جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب: القصاص بين نار الداخل والخارج

-

ما تمر به مصر من أحداث سريعة ومتغيرة على كل المستويات والاتجاهات يضعها بين نيران.. نار الداخل ونار الخارج، وهو ما يجعلنا نتوقف ونعود للوراء قليلاً ونتذكر مقولة بوش بعد أحداث سقوط البرجين فى أحداث سبتمبر الأمريكية التى هى صناعة مخابراتية فقال: مقولة خطيرة «إن الله يريدنى» موضحاً والكلام للسيد بوش «أن منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة تاريخية وعلى شعوبها الاختيار بين الحرية والديمقراطية وبين التطرف والاستبداد»، وهكذا كانت بداية الشفرة السرية للأجهزة الاستخباراتية الغربية لنشر الفوضى الهدامة وإحداث التوتر والعنف والإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة مصر التى تمثل البوابة العربية بالمفهوم الشامل، لأنها الوحيدة التى تمتلك أقوى جيش نظامى فى المنطقة

 

بالإضافة إلى الشخصية المصرية العنيدة التى لا تقبل المساس بالأرض أو التفريط فى السيادة الوطنية أو الاقتراب من المؤسسة العسكرية التى تمثل للمصريين الأمان الحقيقى لبقاء الدولة المصرية وعدم سقوطها فى مستنقع الاقتتال الداخلى أو الحروب الأهلية والطائفية، فكانت مصر تمثل الأمن القومى الحقيقى للمواطن المصرى والعربى أمام المشاريع الصهيونية والاستخباراتية، فلذلك كانت الاستراتيجية الصهيونية الجديدة هى إسقاط مصر بنار الداخل، وللأسف الشديد بأدوات مصرية لا تنتمى للوطن وعلى استعداد لتقسيمه وبيعه وإسقاط هويته الثقافية وقوته الناعمة الضاربة فى أعماق الحضارة والتاريخ، فلذلك كل المخطط الجهنمى الشيطانى هو القصاص من الشعب المصرى بورقة الحرية والديمقراطية من خلال وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم بكل الطرق غير الديمقراطية واستخدام كل أدوات الإغراء من مال ومناصب لبعض النخب المصرية التى تدين بالولاء والدولار للأمريكان، ولتذهب مصر وشعبها إلى الجحيم أمام الرضاء الأمريكانى، فلذلك رأينا كثيراً من المدعين الجدد يدعمون مرسى فى الانتخابات الرئاسية للوصول إلى السلطة وحكم مصر، بعد أن ظلوا أكثر من 80 عاماً يعملون تحت الأرض، وهذه حكمة لا يعرفها إلا الرب، فكان ذلك أول طلقة لإشعال النار فى الداخل المصرى. بالإضافة إلى القصاص العلنى من الأزهر الشريف وشيخه الدكتور أحمد الطيب وكبار علماء الأزهر، من خلال حملة إعلامية وإلكترونية منظمة على إسقاط دور الأزهر الذى لعب دوراً تنويرياً وإسلامياً وكان مكاناً وملاذا للثورات والحريات فى العالم الإسلامى، وكان قبلة علمية وإسلامية تمتاز بالوسطية والاعتدال والتسامح، فكان الهجوم المبرمج أن شيخ الأزهر فلول، ولا تصدقوا، بل وصل التطاول المريب من طلاب الشريعة بجامعة الأزهر إلى إطلاق الألفاظ النابية وتشويه مكانة وقدسية الأزهر أمام طلاب أكثر من 210 دول تدرس بالأزهر الشريف.

وأصبحت جدران كليات جامعة الأزهر، بل ومشيخة الأزهر كذلك، هدفاً شرعياً يومياً لهؤلاء الأدوات المغيبة والممولة والمبرمجة لإسقاط دولة الأزهر الشريف فى سابقة لم تحدث على الاطلاق حتى أيام الاحتلال الانجليزى والفرنسى اللذين أدركا قيمة الأزهر الشريف فى وجدان المصريين، فلذلك عندما نرى طالبات وطلاب الإخوان يتعمدون إسقاط الأزهر وشيخه وعلمائه يكونون قد حققوا أهم الأهداف فى إشعال الداخل المصرى بالتشكيل فى مصداقية الأزهر وعلمائه، وهذه هى الطاقة الكبرى، ولأنهم لا يعرفون ولا يبحثون ولا يقرأون وينفذون من خلال آلة السمع والطاعة كالرسوم والأصنام المتحركة.

وهنا يحضرنى الملك «حامورابى» من ملوك بابل منذ مئات السنين عندما فطن أن هناك أناساً سيستغلون ورقة الدين للوصول إلى السلطة فقام «حامورابى» بفصل السلطة السياسية عن السلطة الدينية، ولكن مرشدهم وإمامهم الذى انبهروا به وهو حسن البنا الذى استخدم ورقة الدعوة أو المرجعية الإصلاحية للوصول إلى المرجعية السياسية والسلطة وحكم مصر، تحالف مع أعداء مصر من الانجليز، وها هو التاريخ يعيد نفسه فتتحالف القوى الظلامية مع الخارج، «الأمريكان والأوروبيين» لإسقاط الداخل وهذا ما يفعلوه الآن، ولكن بإذن الله لن ينجحوا مهما حاولوا إثارة الرعب والخوف لدى المصريين.

والورقة الخطيرة التى استخدموها فى مصر، وهى ورقة النشطاء سواء سياسين أو حقوقيين ومنظمات المجتمع المدنى التى أصبحت جزءاً من مؤامرة حرق الوطن والبلد وتشكيل المواطن المصرى فى الجيش بصفة عامة وجهاز الشرطة بصفة خاصة، الذين يعتبرونه  الشيطان الأكبر فى ممارسة القمع ووأد الحريات وحصار النشطاء الجدد الذين تم إعدادهم علمياً وفكرياً فى استغلال التجمعات والتظاهرات والشباب و«الفيس بوك» و«تويتر» لتأجيج مشاعر الشعب فى أن ضباط الشرطة أعداء الشعب والحريات وحقوق الانسان، ولعبت بعض منظمات المجتمع المدنى المصرى دوراً قذراً فى إشاعة هذه المصطلحات والمفاهيم التى قال بوش إما الحريات وإما الاستبداد، ولأن تمويلهم بالدولار وصل حتى النخاع العقلى فأصبحوا على استعداد لتزييف الواقع وقلب الحقائق وتشويه الجميع ومحاولة تكسير وإنهاء جهاز الشرطة أو ما يسمى «هيكلة وزارة الداخلية».

وبدأوا الآن فى نشر مصطلحات جديدة ضد جهاز الشرطة للوقيعة بين الشعب والداخلية، وهى ثقافة «الاغتصاب» داخل أقسام الشرطة المصرية، ووجد النشطاء ومنظمات المجتمع المدنى هذا المصطلح وسيلة جديدة لكسر الشرطة المصرية بعد أن استردت جزءاً كبيراً من عافيتها الأمنية، وأصبحت توجه ضربات استباقية خطيرة لمجموعات الإرهابيين الذين يحملون المتفجرات والرصاص لقتل المصريين من شعب وجيش وشرطة، ولكن أخطر الإرهابيين هم الذين يعيشون ويتحركون فى وسطنا ليلاً ونهاراً ويحملون الافكار الهدامة والمصطلحات الغربية والدخيلة علينا، ومازالوا حتى الآن يشيعون ثقافة الانقسام والاغتصاب حتى يصوروا للخارج من خلال صور وفيديوهات مفبركة ان الوضع الداخلى المصرى غير مستقر وغير آمن، والشعب يواجه الشرطة والجيش ويقف ضد الممارسات القمعية وهذا غير الحقيقة والواقع.. ولكن سرعان ما ينقلب السحر على الساحر ويعود استخدام الكذب والتضليل لما يجرى فى مصر بأنه الموجة الثورية ضد الانقلاب على من يروجون له ويدعونه، فجاءت الضربة غير متوقعة من الإنجليز ضد تنظيم الإرهاب بأنهم يدرسون وضعهم كمنظمة إرهابية، وهذا لم يأت من فراغ ولكن نتيجة قيام الدبلوماسية الوطنية المصرية بمنتهى الهدوء والثقة والدبلوماسية بفضح أعمالهم الإرهابية فى كافة المحافل الدولية والدبلوماسية.

والمصيبة أن خرج علينا يوسف ندا أحد عتاة التنظيم الدولى للإخوان مهدداً الحومة البريطانية باستخدام ادوات العنف ضدها إذا تم وضعها كجماعة إرهابية، فالأقنعة تسقط عن الإخوان وبعض النخب والرموز والنشطاء السياسيين والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدنى من الذين ابتلانا بهم الله،  ليسقطهم هذا الشعب العبقرى بإذن الله فى القريب العاجل فى الانتخابات الرئاسية بين السيسى وحمدين صباحي، فكلاهما يمثل الإرادة الشعبية المصرية والحكم دائماً للشعب الذى سيكشف كل مخططات اللعب بالنار فى الداخل وسيتم القصاص الجماهيرى من هذه الفئة التى باعت ضميرها ومصريتها لمن يدفع الدولار ويدمر الإنسان ويسقط مصر ولكنهم نسوا أوتناسوا او يدعون النسيان «ادخلوا مصر آمنين» أما نار وإرهاب الخارج فيبدأ بحصار مصر فى افريقيا من خلال الفقر المائي، لأنهم يعلمون أن الحروب القادمة ستكون حول المياه، وهنا نتذكر عندما سأل محمد على «سليمان باشا الفرنساوي» من أين يأتى هذا النيل العظيم؟ أجاب سليمان باشا الفرنساوي: من وسط افريقيا، فقال محمد على إذن هذه حدودنا ويجب ان تؤمن مصر مصدر المياه فى افريقيا وهذا ما يتم استغلاله الآن للضغط على مصر، ولعبت المخابرات الإسرائيلية والأمريكية دوراً خطيراً فى محاولة حصار الشعب المصرى «مائياً» بعد ان فشلوا داخلياً فى إسقاط الدولة المصرية، وهذا ما يجب ان نتنبه إليه، فلا يجب تحصين منصب الرئيس، بل يجب تحصين مصر من الخارج باستخدام كل الطرق والأساليب لان العالم لا يخشى إلا لغة القوة، و«شبه جزيرة القرم» فى أوكرانيا خير دليل عملى وواقعى على ذلك، فعندما استشعر بوتين ان الأمن القومى للمواطن الروسى مهدد، كشف الأمريكان والأوروبيين، وأعلن الولاء للشعب والأمن القومى الروسي، ومن هنا نقول إن الأمن القومى المائى للمواطن المصرى يمثل الحياة او الموت، وهذا يعتبر أول اختبار حقيقى للرئيس القادم، إما تحصين مصر داخليا وخارجياً وإما الرحيل، وهنا تكون البداية فسد النهضة لابد من وقفه وإسقاطه بعد سقوط أكبر حاجز اخوانى وهو مشروع النهضة الإخواني.

دعونا نصارح الشعب بالحقائق والوقائع والاخطار وتكون الكلمة للشعب وليس الحاكم.

أما الخطر الحقيقى الثانى الذى يواجه الشعب المصرى من كل الحدود الشرقية والجنوبية والغربية هو تنظيم القاعدة الذى وجد الارض العربية فى هذا التوقيت فرصة استثنائية للعودة وممارسة أعماله الاجرامية مستغلاً الفراغ الذى أحدثته الانتفاضات الشعبية داخل العواصم العربية وسقوط الأمن وانتشار الفوضى والميليشيات والعصابات، فأعلن عن وجوده فى ليبيا بل قام من خلال ادواته برفع علم القاعدة فى سوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن، فلابد من مواجهة هذا الغول القادم من الغرب بتمويل وتدريب لوجيستى مخابراتي، فيجب أن يتم تفعيل اتفاقية مواجهة الارهاب فى جامعة الدول العربية وإعلان ذلك على الشارع والرأى العام العربي، بالاضافة إلى إحياء اتفاقية الدفاع العربى المشترك، لأنك أمام سيناريو البقاء او الانتهاء، فليس هناك وقت للخلافات والاتهامات بين البلدان العربية، لأن تنظيم القاعدة جاهز للسيطرة على العواصم العربية بدعم غربي لاسقاط العالم العربى، فلن ينجو أحد من مستنقع السقوط فى المجهول، وليست هذه رؤية او تحليلاً، ولكننا ننبه وندق أجراس الخطر قبل فوات الأوان، فاكشفوا للشعوب ما يجرى فوق وتحت الارض قبل ان تسقطوا فى خندق الخيانة أمام الاجيال القادمة.

وأخيراً نشطاء الخارج سواء افرادا وجماعات أو دولاً، فيجب كشف حقيقة الدور القطرى التخريبى فى الدول العربية وتبنيها للجماعات الإرهابية وإيوائها وتمويلها، ويجب اتخاذ قرارات واقعية، فيجب على الرئيس القادم لمصر أن يقوم بتأميم الاستثمارات القطرية فى مصر وطرد سفيرها وتجميد عضويتها فى جامعة الدول العربية وضرب العناصر الإرهابية على اراضيها، وكذلك مواجهة هذا فى إطار عربى وخليجي، بالاضافة إلى مواجهة تركيا وضربها فى اقتصادها وكشف دورها فى اثيوبيا وتمويل الارهابيين، وكذلك مواجهة إيران بدعم حماس والجيش الحر وإرهابيى سيناء، من هنا تعود مصر إلى شعبها وعالمها العربى، ويعود العالم العربى إلى حضن مصر، فنحن لا نمتلك رفاهية الاختلاف الآن بل مصيرية التوافق والتوحد لمواجهة إرهاب ونار الداخل وما نواجهه من خطط ومؤامرات الخارج، فهذه أخطر مرحلة تاريخية تمر بها مصر الآن، فإما نبقى وإما نسقط فى مستنقع التاريخ ولن نعود.