جريدة النهار المصرية

أهم الأخبار

ننشر النص الكامل لتقرير مفوضى «الدستورية» عن «أزمة المرتبات»

-

 

نص تقرير هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا فى دعوى عدم الاعتداد المقامة من 11 مستشاراً بهيئة المفوضين ضد 4 من قضاة الاستئناف بحكم محكمة النقض الصادر لصالح قضاة الاستئناف، بإلزام المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا، بالكشف عن مرتبات قضاة المحكمة.

وانتهى التقرير الذى أعده المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، وجاء فى 35 ورقة، إلى إصدار حكم بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض، فيما حدّدت المحكمة الدستورية جلسة 24 فبراير الحالى للنطق بالحكم، بعد تسلّمها تقرير المفوضين، وصرحت للمدعى عليهم من قضاة الاستئناف بالاطلاع على التقرير، وإيداع مذكراتهم بالرد عليه خلال أسبوع.

ورد التقرير على ما أورده المدعى عليهم فى مذكراتهم من أن المحكمة الدستورية العليا كانت دائرة من دوائر محكمة النقض، بأن هذا غير صحيح، استناداً إلى أن محكمة النقض منذ إنشائها عام 1931 وحتى اليوم لا تحوى إلا دائرتين، هما الدائرة المدنية والدائرة الجنائية، وأنه لم تنشأ دائرة دستورية أبداً، ومن ثم فإن توهم البعض تأثراً بمقولات أطلقت بغير علم من فصيل بعينه، بأن القضاء الدستورى نشأ فى كنف محكمة النقض هو زعم غير صحيح، لأنه لم يوجد فى مصر قضاء دستورى متخصص قبل إنشاء المحكمة العليا سنة 1969. وأضاف التقرير أن المادة 185 من الدستور الحالى نصّت على أن: «تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقماً واحداً، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها»، فى حين نصّت المادة 191 منه على أن: «المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، مقرها مدينة القاهرة، ويجوز فى حالة الضرورة انعقادها فى أى مكان آخر داخل البلاد، بموافقة الجمعية العمومية للمحكمة، ويكون لها موازنة مستقلة يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقماً واحداً، وتقوم الجمعية العمومية للمحكمة على شئونها، ويُؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بشئون المحكمة. وتابع التقرير: «لو أن المشرّع الدستورى قد نص على اعتبار المحكمة الدستورية العليا جزءاً من السلطة القضائية أو على أقل القليل أراد التماثل والمساواة فى الأحكام المالية بين المحكمة الدستورية العليا وسائر الجهات والهيئات القضائية الأخرى، لاكتفى فى شأن الموازنة المستقلة للمحكمة الدستورية بنص المادة 185 من الدستور، بحسبانه نصاً عاماً أو لأحال إليه فى أسوأ الفروض، مستغنياً عن تكرار أحكام هذه المادة، ومعاودة ترديد ذات ألفاظها فى المادة 191، والقول بغير هذا يؤدى إلى وصم المشرّع الدستورى بالهزل واللغو والعبث ودمغ الدستور بعدم انضباط الصياغة والتكرار والتزيّد فى غير ضرورة أو مسوغ، وهو ما يجب أن ننزّه الدستور عنه».

وأضاف التقرير أن المادة 194 من الدستور نصّت على أن: «رئيس ونواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، مستقلون وغير قابلين للعزل، ولا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وتسرى بشأنهم جميع الحقوق والواجبات والضمانات المقرّرة لأعضاء السلطة القضائية، ويلاحظ من هذا النص ملاحظتان: الأولى أن المشرّع أوضح فى هذه المادة الضمانات والحقوق الدستورية الأساسية التى كفلها لرئيس المحكمة الدستورية العليا وأعضائها، ولرئيس هيئة المفوضين بها وأعضائها، ولم يكتفِ فى شأنها بالإحالة على الضمانات والحقوق ذاتها المقررة للقضاة فى المادة 186 من الدستور، مما يعنى تفرّد المحكمة الدستورية عن أوضاع السلطة القضائية بجهتيها. والثانية هى قطع الدستور أمر قصر المساواة فى الحقوق والواجبات على تلك المقرّرة لأعضاء جهتى السلطة القضائية، القضاء العادى ومجلس الدولة، دون المساواة مع أعضاء المحكمة الدستورية العليا، ذلك أن المادة 186 الواردة فى الأحكام العامة لفصل السلطة القضائية، التى تنص على أن: «القضاة متساوون فى الحقوق والواجبات بما يقطع مساواة القضاء العادى كافة، مع أقرانهم فى مجلس الدولة فى الحقوق والواجبات جميعها، حيث إن المادة 194 من الدستور المبينة لضمانات قضاة المحكمة الدستورية العليا وواجباتهم نصّت على أنه «تسرى بشأنهم جميع الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لأعضاء السلطة القضائية» بما يقطع بأمرين:

الأول: أن أعضاء المحكمة الدستورية العليا لا يندرجون فى عداد أعضاء السلطة القضائية، وإلا لكان لغواً من المشرّع الدستورى تسرية أحكام مقررة لأعضاء السلطة القضائية عليهم، ولاكتفى بعموم نص المادة 186 من الدستور، فإذ إنه لم يفعل، وأورد نص المادة 194، وذلك يعتبر معاودة تأكيد من المشرّع الدستورى على خروج أعضاء المحكمة الدستورية العليا من عداد أعضاء السلطة القضائية.

ثانياً: أن المشرّع الدستورى لم يقصد إلى المساواة بين أعضاء السلطة القضائية وأعضاء المحكمة الدستورية العليا، وإلا لاستخدم لفظ «وهم متساوون»، مثلما نص فى المادة 186 فى شأن أعضاء السلطة القضائية، وعوضاً عن ذلك استخدم اللفظ «يسرى»، بما مؤداه وجوب أن يتوافر لأعضاء المحكمة الدستورية العليا جميع حقوق أعضاء السلطة القضائية، وأن يتمتّعوا بالضمانات المقرّرة لهؤلاء، على أن يلتزموا بالواجبات المفروضة عليهم».

وأضاف التقرير: وحيث إنه لما كان ذلك، وكانت المستحقات التى تتقرّر لعضو المحكمة الدستورية العليا وأى من أعضاء هيئة المفوضين بها، مما يتصل من جانب بخصوصية طبيعة العمل المنوط بهم، ومن جانب آخر بخصوصية الأوضاع المالية المقرّرة بموازنة كل سنة مالية، وكان هذا جميعه يفارق نتيجة استقلال الموازنات المقرر دستوراً، فى أوضاعه الفنية والمالية لكل جهة أو هيئة من الجهات والهيئات القضائية الأخرى، وتكون الموازنة السنوية قد أضحت شأناً من شئون المحكمة الدستورية العليا، ولا يجوز تناولها أو كشفها إلا بموافقة الجمعية العامة للمحكمة، أو بحكم صادر من جهة ذات ولاية قضائية.

وتابع التقرير أنه لما كانت المادة 192 من الدستور تنص على: «تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية والفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها»، فإن أمر الموازنة المستقلة للمحكمة، وما يتفرّع عنها من حقوق لصيقة بها، ومنها الكشف عن رواتب أعضائها ومخصصاتهم المالية، هى من أخص شئون أعضاء المحكمة، فلا يجوز التعرّض لها إلا بوسيلة من وسائل 3 وهى: إجازة عضو المحكمة ذاته، أو قرار من الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، أو حكم من المحكمة المختصة دستورياً بالفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون الأعضاء، وهو ما لازمه رفض الدفع المقدم من المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر دعوى عدم الاعتداد بحكم محكمة النقض. وتابع التقرير: «مقيمو الدعوى من مستشارى المحكمة الدستورية لطلب عدم الاعتداد بحكم محكمة النقض، هدفهم الذود عن استقلال المحكمة ودفعاً للتغول على شئونهم الوظيفية الخاصة، بالكشف عن بيانات لا يجوز الكشف عنها إلا بطريق من الطرق سالف بيانها، ومن ثم تكون مصلحة المدعين متحققة، وتكون دعواهم مقبولة، ومن ثم يصبح دفع المدعى عليهم بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة مرفوضاً». وأكد التقرير أن المحكمة الدستورية العليا هى المختصة بالفصل فى شئون أعضائها استناداً إلى نص المادة 192 من الدستور، وبالتالى فإن الحكم الصادر من محكمة النقض صدر من جهة لا ولاية لها على شئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يصبح معه حكم «النقض» معدوماً.

وأشار التقرير إلى أنه من حيث إن المدعين يطالبون القضاء بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض لانعدامه؛ كونه صادراً فى شأن من شئونهم من محكمة لا ولاية لها بنظر شئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وكان المدعون ليسوا طرفاً فى الحكم المطلوب عدم الاعتداد به، ومن ثم جاز لهم أن يؤسسوا طلباتهم على أمور سابقة على صدور الحكم، كما أن لهم ولغيرهم تأسيسه أمام المحكمة الدستورية العليا، على عدم حجية الحكم المطلوب عدم الاعتداد به أمامها، لصدوره فى غير ولاية. وأوضح التقرير أنه لما كان الحكم الصادر من محكمة النقض قد صدر ماساً بأمر يتعلق بموازنة المحكمة الدستورية العليا، التى تعد شأناً من شئون المحكمة، وهو الاختصاص الولائى المحجوز استئثاراً لها ولأعضائها، دون غيرها، ومن ثم يكون حكم النقض المطلوب عدم الاعتداد به صدر فى غير ولاية، متجرداً من حجيته أمام المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يستوجب إجابة المدعين إلى طلبهم بعدم الاعتداد به.