جريدة النهار المصرية

حوارات

محمد بن راشد .. على خطى زايد

اسامة شرشر -

جاءت مشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبى ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء فى  مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى والذى انتهت فعالياته منذ أيام قليلة, لطمة جديدة على وجه من يحاولون بث روح الفرقة بين مصر وبين أشقائها العرب, وكانت فى البداية الكلمة التى ألقاها "الشيخ محمد بن راشد "والتى كانت بمثابة انطلاقة للمؤتمر، حيث ألقى صاحب السمو كلمته والتى  أعلن فيها عن تقديم دولة الإمارات العربية المتحدة 4 مليارات دولار لدعم مصر.

وقال بن راشد فى كلمته: فخامة الأخ عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، أصحاب الفخامة والسمو والمعالي..

تحيات طيبات أنقلها إلى أرض الكنانة من دولة الإمارات، أرض زايد بن سلطان حكيم العرب، الذى قال قبل أكثر من أربعين عاما "لن يكون النفط العربى أغلى من الدم العربي"، أرض زايد بن سلطان الذى آمن بمصر وقال بعد أن تعالت أصوات فى غفلة من تاريخ أمتنا لمقاطعة مصر، قال "لا وجود للأمة العربية بدون مصر، ولا يمكن لمصر أن تستغنى عن أمتها العربية.

وأضاف فى كلمته نفخر دوماً فى دولة الإمارات بعلاقاتنا التاريخية الراسخة مع مصر ومع شعب مصر، فمصر هى وطن ثانٍ لنا، كما أن الإمارات هى وطن ثان للمصريين، لنا ما لهم وعلينا ما عليهم, استكمل حديثه:

يعلمنا التاريخ بأن مصر عندما تكون قوية فإنها قادرة على بث الحياة فى الأمة وتجديد نهضتها وقيادة مسيرتها، واقرأوا عن انكسار الغزاة على أعتابها، وحركات التنوّر الثقافى التى خرجت من أرضها، ومسيرات التحرر من الاستعمار التى انطلقت من ترابها، اقرأوا عن أبطالها وكتابها وروادها، اقرأوا عن أزهرها وعلمائها وقرائها، اقرأوا عن جيشها وأبطالها وقادتها.

إن الوقوف مع مصر الحاضر أيها الإخوة هو بث الروح فى مستقبل الأمة، وما نضعه فى مصر اليوم هو استثمار لاستقرار المنطقة سنراه فى الغد القريب بإذن الله.

وأضاف" بن مكتوم": ومن هذا المنبر، أعلن عن دعم إضافى من دولة الإمارات العربية المتحدة لجمهورية مصر العربية بقيمة إجمالية قدرها أربعة مليارات دولار، بحيث يتم ايداع مبلغ مليارى دولار كوديعة فى المصرف المركزى المصري، وسيتم توظيف مليارى دولار آخرين لتنشيط الاقتصاد المصرى عبر مجموعة من المبادرات التى سيتم الاعلان عنها لاحقا.

وقوفنا مع مصر فى هذه الظروف ليس كرها فى أحد، بل هو حبّ فى شعبها، وليس منّة على أحد بل واجب فى حقها، وليس لعائد سريع نرجوه بل هو استثمار فى مستقبل مستقر لأمتنا العربية .. دولة الإمارات ستبقى دائما مع مصر.

مشاريع حديثة فى عهد "بن راشد"

معظم المشاريع الحديثة فى دبى بدأت مع توليه ولاية العهد فى الإمارة، وكانت تحظى بموافقة ودعم إخوانه خصوصًا وأن هذه المشاريع كانت تساهم بصورة سريعة فى رسم صورة مشرقة جديدة لدبى والتى كانت تحتاج إلى مثل هذه المشاريع لنضوب النفط فيها والذى ما عاد يشكل أكثر من 20% من دخلها فى ذلك الوقت، وكان لابد لنجاح هذه المشاريع أن يحقق ثلاثة عناصر هامة وهي:

تسويق دبي.

تحقيق مصداقيتها فى قدرتها على تنفيذ ما تعد به.

أن جميع ما تقدمه دبى يجرى فى مناخ آمن ومكتوب له النجاح.

فى أواخر عام 1995 أعلن عن ولادة مهرجان دبى للتسوق، وكان الهدف من وراء هذا المهرجان السنوى توظيفه كوسيلة للترويج للاقتصاد الإماراتى على المستوى العالمي، إذ بلغت قيمة المبيعات ما يقارب المليار دولار فى دورته الأولى. وأراد الشيخ محمد أن يغنى المهرجان بأحداث ونشاطات مثيرة فجاء الإعلان عن كأس دبى العالمى لسباقات الخيول، ليتزامن حفل افتتاح هذه الكأس مع بداية مهرجان دبى للتسوق.

لتطوير السياحة فى دبى كان لا بد من إنشاء مطار يمثل التطور فى البلاد، فقرر بتطوير مطار دبى الدولى وإنشاء مبنى جديد لاستقبال المسافرين مزود بكل وسائل الراحة والتسوق وكافة الخدمات العصرية التى تحتويها أفضل المطارات العالمية، فبدأت أعمال الإنشاء وتنفيذ التوسعة، ليتم افتتاح المبنى الجديد بالمطار فى 1 أبريل 1998 والذى أطلق عليه اسم مبنى الشيخ راشد على اسم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وهى المرحلة الأولى من خطة التوسعة لمطار دبى الدولي.

كما تبنى الشيخ محمد بن راشد  مشروع فندق برج العرب الذى أنشئ على جزيرة اصطناعية تبعد مئة متر عن شاطئ البحر، بعلو ينقص ستين مترًا فقط عن مبنى إمباير ستيت بالإنجليزية: Empire State Building فى مدينة نيويورك فى الولايات المتحدة، ولينافس بعلوه الشاهق أعلى الأبنية فى العالم.

وفى عام 1997 أمر بإنشاء برنامج دبى للأداء الحكومى المتميز ووضع جائزة للأداء الحكومى المتميز سميت بجائزة دبى للأداء الحكومي. وقد وضعت معايير دولية للجودة على الدوائر الحكومية اتباعها تستند إلى تسهيل الإجراءات والشفافية وسرعة الأداء واتباع الأساليب الحديثة فى الإدارة واكتشاف القياديين وتفعيل العلاقة بين الدائرة ومن يتعامل معها بصورة متينة. كما أمر أن الاشتراك بهذا البرنامج إجبارى للدوائر الحكومية حتى يتم رفع مستوى العمل الحكومى بالتوازى مع العمل الخاص.

حكومة دبى الإلكترونية

فى 11 مايو 1999 وفى كلمة ألقاها فى حفل توزيع جائزة دبى للجودة أعلن إنه بعد سنة ونصف سوف تتحول حكومة دبى بشكل كامل إلى حكومة إلكترونية، وقد أنجزت المبادرة فى الوقت المحدد لها، فكانت أول حكومة إلكترونية متكاملة فى العالم.

وفى 4 يناير 2006 تولى الحكم فى إمارة دبى بعد وفاة أخيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم بنفس اليوم. وانتخبه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد فى 5 يناير 2006 نائباً لرئيس الدولة، ووافقوا على اقتراح رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بتكليفه برئاسة مجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة.

عاصمة مصر الجديدة والشيخ بن راشد

وفى اليوم الأول للمؤتمر الاقتصادى المصرى شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والرئيس عبدالفتاح السيسى التوقيع على اتفاقية مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر بتكلفة 150 مليار جنيه مصرى وتقع على طريق العين السخنة على مساحة تقدر بـ 700 كيلو متر مربع والمرحلة الأولى منها مساحتها 135 كيلو مترا مربعا.

وقع الاتفاقية، محمد على العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية المستثمرة فى المشروع، وعن الجانب المصرى الدكتور المهندس مصطفى كمال مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة.

حضر مراسم التوقيع على الاتفاقية، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية وأعضاء الوفد المرافق لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى  والمهندس ابراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء المصرى وعدد من الوزراء وكبار المسئولين.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والرئيس عبدالفتاح السيسى قد اطلعا من خلال مجسم ضخم على مكونات المشروع الذى تشارك فى تنفيذه أكثر من 35 شركة مصرية متخصصة فى أعمال الإنشاءات والمقاولات، وسيكون مقرا للوزارات والهيئات الرسمية والسفارات بمصر ومقرا للشركات ومؤسسات القطاع الخاص ويضم كذلك منتجعات ومراكز تسوق حديثة وأحياء سكنية راقية .

وتستوعب المدينة الواعدة التى ستكون العاصمة الإدارية الجديدة لجمهورية مصر العربية نحو 7 ملايين نسمة وستربط بعد تمام تنفيذها بين القاهرة وقناة السويس.

وقد بارك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والرئيس المصرى المشروع واعتبراه انعكاسا حقيقيا لعمق الروابط والعلاقات الأخوية التى تربط بين دولة الإمارات وجمهورية مصر قيادة وحكومة وشعبا.

وتفقد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والرئيس السيسى وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية ومعالى الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير دولة والمهندس مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، معرض العاصمة الإدارية الجديدة على هامش مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري.

واستعرض الدكتور مصطفى مدبولى تفاصيل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر والتى سوف يتم إنشاؤها بين مدينتى القاهرة والسويس، لافتا إلى أن سبب اختيار الموقع هو تتبع اتجاه التوسع العمرانى للقاهرة والذى يتجه إلى جهة الشرق باستمرار.

 والطريق الذى سيربط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة سيحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤكدا أن القوات المسلحة المصرية بدأت فى إنشائه بالفعل، مشيرا إلى أنه سيتم تدشين خط سكك حديد لقطار فائق السرعة يربط القاهرة والسويس ويمر بالعاصمة الجديدة.

كما أن هذا المشروع يهدف إلى توفير بيئة عمل متكاملة وحديثة وعالية التقنية ومخدومة ببنية أساسية عالية الجودة، فالعاصمة الإدارية تعمل على جذب رءوس الأموال والشركات العالمية للتواجد بالمكان كما تعمل على إتاحة الفرصة لتفريغ القاهرة من التكدس الناتج عن حركة العاملين بالوزارات والجهات الحكومية، وستصبح القاهرة العاصمة التراثية والثقافية والتاريخية ومقصدا سياحيا.

كما  تم اختيار الموقع فى المنطقة المحصورة بين طريقى القاهرة - السويس والقاهرة - العين السخنة شرق الطريق الدائرى الإقليمى مباشرة أى بعد القاهرة الجديدة ومشروع مدينتى ومدينة المستقبل، ويبعد الموقع المقترح حوالى 60 كم من مدن السويس والعين السخنة، وستخدم هذه العاصمة الإدارية وتتكامل مع التنمية التى ستنشأ عند تنمية محور قناة السويس "البؤرة الجنوبية للمشروع محور قناة السويس".

جاء هذا الطرح متوافقا مع عدد من الدراسات التخطيطية السابقة، حيث كانت هناك مبادرات سابقة لتفريغ القاهرة من الوزارات تباعا وتم أكثر من مرة اختيار بعض المواقع ولم تدخل حيز التنفيذ وتم الاتفاق على المنطقة التى ستنشأ بها العاصمة الإدارية الجديدة لعدة اعتبارات تنموية. والعاصمة الإدارية الجديدة من المخطط أن توفر المتسع لتواجد الوزارات المختلفة ومجلس الوزراء، بالإضافة إلى حى دبلوماسى للسفارات ومقار للشركات والمؤسسات الدولية الكبرى ومراكز للمال والأعمال ومناطق للمعارض ومنطقة سكنية ومجمعات تكنولوجية وعدد من الجامعات والفنادق الكبرى وذلك فى إطار من التخطيط البيئى المستدام الذى يراعى الأبعاد البيئية واستخدام أفضل الممارسات البيئية فى الإمداد بالطاقة والبنية الأساسية.

كما  سيتم ربط العاصمة الإدارية الجديدة بشبكة مواصلات على أعلى مستوى ضمن خطة الدولة لتطوير وسائل النقل الجماعى وخدمة التجمعات العمرانية الجديدة الموجودة شرق القاهرة، حيث سيتم ربطها بالمترو مرورا بطريق القاهرة -  السويس وبالقطار المكهرب الذى سيخدم مدن شرق القاهرة مرورا بطريق القاهرة - الإسماعيلية. و هناك اهتماما بأن تصبح العاصمة الإدارية الجديدة بيئة استثمار جيدة تحتوى على البنية الأساسية والخدمات المطلوبة، بالإضافة إلى شبكة اتصالات.