جهات مجهولة تدعو لتصعيد أزمة استنساخ أبو الهول مع الصين

تتوالى منذ أيام تصريحات كثيرة ومتتابعة من المسئولين بوزارة الآثار المصرية يستنكرون فيها ما فعلته الصين من استنساخ أبو الهول وبعض الآثار الفرعونية المصرية، وهو أمر محمود ومشكور للجماعة الأثرية في حد ذاته كنوع من الغيرة على الآثار المصرية، ولكننا إذا مددنا الخط على استقامته سوف نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية قامت منذ فترة بعيدة بإنشاء مدن أثرية كاملة تحاكي الأهرامات وأبو الهول ومعابد الكرنك والأقصر وجميع الآثار المصرية البارزة تقريبا دون أن ينبس أحد ببنت شفة أو مجرد أن يبدي اعتراضه على هذه المسألة .
وهو الأمر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول السر في محاولة افتعال أزمة دبلوماسية بين مصر والصين في هذه الفترة الحرجة التي تحاول فيها مصر أن تتجه شرقا نحو روسيا والصين وكوريا واليابان وغيرها من الدول الشرقية كنوع من التوازن بين العلاقات الخارجية المصرية بدلا من الاستكانة للغرب الذي يرفض معاملة مصر بالمثل ويعتبرها مجرد تابع .
فالمتتبع لهذا الأمر لا شك أنه يلاحظ أنه بدأ بعد أن نشرت الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمستنسخ أبو الهول في الصين ولا يخفى على أحد أن أغلب هذه المواقع يتبع جماعة الإخوان وينفذ أجندات مشبوهة وبالتالي فلم يكن ينبغي أن تتورط فيها أطراف رسمية مثل الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار الذي أكد أنه سوف يخاطب مندوب مصر الدائم لدى اليونسكو دكتور محمد سامح عمرو لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو اطلاع الأعضاء الدائمين بالمنظمة على حجم الضرر الواقع على التراث الإنساني المصري والمتمثل فيما فعلته إحدى الجهات الصينية بتشييد تمثال محاكٍ لتمثال أبو الهول بمنطقة الأهرامات الأثرية وبصورة مشوهة لمقاييس وسمات التمثال الأصلي.
وأنه سيطالب أعضاء المنظمة العالمية بتطبيق ما جاء بالفقرة الثالثة من المادة السادسة لاتفاقية اليونسكو الموقعة عام 1972 لحماية التراث العالمي والثقافي والطبيعي ضد هذا الإجراء، والتي تنص على تعهد كل من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، بألا تتخذ متعمدة، أي إجراء من شأنه إلحاق الضرر بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالتراث الثقافي والطبيعي، والواقع في أقاليم الدول الأخرى الموقعة على هذه الاتفاقية».
وأشار إبراهيم إلى أنه طبقا لهذه الفقرة أيضا سوف تتم مخاطبة مدير عام منظمة اليونسكو دكتورة إيرينا بوكوفا لإطلاعها بأن إعادة إنتاج تمثال أبوالهول يلحق ضررا بالتراث الثقافي لمصر، حيث إنه مسجل على قائمة التراث العالمي ضمن منطقة منف ومحظور على أي دولة المساس بالقيمة الاستثنائية لهذا التراث، والتي على أساسها تم تسجيل هذه المواقع على قائمة التراث العالمي، والتأكيد على منع أي دولة من إعادة إنتاج التراث الثقافي لأي دولة أخرى التزاما ببنود اتفاقية 1972 وحفاظا على القيمة الاستثنائية لميراث الشعوب والذي لا يمكن أن يسمح بإعادة إنتاجه دون قيود ودون الرجوع للدولة المالكة لهذا التراث.
كما أشار وزير الآثار إلى أنه سوف يتم التنسيق مع وزارة الخارجية لمخاطبة سفارة الصين بالقاهرة وحثها على الالتزام بما نصت عليه اتفاقية اليونسكو الموقعة في عام 1972 .
والسؤال هنا لماذا لا يطالب ابراهيم بذلك مع آثارنا في «لاس فيجاس» بأمريكا حيث مدينة مصرية كاملة، ولا أحد يعترض، وذلك لأن ما تقوم به الدول من تقليد لآثارنا يعد دعاية لنا وإلا كان من الأولى لنا أن نحترم نحن حقوق الملكية الدولية ونرفض إنشاء الحديقة اليابانية التي تحتوي على تماثيل بوذا اليابانية .
من العيب أن تنساق وزارة رسمية مثل الآثار لحملة فيس بوك لمجرد «التهييص» حيث لا طائل حقيقي من ورائها سوى افتعال أزمات كاذبة مع دولة مهمة كالصين استجابت لتمويل سد النهضة مؤخرا بعد أن أدركت أن ذلك يسبب ضررا لمصر وعلى مسئولي وزارة الآثار الأشاوس أن يتصدوا لأبو الهول الأمريكي أما الصيني فليعتبروه غير موجود كما يفعلون أمام بيع آثارنا الأصلية جهارا نهارا في صالات المزادات العالمية دون أن تتحرك الوزارة.

