قانون العزل يهدد «نهضة تونس»

يواجه قانون الانتخابات الجديد فى تونس تحديات جسام تهدد بخلافات عميقة، خاصة فى ظل الجدل حول ما يتضمنه من نقاط تقضى بمنع رموز النظام السابق من الترشح للانتخابات الجديدة المقررة نهاية العام الجاري.
فعلى الرغم من تفاهم الكتل السياسية على عدة نقاط بشأن مشروع قانون الانتخابات التونسي، خاصة النظام الانتخابي، فإن الكثير من الخلافات لا تزال قائمة وظهرت جلية عبر الكم الهائل من مقترحات التعديل التى قدمت للمجلس التأسيسي.
ويتسم مشروع قانون الانتخابات، الذى سيعرض قريبا للنقاش العام فصلا فصلا فى المجلس الوطنى التأسيسى التونسى (البرلمان) بالكثير من النقاط الخلافية، أبرزها مسألة منع رموز النظام السابق من الترشح للانتخابات القادمة، والتى ضبط الدستور الجديد موعدها نهاية العام الجاري. وتضمن المشروع 167 فصلا تم توزيعها على خمسة أبواب تتعلق بعدة جوانب منها الأحكام العامة وتسجيل الناخبين وشروط الترشح للانتخابات وطريقة الاقتراع وكيفية تنظيم الحملة الانتخابية وتمويلها ومراقبتها، وكيفية فرز وإعلان النتائج وتحديد الجرائم الانتخابية.
وحال تفاهمت الكتل السياسية على النقاط بشأن مشروع قانون الانتخابات خاصة النظام الانتخابى الذى سيقع اعتماده، فإن الكثير من الخلافات والاختلافات لا تزال قائمة وظهرت جلية من خلال الكم الهائل من مقترحات تعديل القانون والتى وصلت الى حوالى 500 مقترح.
وحول أهم النقاط الخلافية، يقول النائب عن حزب حركة النهضة زياد الدولاتلى إن هناك ثلاث نقاط أساسية لم يقع التوافق حولها أبرزها الجدل الحاصل حول قانون العزل السياسى لاستبعاد المسئولين والقياديين فى النظام السابق من الترشح للانتخابات. الا انه استبعد تبنى قانون العزل الذى تم إدراجه فى قانون الانتخابات السابقة، موضحا أن حركة النهضة -التى تمتلك أغلبية المقاعد- تعارض هذا القانون لأن «البلاد بحاجة للوصول لمصالحة وطنية وتخفيف بؤر التوتر أمام الأزمة الاقتصادية الخانقة». ويشترك فى هذا الرأى أيضا النائب عن حركة نداء تونس خميس قسيلة، الذى يؤكد أن هناك الكثير من النقاط الخلافية التى مازالت عالقة، مبينا أن الجدل حول قانون العزل السياسى يطغى بقوة على الساحة السياسية بسبب تمسك حزب المؤتمر وحركة وفاء وحزب التكتل بإدراجه. ويرى ان إصرار البعض على تبنى قانون العزل السياسى مرده خوفهم من الفشل فى الانتخابات، معتبرا أن الانتخابات ليست مناسبة لتصفية تركة النظام السابق، وأن القضاء العاجل وصندوق الاقتراع هما الفيصلان لمحاسبة رموز النظام السابق. لكن النائب عن حزب المؤتمر سمير بن عمر يرى أن مصلحة الانتقال الديمقراطى فى البلاد تقتضى بحرمان رموز النظام السابق من الترشح للانتخابات، معتبرا أن هناك مصالح حزبية واعتبارات انتخابية وراء تغير مواقف بعض الأحزاب من قانون العزل السياسي.
وأكد أن مساعى إدراج قانون العزل إضافة إلى مشروع قانون تحصين الثورة الذى تتمسك الأحزاب بعرضه على المجلس التأسيسى لا تستهدف أطرافا بعينها وإنما «لاستبعاد من شاركوا فى منظومة الاستبداد السابقة التى حكمت البلاد طيلة نصف قرن لمدة زمنية معينة».
و تتباين المواقف حول مسائل عديدة أخرى مثل تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية من عدمه، ومسألة العتبة (حد أدنى من نسبة التصويت) والتزكية للترشح للانتخابات، وتمويل الحملة الانتخابية، ومرافقة الأميين عند التصويت، ومشاركة الأمنيين والعسكريين بعملية التصويت.
ويقول النائب عن حزب المبادرة محمد كريفة إن هناك تباينا حول مسألة العتبة التى تنص فى مشروع قانون الانتخابات على إسقاط القوائم التى لم تتحصل بدوائرها على 3% من أصوات الناخبين، موضحا أن هناك مطالب لتعديل النسبة.
وأضاف أن هناك اختلافات حول مسألة مرافقة الناخبين الأميين إلى مكاتب الاقتراع عند عملية التصويت بسبب خشية بعض الأحزاب من إمكانية التأثير على قرار الأميين، هذا فضلا عن حديثه عن وجود تباين بشأن كيفية تمويل الحملة الانتخابية ومراقبتها.
ومن المتوقع أن كثرة الخلافات حول قانون الانتخابات الذى انتهى المجلس التأسيسى منذ أيام من نقاشه العام وفى انتظار مناقشته فصلا فصلا بعد الانتهاء من المصادقة على الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين، أن تعطل المصادقة على قانون الانتخابات وتؤخر الانتخابات.