الشفرات المصرية السعودية بعد تولي خادم الحرمين الملك سلمان الذي أثبتت التجربة أنه عاشق لمصر والمصريين، وكانت أول زيارة خارجية له منذ توليه سدة الحكم هي حضور قمة شرم الشيخ. وأخيرا أعتقد أن الشارع العربي لن يصدق أوباما بعد اليوم لأن أوباما لا يصدق أوباما

 

ماذا بعد عاصفة الحزم

الأحداث تتصارع والعالم يترقب ويتابع ما يجري في المدن اليمنية من فر وكر واقتتال بين ميليشيات علي عبد الله صالح والحوثيين من جهة والمقاومة الشعبية الرائعة من جهة أخرى. ولكن ما هو الهدف وماذا بعد عاصفة الحزم التي دكت وضربت وفككت الآلة العسكرية لعلي عبد الله صالح والحوثيين ...هل سيكون الحوار السياسي على مائدة المفاوضات هو المخرج من الأزمة اليمنية بعد أن يتم تقليم أظافر وقوى علي عبد الله صالح بصفة خاصة والحوثيين بشكل عام ؟...لأن السعودية لا ترغب في استمرار الأزمة أو احتلال اليمن ولكن تدافع عن أراضيها وحدودها مع اليمن بعد تهديد الحوثيين لها واستعراض قوتهم ...ولابد أن نعترف أن عاصفة الحزم هي صراع بين الفرس والعرب والسنة والشيعة على مناطق النفوذ وعدم الاقتراب بعدما سقطت بعض العواصم العربية مثل بغداد وبيروت في أيدي الإيرانيين وقالها مستشار الرئيس روحاني إن الإمبراطورية الفارسية عاصمتها بغداد...ولكن لماذا لم تشارك مصر بقوة كبيرة وفعالية في الضربات الجوية حتى الآن ولم تشارك إلا بـ15 طائرة فقط ؟....وهذا مثار كلام في الإعلام الخليجي حول الدور المصري .. ناهيك عن البحرية المصرية ودورها القوي في تأمين باب المندب، للدفاع عن الأمن القومي المصري بالإضافة إلى قيام بعض رؤساء التحرير ورجال الإعلام في مصر بمهاجمة الدور السعودي وعاصفة الحزم . كل هذه الإرهاصات تجعلنا نفكر بشكل عملي بأن يكون هناك لقاء مشترك بين الرئيس المصري والعاهل السعودي أو بيان عملي يكشف تفاصيل الدور المصري في عاصفة الحزم حتى نخرس الألسنة ونحافظ على خصوصية العلاقة المصرية السعودية قبل وبعد عاصفة الحزم.