جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

اغتيال شهيد.. أم اختراق وطن؟

اسامة شرشر -

 

لابد أن نعترف، أن المشهد مرتبك، والعواجيز يسيطرون على القرار، والشباب حائرون، والجيش يراقب ويتابع، والشرطة تقاوم وتواجه، والمواطن المصرى يدفع ثمن عجز حكومة الببلاوي، التى تضم أغرب تركيبة حكومية فى تاريخ البشرية، من أشخاص مختلفين فى الأفكار والأيدلوجيات والتوجهات، وكل يعمل لأجندته، وطموحاته السياسية، وعين على الأمريكان، والأخرى على الإخوان والوطن يدفع ثمن هذا الإختراق المنظم والمخطط.

فالمشاكل واضحة، والقوانين عاجزة لأنه لا يتم تطبيقها، لغياب الإرادة السياسية للحكومة، فى إعادة هيبة الدولة والشعب.

ولأول مرة منذ قرون طويلة، نجد الشعب المصري، العبقرى العظيم الصابر، الذى يبحث عن أبسط وسائل وسبل الحياة الكريمة والأمان المفقود، منذ 25 يناير، والأمن الحائر بين مدعى الحريات وحقوق الإنسان، ومواجهة غدر وإرهاب ورصاص الإخوان، والجماعات الإرهابية، التابعة لها من كل الاتجاهات، سواء جهاديين أو سلفيين، أو جماعات إسلامية، فهى فى النهاية، تصب فى خندق التنظيم الدولى للإخوان لكل العباءات الدينية، والإسلام منها برئ، والهدف هو حرق الوطن، وقتل الشعب، وتفتيت البلاد، لتنفيذ المخططات الصهيونية، والخاسر الوحيد فى هذا هم هذه القلة، الذين يحملون حتى الآن الجنسية المصرية، وهم وصمة عار على جبين  المصريين والإنسانية لأنهم يقبلون، أن يغتال الأطفال والنساء والشباب والرجال، لمجرد أنهم رفضون فكرة المسيرات والتظاهرات، وإرباك الحياة اليومية للناس، لمصلحة من يحدث ذلك؟ ومن المستفيد من إراقه دماء المصريين؟ من الواضح أن الشرطة أصبحت هدفا استراتيجيا لهؤلاء الخوارج، عن الملة، والدين، والضمير، والإنسانية، الذين أطلقوا النار على وزير الداخلية محمد إبراهيم واعتبروه الخائن الأكبر، وأصبح الجيش المصرى بالنسبة لهم كحصان «طروادة»، والفريق أول عبدالفتاح السيسي، أصبح يمثل كابوساً مميتا لهم كعقدة «أوديب»، بالنسبة لهؤلاء المرتزقة الجدد، الذين يمولون من كل الجهات الأجنبية، عينى عنيك، بلا استحياء، فعندما يموت الحياء والأدب، فلا صلاح لهؤلاء، لأنهم أصبحوا قنابل مميتة، تترعرع وتنمو، لهدم الحياة وقتل الإنسان، وليس لبعث الأمل، حتى أغنية «تسلم الأيادى» التى رددها وعشقها الشعب المصرى والعربى من المحيط للخليج، أصبحت دافعاً للقتل، والتخريب، والعنف، والدمار ولكن ما حدث لاغتيال أحد شباب مصر، من المؤسسة الشرطية، وهو الشهيد «محمد مبروك»، أحد أكفأ الضباط الواعدين فى جهاز الأمنى الوطنى المصري، ولأنه يعمل فى مقاومة التطرف الديني، وكشف الخلايا النائمة، لهؤلاء المجرمين، الذين يستبيحون الدماء، كان جزاؤه القتل أمام منزله من هؤلاء المجرمين، وهى رسالة قوية، أن الشرطة بوزيرها وضباطها وأفرادها، مستهدفون، إن طال الوقت أو قصر وأن أحداث ذكرى «محمد محمود» الهدف منها هو كسر أنف الداخلية وجهاز الشرطة بالذات، فعندما يتجمع الإخوان، وجماعة إبريل، والكتل المدعية الثورية، وعجز الحكومة، والطوابير الواقفة أمام البيت الأبيض، لإرضائه، لابد أن يدفع المقدم محمد مبروك، وزوجته وأولاده والثمن حياته، والتساؤل الهام الذى لا يوجد إجابة له حتى الآن كيف عرف الإرهابيون عناوين وتحركات هؤلاء الضباط؟

والإجابة ببساطة: إن جماعة الإخوان، عندما هاجمت مقرات جهاز مباحث أمن الدولة، للبحث عن المستندات، التى تدينها كانت تعليمات المرشد وتنظيمه الدولي، أن يتم معرفة عناوين ضباط هذا الجهاز بالذات، لأنهم يعرفون عنهم ما لا يعرفونه عن أنفسهم، فجهاز أمن الدولة، فى كل بلاد العالم، هو جهاز معلوماتي، للوصول إلى الحقائق، ومنع الجرائم، قبل وقوعها، فلذلك كان المطلوب، هو حصار ضباط أمن الدولة، والوصول إلى بيوتهم، وخاصة من يعملون فى النشاط الدينى والعقائدى ومكافحة التطرف، وللأسف الشديد، كلنا شاركنا فى مقتل الشهيد محمد مبروك، عندما سمحنا لهؤلاء الفجرة، الذين لا دين ولا وطن لهم باقتحام جهاز أمن الدولة تحت مزاعم أن دوره انتهى، ويقوم بتعذيب المواطنيين الخارجين عن القانون والمدفعين من جهات أجنبية وداخلية بينما كان الهدف الإخوانى الحقيقي، هو استئصال الكفاءات الأمنية، لهذا الجهاز الهام والحساس الذى يعتبر صمام الأمان الداخلي، الحقيقى كالشهيد «محمد مبروك» والشهيد «محمد أبو شقرة»، اللذان يعتبران شاهدان، فى قضية التخابر للرئيس المسجون محمد مرسى، وذلك لكشفهم الصندوق الأسود لسجن وادى النطرون، ولكن لابد أن نعترف أن هناك ثغرات أمنية سلبية، وأن الإرهابيين يستخدمون أحدث ما وصلت إليه الآلة الألكترونية، لتشوية الجميع، وكذلك يمتلكون جهاز مخابراتى جيد مدرب ونشط يحققون منه الأهداف، بالإضافة إلى وجود عناصر لهم فى كل جهاز  للأسف الشديد تتواصل معهم بالمعلومات عن تحركات الضباط والأفراد.

والنتيجة أن خطتهم نجحت وتم الاقتحام واليوم يدفع محمد مبروك الثمن، وسيدفع أخرين حياتهم، لأننا لم نستوعب الدرس حتى الآن، ولم نحافظ على ضباطنا وأبنائنا، وتغيير مواقع وأماكن عملهم وإقامتهم.

فاغتيال الشهيد محمد مبروك رسالة لاختراق الوطن لأنه اغتيال للشعب والبلد، الذى يغتال ليل نهار، ولا نملك، إلا الاستنكار والدعاء، والصلاة على هؤلاء الشهداء فشهيد العمرانية، وشهيد الأسكندرية، وشهيد الشرطة، وشهيد الجيش، ما هم إلا رسائل من السماء للشعب المصرى ، أن يفيق ويعيد هيبة الوطن والدولة، التى قد تسقط تحت أقدام الثوار الجدد والمدعين والمرشدين وشكر الله سعيكم ولا عزاء للإرهابيين والإخوان المسلمين.