النهار
جريدة النهار المصرية

فن

ذكرى وفاة محمد رضا: ”المعلّم” و”ابن البلد” الذي ترك ”شركة بترول” من أجل التمثيل

-

الفنان محمد رضا، المعلم ابن البلد، الرجل الجدع والشهم، ولد بمدينة أسيوط في 20 ديسمبر من عام 1921، وحصل علي دبلوم الهندسة التطبيقية العليا ثم عين بإحدي شركات البترول بإحدي المحافظات النائية.

عشقه للفن أخذ يداعب خياله ويقلقه بل ويزلزل استقراره ، تنازل عن العمل ذى الدخل الثابت المضمون الذي كان يوفره له عمله كمهندس بترول ناجح، حاول ان يندمج في عمله، ولكن نداء الفن وعشقه له كان اقوي، فقد قرأ في احدى المجلات الفنية عن مسابقة لاختيار الوجوه الجديدة لتقديمها الي السينما، تردد ثانية واحدة ، قبل أن يسافر للقاهرة قاطعا آلاف الأميال لتحقيق حلمه وبدون إذن من رؤسائه غادر مكان عمله، اشترك في المسابقة، بعدها شعر بضرورة العودة الي مقر عمله ليجد قرار فصله (التعسفي) لتغيبه بدون عذر مقبول.

لم يهتم بالقرار بل مضي في طريق التحدي وتحقيق الحلم والهدف، ودرس في معهد العالي للفنون المسرحية ليثقل الموهبة بالعلم وتخرج فيه عام 1953.

هو الفنان الكوميدي ذو الأداء التلقائي، تتلمذ علي يد عمالقة الفن أمثال يوسف وهبي وزكي طليمات، انطلق وبرع في تشخيص وتقمص شخصية ابن البلد.

طبع "المعلم" الكوميدي لم يفارقه علي خشبة المسرح أو داخل بلاتوهات السينما، اشتهر بخفة دمه ومرحه الدائم لم يحتاج وقتا طويلا للحصول علي محبة الجمهور والوصول الي قلوبهم فقد اعتمد في أدائه علي كوميديا الموقف، وليس الاعتماد علي اللفظ الخارج، ما جعله يصنف مع عتاولة الفن الكوميدي التلقائي النظيف.

في رائعة صاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ (زقاق المدق ) كانت الانطلاقة الحقيقية للمعلم رضا، فقد رشحه المخرج لدور المعلم (كرشة)، نجح فيه بل وبرع في إضافة عدة لزمات له وبصمات استمرت معه طوال مشواره الفني، ما جعل هذا الدور يكتب له وثيقة النجاح، والذي عبر عنه نجيب محفوظ عندما شاهد مسرحية زقاق المدق :"أهُه.. ده المعلم كرشة.. زي ما اتخيلته بالظبط".

هو صاحب فيلم "حمام شعبي" الذي ساهم في وضع أولي خطواته علي سلم الشهرة والمجد في عالم السينما والمسرح أيضا، بل ولفت إليه المخرجون والنقاد بعدما تعددت الأدوار ولكن بنفس النمط والأسلوب، فقد عشق هذا اللون، وأخذ يبدع ويبرع فيه ففي مسرحية "المغناطيس" أدي دور المعلم محمود "عربجي الكارو" والذي نقله نقلة كبيرة في عالم التمثيل والمعايشة.

استمرت أعماله، وفي "خان الخليلي" مع عماد حمدي وحسن يوسف، والذي أدي فيه دور ابن البلد "جار" أسرة حسن يوسف ، والذي مرض بمرض "السل" ووقف معهم موقف الشهم الجدع وساندهم في هذه الازمة التي المت بالاسرة.

تنوع في الأداء الكوميدي والذي شجعه علي ذلك بنيانه الضخم، فبرع في فيلم "رضا بوند"، و"انت اللي قتلت بابايا"، و"بنات حواء"، و"اضراب الشحاتين"، و"عماشة في الادغال"، و"ساكن قصادي"، و"العتبة جزاز".

وفي يوم 21 من شهر فبراير عام 1995 رحل المعلم الجدع، المعلم كرشة، جيمس بوند، عن عمر ناهز 74 عاما تاركا خلفه ميراثا مميزا وفنا منفردا، وموهبة متميزة في عالم التقمص والمعايشة والأداء التلقائي الذي دعمه ببصمات ولمسات خاصة جدا.