جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب: قنابل الإخــوان فى كل زمان

-

لا شك أن المشهد السياسى الذى تمر به مصر الآن، تأثر كثيراً من خلال قنابل الإخوان الإعلامية والإلكترونية التى شوهت مصر فى كل المحافل الدولية، خاصة الأمريكية والأوروبية، وهناك حالة فقدان للثقة بين الغرب والأحداث التى تجرى فى مصر، فأصبحت آلة الإخوان الظلامية تنفجر وتصورهم فى كل دول العالم على أنهم الضحية والمعذبون فى مصر، وأنهم لا يستخدمون القنابل والقتل والعنف فى تظاهراتهم فى الشارع المصرى والجامعات، مرددين مقولة.. المرشد الضال فى خطابه فى رابعة «سلميتنا أقوى من الرصاص»، ولأن بديع سقط فى بئر الخيانة والعمالة مع الخارج، ونشر القتل والعنف من خلال جماعته، وتنظيمهم الدولى، فصدور حكم قضائى اليوم بإعدامه هو واجب وطنى لمرشد لعب دوراً خطيراً فى بيع الوطن وتقسيم الشعب، وإثارة حرب أهلية، وإقصاء الأقباط، وحرق كنائسهم، وما زالت صرخات المصريين بالملايين فى محافظات مصر تردد «يسقط يسقط حكم المرشد»، وليس بسقوط رئيس الدولة «محمد مرسى» وهى تعطى دلالة خطيرة على خطورة قنابل المرشد العام «محمد بديع» التى تنفجر فى كل زمان وفى كل مكان..

وهذا ليس بجديد على فصيل أو جماعة عملت منذ نشأتها على الاستقواء بالخارج، وكأنهم خوارج، وليسوا جزءاً من نسيج هذا الشعب، وهذا يؤكد ويبرهن أن هذه الجماعة خطيرة قد تكمن بعض الوقت عندما تجد أن التيار جارف والطوفان قادم والأمن يستهدفهم، ولكن الجديد هذه المرة هو أن الشعب اعتبرهم العدو الرئيسى فى محاولة إسقاط البلد وترويع الناس وإثارة الذعر والسرقة والقتل والنهب بشكل لم يحدث فى تاريخ مصر على الإطلاق حتى فى وجود الاحتلال بكل صوره، ولذلك نحن ندق أجراس الخطر من قنابل الإخوان التى تستخدم فى قتل ضباط الجيش والشرطة وإحراق الجامعات، فهم قد يغيرون من استراتيجيتهم كلما اقتربت خارطة الطريق على التنفيذ، خاصة أنهم عند اقتراب «السيسى» من كرسى الرئاسة، يصابون بالجنون وعدم الاتزان واستخدام كل الأدوات المشروعة وغير المشروعة فى محاولة إرهاب الشعب المصرى وتخويفه، ويتاجرون الآن بورقة الشباب الإخوانى الذى أصبح وبالاً وقنابل منفجرة ليل نهار فى كل منشآت الدولة، يحاولون إرهاب الناس فى عدم الخروج فى الانتخابات الرئاسية، ولكن لابد من عدم الاستهانة بهذا الخصم المدعم دولياً ومخابراتياً من خلال أجهزة دول كثيرة تحاول حصار مصر، وعدم خروجها، وعدم خروج المارد المصرى الذى يخافون من صعوده، بأنهم سيحققون المعادلة الصعبة والمستحيلة فى إعادة ضبط مصر لريادتها الإقليمية والعربية برؤية جديدة، وثوب ديمقراطى حقيقى، فلذلك التفجيرات الإخوانية قد تكون تفجيرات سياسية فى محاولة تعطيل خارطة الطريق، ولكن بتكتيك آخر، هو الحشد والدعم والتأييد غير المعلن من كل أحزاب الإسلام السياسى والمتعاطفين الجدد الذين ذاقوا السلطة من أسيادهم الأمريكان، فأصبحوا يشكلون خطورة حقيقية لهذه النخب المتأمركة الذين يدعمون الإخوان فى كل زمان ومكان، فلذلك قد يعطون أصواتهم للمرشح حمدين صباحى رغم كراهيتهم وعدم اقتناعهم، ولكنهم يجدون الآن حمدين صباحى هو الورقة الأخيرة فى الانتخابات الرئاسية التى يقفون فيها من خلف الستار معه، وفى نفس الوقت يقومون بمهاجمته إعلامياً وإلكترونياً، ولا مانع من محاولة إظهار فيديوهات مسربة وتشويهه حتى يتيقن الجميع أنهم ضد حمدين صباحى.

ولكنهم يخططون وينظمون ويدعمون بالمال والناس فى السر والخفاء حمدين صباحى، لأنهم على استعداد لأن يتحالفوا مع الشياطين والجن فى مقابل سقوط السيسى الذى يمثل لهم رعباً حقيقياً ويخشون من وصوله إلى كرسى الرئاسة لأنهم مدركون خطورة هذا الرجل الذى يعلم الاعيبهم وأهدافهم المعلنة وغير المعلنة، ولن يقع السيسى فى فخ الاتفاقيات غير المعلنة والمصالحة غير المفيدة لاستقرار الوطن مثلما فعل السادات عندما استدرجوه فى فخ ضرب النصارى والشيوعيين مقابل عودتهم لممارسة العمل السياسى والنقابى، وكانت هذه هى اللعبة الكبرى التى يمارسها مكتب الإرشاد مع السادات، فكان مقتله على أيدى الإخوان فى احتفالية 6 أكتوبر، وعلى نفس النهج صار مبارك فاستخدم الإخوان المسلمين كفزاعة للغرب وعقد اتفاقيات وصفقات غير معلنة معهم وسمح لهم بالتواجد فى مجلس الشعب والنقابات المهنية، ولكنهم استجابوا لكل تعليمات أمن الدولة فى ذلك الوقت، ووافقوا على التوريث حتى توريث التوريث بضمان بقائهم، وعدم القبض عليهم، وعندما شعروا بأن السلطة قد شاخت وأن مبارك قد أصبح خارج الخدمة، عقدوا اللقاءات والصفقات مع الأمريكان والاتحاد الأوروبى تحت سمع وبصر السلطة، وعندما وجدوا أن الفرصة متاحة قاموا بالانقلاب على انتفاضة 25 يناير البريئة والذكية من خلال شباب عاشق لتراب البلد، وليس لهم أى أهداف لحرق الوطن، فظهروا واستحوذوا على المشهد السياسى، ووجدوا فرصتهم الاستثنائية فى سقوط هيبة الدولة والأمن فى أنها كانت رخوة وقابلة للسقوط فى أول هزة لها، فانقضوا على المشهد، وكانت بداية النهاية للشباب الحقيقى الذى خرج حاملاً شعارات الحرية والكرامة والعيش والإنسانية، ولكن البوصلة تغيرت 360 درجة، وأصبح الإخوان هم اللاعب الوحيد والحقيقى فى المشهد السياسى، ملوحين بعصا التنظيم المنتشر فى كل نجوع مصر، مستغلين ورقة الدين والحالة الاقتصادية للناس وطلاب الجامعات بصفة خاصة، وقاموا بالصرف عليهم، وتغييب عقولهم وضمائرهم، وأصبح السمع والطاعة لمرشدهم الأكبر أهم من الوطن وكل شىء.

فكانت قنابلهم المنتشرة فى كل أنحاء مصر ورقة ضغط على المجلس العسكرى الذى استجاب لكل شروطهم مع غياب كامل للدولة المصرية فى العشر سنوات الأخيرة فى عهد مبارك، فكانت ورقة القمع واستخدام الحالة الأمنية تهيب المؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية، التى لم تواجه هذا الانتشار الإخوانى بالفكر والتوعية وحصار هذه البؤر الإرهابية والتكفيرية، محاولة إسقاط الهوية الثقافية لهذا الوطن الدارب فى أعماق التاريخ، ولكن كان الله معنا فى الدولة العميقة منذ محمد على، كانت هى حائط الصد الأول أمام هذا التنظيم الإرهابى الذى وصل للسلطة والحكم فى غفلة استثنائية، يحقق كلمته الكبرى ليس بإقصاء، ولكن ببيع الوطن، خاصة سيناء إلى إسرائيل وكل أعداء الوطن، لأن عقيدة الإخوان وتنظيمهم الدولى  لا يعترفون بالأوطان ولا الحدود، ويعتبرون أن ذلك نوعاً من الجنون، وقد قال «مهدى عاكف» فى لحظة استفزازية «طظ فى مصر»، ولكن قنابل الإخوان السياسية تحالفت مع حركة «حماس»، ومع «حكام قطر»، ومع «أردوغان» ومع «المتشددين» فى أفغانستان وباكستان، ومع «تنظيم القاعدة» و«الجهاديين»، وكل الحركات الإرهابية لسبب بسيط.. أن كل هذه الحركات والجماعات التكفيرية خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، ولكن بمسميات مختلفة، وأدوار متفق عليها، فهم دائماً كانوا يحافظون أو يدعون أن جماعة الإخوان المسلمين تنبذ العنف والقتل، وتميل إلى السلمية وعدم الاقصاء، وعندما سقطوا من كرسى الحكم، سقط القناع وتحالفوا مع بيت المقدس وبيت المرشد لأنهم جزء لا يتجزأ من أفكارهم وتنظيمهم الدولى.

أما أشد قنابل الإخوان الاقتصادية فكانت عقد صفقات مع حكام قطر وأردوغان من خلال تنظيمهم الدولى المنتشر فى أكثر من 80 دولة فى تدعيم إثيوبيا لاستكمال بناء سد النهضة بعد أن نجحت الدبلوماسية المصرية بقيادة نبيل فهمى، هذا الرجل، الذى سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه لأنه يعمل فى صمت، وبلا ضجيج، فنجحت الدبلوماسية الفهمية الصامتة وغير المعلنة فى حصار سد النهضة الإخوانى لأنه سمى على مشروعهم الإسلامى الذى أزعجنا به مرسى ليل نهار، فقام نبيل فهمى بوقف تمويل سد النهضة من خلال الصين وروسيا والبنك الدولى.

ودعونا نتأمل ونحلل الربط بين مشروع النهضة الإثيوبى ومشروع النهضة الإخوانى، فالمطلوب فى كليهما تجفيف ومنع مصادر التمويل لإغراق مصر، وهذا هو هدفهم الحقيقى هو إسقاط الشعب المصرى، والوطن على حافة الانفجارات والاغتيالات والقتل، بالإضافة إلى الحصار المائى للشعب المصرى فى المرحلة المستقبلية، حتى لا يجد نقطة مياه، لأننا نعتمد فى الأساس على المصب الربانى فى إثيوبيا، وذلك كان مؤامرة التنظيم الدولى الإخوانى مع الحكومة الإثيوبية بتخطيط وتمويل  من الموساد الإسرائيلى وأجهزة الاستخبارات الأمريكية، لأن سقوط مصر يمثل لهم الحلم الحقيقى للاستيلاء على العالم العربى من النيل إلى الفرات.

فبعد سقوط بغداد ومحاولة إسقاط سوريا والانقضاض عليها وتسليمها إلى الإخوان، وبعد ما حاولت التهديد والادعاء بوجود الجيش المصرى الحر فى ليبيا التى أصبحت فى يد العصابات والميليشيات وتنظيم القاعدة، متوهمين أنها تمثل خطراً حقيقياً على البوابة الغربية لمصر، لأنهم لا يدركون ولا يعرفون ولا يعلمون أن الجيش المصرى الذى أسقط خط بارليف وأسقط النظرية الصهيونية، بأنهم جيش الله  المختار الذى لا يهزم فوقع أمام الجيش المصرى فى أول محك حقيقى فى حرب 1973، وكان من السهل جداً على المؤسسة العسكرية المصرية الوطنية أن تقوم بتوجيه ضربات إلى هؤلاء الهواة فى ليبيا داخل أراضيهم، ولكن صبر الجيش المصرى قد لا يطول، وتكون هناك ضربات موجعة لأى أحد يفكر فى أن يعبث بالسيادة المصرية سواء تواجد محمود عزت فى غزة وفنادقها وتواجد هؤلاء الرعاع من الميليشيات  وتنظيم القاعدة فلكل حادث حديث وقنابل الجيش المصرى حقيقية وقد تنفجر فى أى لحظة ما، لأن عقيدتهم لله وللوطن وللشعب ولا يعتدون على أحد.

ونعود إلى قنابل الإخوان الاقتصادية، فهم يحاولون تهريب أموالهم ووقف الاتفاقيات مع الخارج معتمدين على الحليف الاستراتيجى لهم سواء السيدة آشتون العارفة بالله والمؤمنة بفكر وأحقية الإخوان بالحكم، والسيد أوباما الذى يعتبر الإخوان حتى الآن تنظيماً سياسياً سلمياً يجب إشراكه فى المسألة السياسية فى مصر، ولا تفيق آشتون أو أوباما إلا عندما تمتد حركة التفجيرات لداخل أمريكا وأوروبا على أيدى هؤلاء الإرهابيين الجدد، ولكن مصر تحارب الإرهاب بكل صوره فى سيناء وفى داخل مصر معتمدة على الله أولاً وعلى دعم الشعب المصرى وعلى الموقف التاريخى لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز الذى لولا مواقفه لتغيرت خارطة التحالفات الدولية المتفق عليها مع مصر، بالإضافة إلى الموقف الإماراتى الذى فضح الإخوان فى كل زمان ومكان، وكان للشيخ خليفة والشيخ محمد بن زايد موقف تاريخى، وهذا ليس جديداً عليهم، لأنهم أبناء الشيخ سيد الذى كان يعتبر مصر هى الموطن لكل عربى، وكان لدعم دولة الكويت بقيادة صباح الأحمد «المنقذ» والمعترف بموقف الشعب المصرى تجاه الكويت، كان لدعمه ومواقفه السياسية المعلنة لتدعيم ثورة 30 يونيو شىء مهم فى تغيير الوضع تجاه مصر.

هذا المثلث العربى الداعم للشعب المصرى استطاع أن يغير ويحبط المخطط الاستراتيجى للأمريكان فى عدم سقوط مصر سياسياً أو اقتصادياً أو طائفياً أو انفصالها.

فدعونا نقول إن المعركة مع الإخوان وقنابلهم فى كل مكان وزمان لن تتوقف حتى الآن وسيصعدون فى المرحلة القادمة قبل الانتخابات الرئاسية من وتيرة عملياتهم، محاولين عمل أى هزات كبرى سواء أمنياً أو سياسياً أو اقتصادياً، ولكنهم قد يضطرون فجأة لتقديم بعض التنازلات التكتيكية للعودة للمشهد السياسى بأى شكل كان، وبدعم لوجيستى من الأمريكان فى مقابل وقف التفجيرات، كما قال الدكتور جمال حشمت فى تركيا: قد تكون هناك رجعة مؤقتة بعدما فقدوا جزءاً من قطار الانتخابات الرئاسية، ما زالت أعينهم وأهدافهم واستراتيجيتهم على البرلمان القادم، والانتخابات البرلمانية من خلال الدفع ببعض عناصر مستقلة فى القوائم أو المقاعد الفردية ليكونوا نواة لعودة الإخوان المسلمين فى ثوب جديد، وفكر جديد، حتى يتمكنوا ويظهروا عن عودة تنظيمهم الإخوانى.

ونحن نحذر ونستبق الرؤية للمستقبل بأنه لا مصالحة سرية أو معلنة مع الإخوان المسلمين أو السماح بدخولهم تحت عباءة أى حزب سياسى أو على المقاعد الفردية بأى شكل من الأشكال، لأننا إذا لم نستوعب الدروس والتاريخ بما فعلوه مع عبد الناصر والسادات ومبارك، فإنهم سيعودون إلى المشهد السياسى أقوى مما كانوا وأكثر انتقاماً من الجميع.

فنحن ننبه ونحذر الرئيس القادم من ألاعيب الإخوان ومخططاتهم واستخدامهم أوراق الضغط الأمريكية والأوروبية للعودة إلى الحياة السياسية، لأن هذا سيكون فخاً سياسياً قد يحرق الوطن ويقصى الشعب، فالإخوان لا أمان لهم على مر الأيام والأزمنة والعهود، لأنهم يؤمنون بالمبدأ الميكافيللى، إما نحن وإما الشيطان، فالإخوان هم عبدة الشيطان والأمريكان، وضد إرادة الشعوب التى لا تقهر.