النهار
جريدة النهار المصرية

حوادث

ربة منزل تعيش مشهد حنان ترك في «إبراهيم الأبيض» بالقناطر

-

 


كابوس أصبح حقيقة مريرة، استيقظت عليه نعمة وأطفالها الخمسة، فقدوا الأب فى جريمة سطو على منزلهم، نفذها ثلاثة ملثمون، قتلوا عائل الأسرة أمام أعين زوجته وأطفالها، حاولت نعمة الصراخ لعل أحدا ينقذه وينقذها، فباغتها أحدهم مهددا بمطواة إلى أن انتهى الجناة من فعلتهم، وفروا هاربين، لتحاول إفاقة زوجها الغارق فى دمائه: «اصحى يا عماد ما تسيبناش لوحدنا»، دون جدوى،كأنها تعيد مشهد سينمائي في فيلم «إبراهيم الأبيض» والتي جسدت شخصية الأم فيه الفنانة حنان ترك، التي قتل زوجها أمامها ولم تستطع الدفاع عنه.
بين الحياة والموت، نقل الجيران عماد إلى طبيب بالقرية، لمحاولة إنقاذه، رد عليهم الطبيب: عودوا به إلى المنزل، تهشم رأسه بعدما سدد له أحد الجناة عشرات الضربات بحجر، وسرق القتلة 7 آلاف جنيه، تحصل عليها عماد مؤخرا من جمعية، وادخرها فى دولابه، لتجهيز ابنته الكبرى، تقول نعمة: قلت له لسه بدرى على آية، فرد عليّا: علشان بكرة ما نحتاجش لحد.
فى قرية جزاية بمنشأة القناطر فى الجيزة، عم الحزن أرجاء القرية، لجريمة بشعة اهتزت لها الرجال، لم تعتد الأرياف، بحسب وصف والد الضحية، أن تشهد مثل هذه الجريمة، وزادت أوجاع أهالى القرية لما عرفوه عن بائع الفاكهة من حسن خلق و«جدعنة»، لما عرفوه عن قيام مراهقين لم يتعد أكبرهم 20 عاما، بقتل عماد أمام زوجته وأطفاله الخمسة داخل منزلهم، بقصد سرقته.
تروى نعمة لـ«المصرى اليوم» لحظات الكابوس الذى تحول إلى حقيقة مرة، تصف الزوجة لحظات الجريمة كأنها سنوات طويلة مرت عليها: « كنا نائمين، مستغرقين فى النوم داخل المنزل، أنا وزوجى عماد فى غرفة النوم، وأطفالنا الخمسة فى الغرفة المقابلة لنا، وكنا تاركين باب الغرفة مفتوحا كالعادة، لا أغلقه بـ(الترباس)، حتى أستطيع سماع أطفالى إن استيقظ أحدهم من نومه، أو طلب أحدهم شيئا».
تحاول الزوجة تمالك نفسها، وتواصل رواية تفاصيل الجريمة، قالت: «استيقظت ابنتى الكبرى، وأخبرتنى أنها سمعت صوتا صادرا من أعلى سطح المنزل، لم أهتم وأخبرتها ربما صوت (البط) الذى نربيه، واستغرقت مجددا فى النوم، إلى أن فوجئت بصوت أحدهم يقف أمام الدولاب، يحاول فتحه، استيقظ عماد على صوتهم، كانوا 3 ملثمين، ففاجأه أحدهم وضرب زوجى على وجهه بيديه الاثنتين، وسقط زوجى، حاولت الصراخ، فشدنى الآخر من رقبتى وخنقنى بـ(إيشارب) كنت ارتديه على رأسى، وواصل الاثنان ضرب زوجى على وجهه، فيما جرنى الثالث على أرضية الشقة إلى غرفة أطفالى، الذين استيقظ اثنان منهم على صوت الضرب».
تضيف الزوجة المكلومة، والدموع قد انهمرت قهرا من عينيها، وتعالى صوتها وهى تحكى: «بنتى آية صرخت (إلحقى يا ماما بيضربوا بابا بحاجة على دماغه)، وأطفالى كانوا يبكون: (إحنا خايفين ياما)، حاولت أن أصرخ فهددنى الذى كان معنا بـ(مطواة)، وضعها على رقبتى، وظل الوضع هكذا لدقيقتين، ثم انصرف الثلاثة هاربين، جريت أنا وأطفالى ناحية غرفة زوجى، فوجدته ممدا على بطنه ودماء غزيرة تخرج من رأسه وفمه، وجسده ساخن جدا، صرخت عليه (قوم يا عماد، ما تسيبناش لوحدنا، إلحقونا يا ناس)، فتجمع علينا الجيران، ونقلناه إلى طبيب بالقرب منا، أخبرنا أن نعود به إلى المنزل، لتأخر الحالة، رفضنا وذهبنا إلى طبيب آخر إلا أن السر الإلهى كان قد خرج ».
تقول الزوجة: « متزوجان منذ 15 عاما، ومعنا آية 12 عاما وعيد 8 سنوات، وحمادة 6 سنوات، وكريم 4 سنوات وياسمين سنتان، عماد كان نعم الزوج، كان زوجا حنونا علينا، بالرغم من عمله البسيط كبائع فاكهة متجول بعربة (كارو)، إلا أنه لم يحرمنا من شىء، إن طلبت منه 50 جنيها لا يبخل علىّ، كان يقول لى دائما، (نفسى أجيبلكم كل حاجة)، يوم الخميس (قبل ما يحصل حاجة، أحضر 2 كيلو لحمة، وقال لى إنه عزم أبوه وأمه على العشاء يوم الجمعة) إلى أن حدث ما حدث».
تستطرد نعمة «26 عاما»: « أخذ القتلة، 7 آلاف جنيه من الدولاب، كان عماد قد قبض جمعية، وادخر 8 آلاف جنيه لتجهيز آية، كنت أقول له »(لسه بدرى على البنت) فيرد علىّ (علشان بكره ما نحتاجش لحد)، وأخذوا حلق آية المكسور، كان مع الفلوس، وتركونا دون عائل يساعدنا على نفقات الحياة».
فى منزل ريفى متواضع بالقرية، أقامت الزوجة وأطفالها الخمسة برفقة حماها وحماتها فى منزل العائلة، حيث يقيم والد عماد وأبناؤه وزوجاتهم، بدا على وجوه الجميع علامات الحزن والقهر لما أصابهم، واصلت النساء ارتداءهن الملابس السوداء، فيما يخرج ويدخل أشقاء عماد، باحثين عن أرزاقهم فى حقول منشأة القناطر.
يقول عم إسماعيل «62 عاما» والد عماد، متمالكا نفسه أمام النساء والأطفال: «المتهم الأول محمد حازم، كان يعرف ابنى، كان ابنى يطلب منه أن يتسلق النخل ليجنى البلح ويبيعه عماد، مقابل أجر، سمع المتهم ذات مرة، عماد وهو يقول سأشترى نصف قيراط أرض، فعرف أنه يدخر مبلغا من المال وخطط لسرقته، وحدث ما حدث، آمل أن يقتص القانون لابنى، احتسبه عند الله، فقد قتلوه غدرا أمام أطفاله وزوجته».
تقطع الحاجة بدرية والدة عماد، كلمات زوجها العجوز وتصرخ: «كل الناس فى القرية تحب عماد، وكذلك كل القرى المجاورة، هو بائع متجول بعربة (كارو) على باب الله، والجميع يعرفونه بأخلاقه وحسن سلوكه، خطفوه منى ومن أطفاله، لا أنتظر سوى الإعدام لعل قلبى يبرد على ابنى، وإن لم نر القصاص فيهم، سنقتص لدماء ابنى المظلوم».
كانت أجهزة الأمن بالجيزة قد ألقت، الأربعاء الماضى، القبض على عاملين ومزارع، لاتهامهم بقتل بائع فاكهة داخل منزله فى منطقة منشأة القناطر، قالت التحقيقات الأولية، التى أشرف عليها العميد خالد عميش مفتش مباحث كرداسة، والرائد محمد الشاذلى رئيس مباحث مركز شرطة منشأة القناطر، إن المتهمين الثلاثة دخلوا المنزل ليلا لسرقته، وإن الضحية اكتشف وجودهم، فتعدى عليه المتهمون بـ«قالب» طوب حتى فارق الحياة، أمام أطفاله وزوجته التى هددها أحدهم بمطواة إلى حين قتل زوجها، وأضافت التحقيقات أن المتهمين استولوا على 7000 جنيه من المنزل وفروا هاربين، إلى أن ألقى القبض عليهم، واعترفوا بارتكاب الواقعة، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
بدأت الواقعة، بعدما تلقى مركز شرطة منشأة القناطر، بلاغا من نعمة أحمد «26 عاما» ربة منزل، بقيام 3 مجهولين، بقتل زوجها عماد «36 عاما» بائع فاكهة، أمامها وسرقة مبلغ مالى من المنزل، حيث أسفرت جهود البحث والتحرى عن أن وراء ارتكاب الواقعة محمد.ح «20 عاما» ميكانيكى، ومحمد.ر «20 عاما» مزارع، ومحمد.ش «21 عاما» عامل، وتمكنت أجهزة الأمن من ضبطهم.
واعترف المتهمون الثلاثة تفصيليا بارتكاب الواقعة، حيث قرر الثانى أنه كان يعمل لدى الضحية فى تجارة الفاكهة منذ حوالى عام وأنه على علم بأنه يحتفظ بمبلغ مالى بمسكنه.
وأقر المتهم بأنه عقد العزم وباقى المتهمين على سرقته وتوجه إلى مسكنه، وقام بتسلق سور المنزل والدخول إلى الشقة وفتح الباب لشريكيه، وأن الضحية شعر بهم فقام المتهمان الأول والثانى بالتعدى عليه بالضرب بقالب طوب حتى فارق الحياة، بينما قام الثالث بتهديد زوجته بمطواة، بعدما صرخت، خشية افتضاح أمرهم، واستولوا على المبالغ 7000 جنيه وفروا هاربين واقتسموا المبلغ فيما بينهم وضبط بحوزتهم مبلغ 5400 جنيه من متحصلات الواقعة وأقروا بإنفاقهم باقى المبلغ.