النهار
جريدة النهار المصرية

ثقافة

الأديبة أمل زيادة : الإبداع مثل البحر بأمواجه الهادرة

فتحي المزين -

أمل زيادة صحفية وكاتبة روائية عضو عامل باتحاد الكتاب حاصلة على المركز الأول فى مسابقة الإبداع الكبرى للقصة القصيرة جداً وحاصلة على جائزة نهاد شريف لأدب الخيال العلمى  لهذا العام وغيرهما من الجوائز ورشحت روايتها « فى الخاطر « لمسابقة الشيخ زايد للرواية لهذا العام أيضاً .وأخيراً أثارت روايتها ( دماء فى الغربة ) ضجة كبرى وقد خصت النهار ببعض أسرار هذه الرواية فإلى تفاصيل الحوار

 لماذا اخترت هذا العنوان ( دماء فى الغربة ) ؟

- اخترت لها هذا الاسم لأن نصف أحداثها وأهمها يدور بالخارج ؛ معلومة تنفرد بها جريدتكم الموقرة لم يكن هذا اسمها الحقيقى كان اسمها «  الحفلة « وتم تغييره بعد ظهور فيلم يحمل نفس الاسم .

 لماذا لم تحددى زمن محدد تدور فيه روايتك ؟

 - أتعمد فى كل روايتى أن أترك للقارىء حرية الربط بين الحدث الذى تدور حوله الرواية وبين الأحداث الواقعية التى مرت علينا مما يجعله فى حالة تساؤل مستمر هل يقصدون هذه الشخصية أم تلك الحادثة ولمن لا يعلم شيئا عن تلك الأشخاص والأحداث اتعمد اللعب على وتر الفضول لدية مما سيؤدى إلى البحث والاستقصاء للتأكد مما ورد فى الرواية أو حتى السؤال هل هو حقيقة أم من نسج ووحى إبداع المؤلف . وهو بالتالى يصب فى صالح القارىء .

 هناك إسقاط سياسى فى الرواية على فترة حكم الرئيس المخلوع هل هو متعمد أم وليد الصدفة ؟

- الإسقاط السياسى بالرواية مقصود ومتعمد لأنه بيشدد على ركيزة واحده كان يتبعها المخلوع ورجاله ألا وهى عندما تهدد المصالح تهون الأرواح ..  هذا بخلاف أن هناك إسقاط مباشر على الشخصية المحورية فى الرواية وفيها تضارب نفسى داخلى بالفعل عاشه الشخص المقصود ..

 شخوص روايتكِ الأخيرة «دماء فى الغربة» صعبة ولكنها أيضًا لا تُنسى، فكيف تصفين رحلتكِ مع كتابتها ؟

- رحلتى مع دماء فى الغربة طويلة لأنها أول رواية كتبتها منذ حوالى سبع سنوات ان لم يكن أكثر الرواية أعدت صياغتها أكثر من مرة حتى خرجت فى صورتها النهائية الموجوده حاليا بين أيدى القراء.

أشخاص روايتى بالفعل شخصيات صعبة التكوين النفسى تجد فيهم  الشيء وعكسه ؛ بالفعل شخصيات محيرة تحتار معهم هل هم  من النقاء الذى يجعلنا نتعاطف معهم ونلتمس لهم العذر والعفو أم هم  على العكس ويستحقون النهاية التى سيعرفها القارىء.

أم أنهم يدفعون ضريبة غيرهم بحسن نوياهم  وفطرتهم النقية أم أنهم تواجدوا فى الزمان والمكان  الخاطىء  بالفعل اتعاطف وأشفق مع القارىء عليهم .

 الرواية بها جرأة غير عادية، هل كنت تقصدين ذلك، أم أن الأحداث هى ما أملت عليك ذلك؟

- لا أنكر أن الرواية فيها جرأة فى التناول وذلك نظرا  للإسقاط المتعمد والمباشر على أشخاص الرواية والتى تجسد مرحلة هامة جدا فى تاريخ مصر وفيها تلميح مباشر عما كان يحاك فى كواليس المسرح السياسى فى مصر وكيف تهون الأرواح عندما يتداخل رأس المال مع السلطة وهو أمر كان ملحوظ جداً وملموس طوال فترة حكم الرئيس المخلوع (مبارك ) . لذا لم أكن مقيدة بقالب معين فرضته على الأحداث أثناء الكتابة .

 بدأتِ حياتك الأدبية بالكتابة فى الخيال العلمى ، ثم اتجهتِ سريعًا إلى الرواية الرومانسية إن جاز التعبير ، فأيهما أقرب إلىك ؟

- بالفعل بدأت بالخيال العلمى ورواية الكهف التى فازت فى مسابقة نهاد شريف لأدب الخيال العلمى لهذا العام

 اعتز جداً بهذه التجربة الأدبية التى  جعلتنى أهتم بمجال القراءة العلمية والأدبية  ومتابعة أحدث الاكتشافات العلمية

- كى أتابع أحدث وأبرز الإبداعات التى تفتق عنها ذهن الكتاب  المبدعيين لأن ما هو تصور أو حلم  اليوم يصبح حقيقة مع مرور الوقت . ولى عودة قريبا لهذا اللون بالجزء الثانى من رواية الكهف ؛ وذلك حتى لا أكون حبيسة لون محدد من الكتابة خاصة بعد صدور روايتى  فى الخاطر ؛ ودماء فى الغربة . التى يكاد أن يتقاربا فى التصنيف من حيث الطبع الرومانسى الذى يطغى عليهما .

 هل تعتبرين الكتابة بالنسبة للمرأة مغامرة فى العالم العربى ؟

- الكتابة بالنسبة للمرأة جرأة ومخاطرة خاصة فى وطننا العربى لما تتعرض له الكاتبات من إسقاط مباشر على حياتهم الشخصية من خلال كتاباتهم وهو ما يؤثر على حرية إبداع المرأة لأنها تضطر أن تكتب بتحفظ مما يفقدها الكثير من المصداقية ومما يهدد مستقبلها الأدبى ويتعارض مع الاستمرارية التى ترغبها ومع حلمها بتكوين اسم لامع فى عالم الأدب .

 حققت روايتك «الكهف « رواجًا كبيرًا، ومن بعدها «فى الخاطر»، هل يجعلك هذا تفكرين كثيرًا قبل الشروع فى كتابة  رواية جديدة حتى لا تقل عن المستوى الذى وصلت إليه؟

- كل مرحلة لها  ما لها وعليها ما عليها  من ملاحظات سواء سلباً أو إيجاباً وبكل الأحوال  كل مرحلة لها مذاقها الخاص من النجاح لذا بالفعل أشعر بالمسؤلية والخوف إن شئت الدقة مع كل كتاب جديد يطرح فى الأسواق ؛ لأنه كلما زاد رصيدك الأدبى زاد معحبيك ومتابعيك وقراءك وبالتالى احرص على إرضاء جميع الأذواق ؛ مما يجعلنى ادقق كثيراً قبل طرح أى عمل جديد  خشية أن يقال هذا العمل مستواه أقل  أو أن يقارن القارىء بين الأعمال جميعاً مما يؤثر سلباً على جمهورى .. وعلى بصفة شخصية .

لأن الوصول للنجاح سهل لكن المحافظة عليه هى المهمة الأصعب . أحاول قدر استطاعتى أن أحافظ على مستواى  وأعمل كثيراً على تطوير نفسى وأسلوبى فى الكتابة  حتى اظل عند حسن ظن القارىء بى .

 هل أنصفك النقد ؟ وبماذا تنصحين الكتاب ؟

- لايوجد نقد منصف لأى كاتب من وجهة نظرى ؛ اعتبر الكاتب مثل طالب الدراسات العليا الذى يناقش رسالة دكتوارة بعد أن يعمل بكل جهده من أجل رسالته  يناقشه الاساتذة فى رسالته ولا يغفلون تفصيلة مهما قل شأنها وفى النهاية يمنحونه درجة الدكتوارة .. الكاتب أيضاً مثله تماما وأنا شخصياً تعرضت لنقد لاذع لرواية الكهف لا أنكر وقتها أنى انزعجت لكن بعد أن هدأت  تذكرت أن من نقدها أقر أنه لا يحب أدب الخيال العلمى .. إذن هناك فارق بين من ينقدك بحيادية أو عن تخصص ومن ينتقدك من باب أنا اعترض ..

وكذا تكرر الأمر فى رواية فى الخاطر تعرضت مؤخرا لنقد لاذع لأن من قرأها  كان يعتقد أنها سيرة ذاتية لبطل الرواية المقتبسة الأحداث عن حياته غافلاً أن الرواية لم تحدد زمناً معيناً وأن الأبطال استخدموا الهاتف المحمول وهو لم يكن متوافراً أبداً فى حياة البطل المقتبسه الأحداث منه وهو سليمان خاطر .. أردت إلقاء الضوء على حياته من خلال روايتى واعتبرته رمز لشهداء مصر فى كل زمان ومكان ؛ وأنه كشاب مصرى وطنى كانت له حياته آماله طموحاته أحلامه التى ضحى بها من أجل الوطن .. عبرت عن كل ذلك بأسلوب محبب ومشوق .. وهو مالم يفهمه صاحب النقد . نصيحة أوجهها للكتاب بوجه عام استمع لكل الأراء وخذ منها كل ما يفيدك وما يضيف إليك وابتعد عن الآراء الهدامة لأنى أشبه الكتابة كالبحر بأمواجه  الهادرة ما يعجبنى  لا يعجب غيرى ..

 كيف ترين المشهد الإبداعى فى مصر والعالم العربي؟

- أرى طفرة فى المشهد الإبداعى ككل ؛ بعد ثورة يناير ولد العديد من المبدعين الذين كانوا ضحية النظام الأسبق بمحسوبياته حيث كان سوق النشر حكراً على أسماء معينه ؛ لكن ثورة يناير  لعبت دورا ً محورياً حيث اتاحت الفرصة للعديد من الموهوبين أن يظهروا وتظهر كتاباتهم للنور لذا كلنا ندين لثورة يناير بالكثير لأنه لولاها لكانت ابداعاتنا حبيسة الأدراج  إلى وقتنا هذا .. ! ؛ والأزمات المتتالية  التى يشهدها الوطن العربى ساعدت  ايضاً على وجود جيل مبدع متشبع بالاحداث الدرامية والدامية التى يغرق فيها وطننا  العربى وهو ما يساعد على التجدد لأنه من رحم الأزمات تولد المواهب .