إنها حلاوة الجسد بلا روح

زمان غنى عبدالوهاب لنا رائعته «عشق الروح مالوش آخر.. لكن عشق الجسد فاني»، ولكن في هذا الزمان يغني علينا بعض من يصنعون الفن أغنية «عشق الجسد مالوش آخر لكن عشق الروح فاني»، وأكثر ما تتجلى تلك المعاني في فيلم «حلاوة روح» الذي أخرج عن قصة مسروقة بالكامل دون إشارة لأصلها، وقامت ببطولته هيفاء وهبي في ثاني أعمالها السينمائية بعد فيلم «دكان شحاته».
قديماً وحديثاً وحتى تقوم الساعة ستظل السرقة حراما، وخاصة إذا لم يعترف صاحبها، وتلك هي آفة الفيلم الأولى، ففيلم «حلاوة روح» منزوع بلا حياء من فيلم «مالينا» الإيطالي الذي قامت ببطولته جميلة السينما الإيطالية والعالمية مونيكا بيلوتشي، عن رواية للكاتبة النمساوية إنجيبورج باخمان، والفيلم الإيطالي يحكي عن قرية إيطالية في زمن الحرب العالمية الثانية تعيش فيها سيدة جميلة هي مالينا التي يسافر زوجها للحرب ويتركها وحيدة، لتكون مطمعاً لكل رجال القرية، والفيلم يتم سرد تفاصيله من خلال مراهق صغير يقع في حب مالينا، ويراقب حياتها عن كثب، وتغار النساء المحافظات من السيدة الوحيدة فيتهمنها بأنها داعرة، خاصة بعد أن علمن بموت الزوج في الحرب، ويتم طردها من القرية في مشهد مهين، وتختفي مالينا لتعود متأبطة ذراع زوجها الذي عاد من الحرب بعاهة، ولكنها تقوى به لتعود لذات القرية التي طردتها وأهانتها.
ولكن مالينا المصرية أو روح كما أطلق عليها كاتب السيناريو التي يحكي حكايتها أيضاً مراهق يقع في هواها، ويبدأ الفيلم باستعراض إمكانياتها القوية في مشهد تخيلي من المراهق، فروح تعيش مع أم زوجها بعد أن سافر الزوج للعمل بالخارج، وهي مطمع لرجال الحارة خاصة أغناهم، وكل نساء الحارة يغرن منها، ولكن المشكلة أن نساء الحارة هن عاهرات، ففي القصة الأصلية كانت النساء محافظات بل أقرب للتطرف، ولذا فقد شعرن بالضغينة إضافة للغيرة من البطلة، لكن في حارة روح كل النساء عاهرات، فكيف بهن يعايرنها ويلفظنها لأنها كما ادعين عاهرة، ومن الغريب بل العجيب أن البطلة الشريفة العفيفة كانت الأكثر عرياً في الحارة من كل النساء الأخريات، وهي الوحيدة الشريفة بينهن!
أعظم الأفلام تلك التي يبدعها كاتب، ثم تبحث لها عن مخرج، ثم عن ممثلين يجسدونها، ولكن حين يحدث العكس وتتم صناعة فيلم من أجل عيون بطلة، لاستغلال دلالها ودلعها نكون أمام فيلم مثل «حلاوة روح».
هيفاء وهبي بلا شك فنانة تتمتع بجمال فائق وقليل من الموهبة، استطاع خالد يوسف في تجربتها السينمائية الأولى (دكان شحاتة) أن يحسن استغلالها، لأنه كان منحازاً للفيلم وليس للبطلة، وبالتالي خرجت البطلة والفيلم في صورة جيدة، ولكن سامح عبدالعزيز مخرج الفيلم كان همه الأول البطلة، ففشلت البطلة وفشل الفيلم في أن يساعدها، فضلاً عن سرقة الفكرة و«الحدوتة» ما أدى إلى إفسادها.
سامح عبدالعزيز واحد من المخرجين المتميزين، إنه مخرج فيلمي «الفرح» و«كباريه»، وهما فيلمان من الأفلام الجيدة في السنوات الأخيرة في عمر السينما المصرية، ولكنه في فيلم «حلاوة روح» كان فاقداً للروح ولحلاوة الحارة المصرية رغم فقرها الذي جسده في فيلميه السابقين، وكأن الحارة هي ديكوره المفضل، ولكن في حارة روح اكتفى بهيفاء وهبي ونسي الحلاوة والروح، كما نسي أغنية عبدالوهاب الخالدة «عشق الروح مالوش آخر.. لكن عشق الجسد فاني».