جريدة النهار المصرية

حوارات

صباح الأحمد.. دبلوماسية أمير

اسامة شرشر -

كان لقائى مع الشيخ صباح الأحمد على أرض العراق وداخل القصر الجمهورى فى قمة بغداد 2012 وكان سؤالى المفاجئ له هى كنت تتوقع أن تكون داخل مكتب صدام حسين الذى اتخذ فيه قرار الغزو على الشعب الكويتى قال لا ولكن لولا مصر وشعبها العبقرى وجيشها القوى ما جئت إلى العراق أصلا ولكنها لحظة الوفاء للأوفياء لمصر وخادم الحرمين والشعب السعودى فهى بكل المقاييس زيارة تاريخية للعراق وميلاد جديد للدولتين، واستمع نور المالكى للأمير وصدق على كلامه فى عودة الدفء  للعلاقات بين الشعبيين و البلدين.

بينما العالم مضطرب .. يموج بالصراعات  .. وخاصة بلاد العرب ..تحتفظ الكويت بسموها وسمتها الهادىء ... بحفظ الله ثم حكمة  أميرها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد  ..وهذا ما جعلها عن استحقاق  وجدارة مقر لانعقاد القمم  لكبرى و عاصمة للاجتماعات العالمية طوال العام 2013 ثم 2014 حيث أصبحت محط الأنظار  خلال استضافتها للقمة  لعربية - الإفريقية، ومن بعدها قمة مجلس التعاون الخليجي، ثم هاهى تفتح العام 2014 مع انتصاف يناير  بمؤتمر المانحين الثانى..

 يليه القمة العربية  الأهم والأخطر فى تاريخ القمم العربية فى مارس المقبل بعد ترحيب جامعة الدول العربية بهذه الاستضافة التى جاءت بمثابة إنقاذ للقمة بعد تنازل دولة فلسطين وجمهورية القمر المتحدة عن رئاسة القمتين الدوريتين العاديتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين، فجاءت  استضافة الكويت للقمة المقبلة الخامسة والعشرين فى شهر مارس 2014 بمثابة الإنقاذ تماما كما يأتى عقد المؤتمر الثانى لدعم الوضع الإنسانى فى سوريا بالكويت منتصف يناير 2014 استجابة من الأمير صباح الأحمد نداء الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون ..

وللكويت وأميرها تقدير عالمى ربما لا ينافسهما فيه حيث الثوابت الراسخة بعدم التدخل فى شئون الدول الأخرى إلا بما هو خير عبر مد يد العون ما كان إلى ذلك سبيلا  دخلت الكويت العام 2014 وهى تحمل فى العام 2013 لقب  «عاصمة القمم»، هذه الحقيقة الساطعة تؤكدها الوقائع وتدعمها الشواهد ..حيث  استضافت الكويت عدداً من القمم والمؤتمرات التى أثمرت نتائج كثيرة أكدت دور الكويت فى توثيق عرى التعاون الإقليمى والدولي، ومد يد المساعدة إلى الدول المنكوبة بالكوارث والحروب.

ثلاث قمم

وفى هذا السياق فإن الوقائع والشواهد التى دونها التاريخ فى العام 2013 تؤكد أن الكويت استضافت ثلاث قمم واجتماعات من أبرزها المؤتمر الدولى للمانحين لدعم الوضع الإنسانى فى سورية، ومؤازرة الشعب السورى فى نكبته إلى يمر بها والتى لا تحطئها عين ، حيث استطاع المؤتمر فى دورته الأولى أن يحشد أكبر قدرًا من المشاركين الذين مثلوا 72 دولة ومنظمة، كما تجاوزت التعهدات المالية للدول السقف الذى حددته الأمم المتحدة بـ1.5 مليار دولار، لتبلغ ملياراً و676 مليوناً و54 ألف دولار فى إحصاءات المؤتمر.

وإلى جانب الدعم المالى للحاجات الإنسانية للشعب السورى شكلت مواقف دولة الكويت ممثلة فى شخص سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد والمتحدثين فى المؤتمر ناقوس خطر يحتم حث الجهود العربية والدولية على التحرك لإنقاذ سورية من الكارثة التى تمر بها .

القمة العربية الإفريقية

ثم جاءت القمة العربية الإفريقية، التى عقدت فى العشرين من نوفمبر الماضى تحت عنوان «شركاء فى التنمية والاستثمار» لتؤكد قدرة الكويت الفريدة وغير المسبوقة على المساهمة فى جمع الدول العربية والإفريقية، مهما كانت العقبات المحيطة بالإقليم ومهما كانت التعقيدات فى خطوة تهدف إلى حشد طاقات تلك الدول، بما يعزز التعاون المشترك بينها بعيداً عن الخصومات السياسية وهو ما تجلى فى التقريب بين مصر ودول القارة بعد ثورة 30 يونيو التى أعقبها جفوة بين مصر والأفارقة على إثر تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقى وقد بذل سمو أمير الكويت بصورة شخصية جهداً ملحوظاً وكبيراً لتحقيق هذا الهدف بلقاءات رعاها بين الرئيس عدلى منصور وبين رؤساء وزعماء القارة الإفريقية وقد كان لها نتائج فورية وملموسة لا يزال صداها يتردد فى القاهرة وبلدان القارة السمراء حتى الآن .

رأب الصدع

أما ثالث القمم التى رعتها الكويت وكانت ختاماً للعام 2013 فقد تجسدت فى  القمة الخليجية الرابعة والثلاثون والتى انتهت بقرارات أكدت قدرة الكويت على رأب الصدع بين دول المجلس، والمضى فى مسيرة التعاون الخليجي، فضلاً عن رفع وتيرة التضامن مع الدول العربية والإقليمية فى مواجهة التحديات التى تعصف بالمنطقة.

هذه القمم تؤكد أن الكويت بحكمة أميرها أصبحت لاعب سياسى رئيسى فى المنطقة من حيث تبنى قضايا الخليج والمنطقة العربية، فهى تسعى دوما لمساندة الأشقاء والأصدقاء ابتداء من القضية الفلسطينية والأوضاع فى مصر حيث تحظى علاقة البلدين الاستراتيجية باهتمام كبير من الجانبين  ثم معاناة الشعب السوري. والكويت لا تعيش بمعزل عن أشقائها وحتى الأصدقاء فى إفريقيا وآسيا وانعقاد القمم فى دولة الكويت ما هو إلا دليل واضح على أهميتها السياسية والإعلامية والاقتصادية، وتجسيد لما تقدمه من مساعدات وعون للأشقاء والأصدقاء فى مختلف البلدان . ولا يمكن لأحد أن ينسى دور الكويت بقيادة أميرها فى المصالحات بين الدول الخليجية والدول الأخرى، والسعى دوماً لتقريب وجهات النظر حيال القضايا المختلفة، وهو الأمر الذى أضفى مزيداً من المكانة للكويت لدى مختلف دول العالم. وقد لاحظ الكثير من الباحثين أن الكويت استعادت فى 2013 بريقها السياسى بعد أن سعى ضجيج قطر الإعلامى لإخفائه كما حظيت. الكويت بثقة الأمم المتحدة التى طلبت ورحبت بعقد مؤتمر إنسانى عالمى لمساعدة الشعب السورى فى محنتة للمرة الثانية على أراضيها

حكمة أمير

وإذا كانت حكمة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت تتجلى فى القضايا الخارجية فإنه فى الداخل أيضاً حاضرة بقوة فى إيمانه العميق بدولة المؤسسات التى يحكمها الدستور والقانون وأنه لا سلطة تعلو على سلطة الحق والعدالة.

وهو ما تجلى على سبيل المثال  فى كلمته التى وجهها للمواطنين الكويتيين بعد حكم المحكمة الدستورية  الخاص بمجلس الأمة الكويتى حيث قال :» إن أهل الكويت يحرصون عند اختلافهم على الاحتكام للقضاء والالتزام بالقنوات والأطر الدستورية، وهى سمة حضارية والتزام بمرجعياتنا وانتصار للديمقراطية يحق لكل كويتى أن يفخر بها».

وأضاف: إنه يقبل عن طيب خاطر حكم المحكمة الدستورية أياً كان ، داعياً فى الوقت نفسه جميع المواطنين إلى احترام هذا الحكم والامتثال له احتراماً للقضاء والتزاماً بالدستور ، مشيراً إلى أنه وجه مجلس الوزراء باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذه.

وأبدى سموه مشاعر القلق إزاء ما برز من مظاهر وممارسات مستنكرة تحمل نفساً طائفياً بغيضاً من شأنه استدراج نار التعصب والتطرف وافتعال أسباب الفتنة المدمرة بالبلاد  مشدداً على أن الكويت لن تكون ساحة للصراعات الطائفية وتصفية الحسابات.

وإبان أن حماية أمن الكويت مسؤولية وواجب الجميع وهى أمانة تقتضى الوعى والحكمة وروح المسؤولية وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من مصالح واهتمامات وأهواء.