جريدة النهار المصرية

مقالات

د. احمد كريمة يكتب : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت

احمد كريمة
-

المسلم عفيف حيي والحياء خلق له والحياء من الإيمان والإيمان عقيدة المسلم وقوام حياته فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان " رواه البخاري ومسلم وسر كون الحياء من الإيمان أن كلا منهما داع إلي الخير صارف عن الشر مُبعد عنه فالإيمان يبعث المؤمن علي فعل الطاعات وترك المعاصي والحياء يمنع صاحبه من التقصير في الشكر للمنعم ومن التفريط في حق ذي الحق كما يمنع الحيي من فعل القبيح أو قواه اتقاء للزم والملامة ومن هنا كان الحياء خيراًَ ولا يأتي إلا بخير كما صح ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله " الحياء لا يأتي إلا بخير " رواه البخاري ومسلم عن عمران بن حصين.

وروي شعبة عن منصور بن ربعي عن أبي منصور البدري قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي: يا ابن آدم إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"

وليس هذا القول إغراء بفعل المعاصي عن قلة الحياء كما توهمه بعض من جهل معاني الكلام ومواضعات الخطاب وفي مثل هذا الخبر قول الشاعر:

إذا لم تخـشي عاقبـة الليالي

ولم تستحي فاصنع ما تشـاء

فلا والله ما في العيش خيـر

ولا الدنيا إذا ذهـب الحيـاء

يعيش المرء ما استحيا بخير

ويبقي العود ما بقي اللحـاء

واختلف أهل العلم في معني هذا الخبر:

فقال أبوبكر بن محمد الشاشي في أصول الفقه: - معني هذا الحديث أن من لم يستحي دعاه ترك الحياء إلي أن يعمل ما يشاء لا يردعه عنه رادع فليستحي المرء فإن الحياء يردعه.

وقال أبو بكر الرازي من أصحاب أبي حنيفة أن المعني فيه إذا عُرضت عليك أفعالك التي هممت بفعلها فلم تستحي منها لحسنها وجمالها فاصنع ما شئت منها فجعل الحياء حكماً علي أفعاله وكلا القولين حسن والأول أشبه لأن الكلام خرج عن النبي صلي الله عليه وسلم مخرج الذم لا مخرج المدح ولكن قد جاء حديث بما يضاهي الثاني وهو قوله صلي الله عليه وسلم: " ما أحببت أن تسمعه أذناك فائته وما كرهت أن تسمعه أذناك فاجتنبه ".