جريدة النهار المصرية

حوارات

اللواء محمد ابراهيم.. وزير عودة الشرطة للشعب

اسامة شرشر -

عندما جاء اللواء محمد إبراهيم وزيراً للداخلية خلفاً للواء أحمد جمال الدين الذي كان له موقفاً محترما خلال أحداث الاتحادية عندما رفض أوامر الدكتور مرسي بفض اعتصام المعارضين للإخوان أمام القصر بالقوة تخوف كثيرون من الوزير الجديد واعتبروه اختياراً إخوانياً مقصوداً ومدروساً سوف يخدم مصالحهم ويحقق أهدافهم ...ورغم تصريحات الوزير المبددة لهذه المخاوف والتي تتحدث عن استراتيجية أمنية جديدة تصبح فيها الشرطة شرطة للشعب لا للحاكم ..إلا أن هذه المخاوف لم تتبددحتي جاءت أحداث 30 يونيو وكشف الوزير عن انحيازه ورجال الشرطة للشعب كما الجيش فماذا جري وكيف عاد الوزير بالشرطة إلي الشعب في مشهد فشلت كل الجهود المبذولة من 25 يناير 2011 وحتي 29 يونيو في تحقيقه ..؟ الإجابة في السطور التالية :-

من اللحظة الحاسمة التي أعادت الشرطة للشعب والشعب للشرطة نبدأ القصة ..فبينما كانت التصريحات تتوالي من الوزير اللواء محمد إبراهيم ومن ائتلافات الشرطة وناديها مؤكدة انحياز الشرطة للشعب لم يكن المعارضون لحكم الإخوان يصدقون حتي جاءت اللحظة الحاسمة ووضعت التصريحات والشعارات في اختبار حقيقي علي الأرض في الميادين والشوارع .. فتبين أنها شرطة مختلفة عما عهده الناس ولم تكرر أخطاء 25 يناير 2011 واكتمل المشهد بتصريحات اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية عقب البيان الذي ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وأعلن خلاله انحياز القوات المسلحة للشعب المصري، ففي هذه اللحظة قالها وزير الداخلية صريحة : أوجه كل التحية للشعب المصري العظيم علي إرادته وانتصاره الذي يحتفل به الملايين في جميع المحافظات.

وأشار وزير الداخلية أنه يجب علي مصر أن تنطلق إلي الأمام وفي تقدم مستمر حتي يتم تعويض ما عانت منه البلاد خلال الفترة الماضية من تأخر في كل المجالات.

رسالة "تطمينية

وأكد وزير الداخلية أن الأجهزة الأمنية ستبذل قصاري جهدها وستكرس كل طاقاتها للعمل علي إعادة الأمن للبلاد مرة أخري كما كان من قبل بل وأشد، وأنه سيتم تكثيف التواجد الأمني في جميع محافظات الجمهورية لتأمين المواطنين والتصدي لكل الخارجين عن القانون ممن يحاولون ترويع المواطنين.

و بعث وزير الداخلية برسالة "تطمينية" إلي جميع المواطنين قائلاً "اطمئنوا قوات الشرطة منتشرة في كل الشوارع والميادين لحمايتكم وتأمينكم والتصدي لأي أعمال عنف تحاول إفساد فرحتكم التاريخية بكل قوة وحسم.

اختيار مفاجيء

لقد كان اختيار اللواء محمد إبراهيم، وزيراً للداخلية في حكومة قنديل خلفاً للواء أحمد جمال الدين قراراً مفاجئاً حتي للوزير نفسه ، وفد سبق وأن أشار إلي أنه وقت إبلاغه رسميا باختياره وزيراً للداخلية كان في مكتبه بقطاع مصلحة السجون يمارس علمه ولم يعلم بالنبأ إلا من وسائل الإعلام وبعد توليه المسئولية قال : إن تكليفه بحقيبة وزارة الداخلية ليس تشريفا ولا مدعاة للوجاهة لكنها مهمة وطنية ثقيلة وتكليف بمسئولية يدعو الله سبحانه وتعالي أن يعينه عليها، مشيراً إلي أنه لن يدخر جهداً في إقرار الأمن في ربوع البلاد وتسخير جميع جهود الوزارة لتحقيق هذا الهدف.

الاستراتيجية الأمنية

عندما تولي اللواء محمد إبراهيم منصبه كوزير للداخلية قال : أنا مؤمن تماما بأن وزارة الداخلية مهمتها منع الجريمة والوقاية منها وكشفها وإقرار الأمن من خلال التطبيق الجاد والحاسم للقانون علي الجميع وبلا أي استثناءات لأن تطبيق القانون وبحزم هو ضمانة الاستقرار وإقرار الأمن في ربوع البلاد، إضافة إلي أن مردود ذلك سينعكس علي وجود شعور عام بالأمن لأن المواطن عندما يشعر بالأمن في كل شيء حوله فإنه سينتج ويتجه لعمله بلاخوف فضلا عن أن المناخ الأمني الجيد يوفر البيئة المناسبة والصحية للاستثمار ولا يزال هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهه وزير الداخلية بل أكبر تحدي تواجهه مصر كلها .

مصالحة شاملة

قضي اللواء محمد ابراهيم قبل تولي وزارة الداخلية أكثر من 35 سنة في الأمن العام منذ تخرجه في كلية الشرطة عام 1976 وفي مجال البحث الجنائي حيث خدم في قطاع التفتيش والرقابة و عمل مديراً لمباحث قنا ثم مديراً لأمن قنا ثم مديراً لأمن أسيوط وقبلها خدم في البحث الجنائي بمديريات أمن السويس والدقهلية والإسماعيلية والجيزة ثم في قطاع التفتيش والرقابة حتي عام 2006 وأخيراً مديراً لقطاع مصلحة السجون في شهر أكتوبر الماضي وهو مايعني أن معظم خدمته لم تكن كلها في الأمن العام ولذا فهو علي خبرة واسعة بالوضع الأمني في مصر بكل تعقيداته وهو منذ تولي منصبه وحتي ثورة 30 يونيو 2013 يري ضرورة لعمل مصالحة شاملة بين المواطن والشرطة لأنه عندما يتحقق ذلك من وجهة نظره فإن الأمن سيعود بسرعة و ما قاله فور تولي المنصب وقتها إن شاء الله ستحدث مصالحة شاملة وبالفعل تحققت المصالحة في عهده بعد موقفه في 30 يونيو وإن كانت لا تزال غير كاملة لكن الأمل في اكتمالها لم يتبدد.

ويؤمن اللواء محمد إبراهيم بدور جهاز الأمن الوطني " أمن الدولة سابقاً " ويري أنه دور لا غني عنه في حماية مصر من أخطار عديدة تهددها لكن بما يناسب المرحلة التي تمر بها مصر.

رحلة أمنية

من الضروري الإشارة إلي أن اللواء محمد أحمد إبراهيم مصطفي، ولد بمحافظة السويس في 10 إبريل 1953 ، وتخرج من كلية الشرطة عام 1976، وعقب تخرجه بدأ مهام عمله في وزارة الداخلية برتبة ملازم أول بمديرية أمن السويس عام 1980، وظل في مديرية أمن السويس يعمل في مجال البحث الجنائي لفترة طويلة بلغت 14 عاما، حتي تم نقله في عام 1994 للعمل في مديرية أمن الدقهلية.

وظل اللواء محمد إبراهيم يعمل في مباحث الدقهلية لمدة عام، وتم عقب ذلك نقله في 1995 للعمل في إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن قنا، واستمر عمله بها لمدة عامين، حتي تم نقله عام 1997 للعمل في مديرية أمن الإسماعيلية في المباحث الجنائية، وظل يعمل بها لفترة طويلة بلغت 9 سنوات متواصلة حتي تم نقله في عام 2006 للعمل في قطاع التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية.

تدرج اللواء محمد إبراهيم في المناصب داخل قطاع التفتيش والرقابة التي عمل بها لفترة بلغت 4 سنوات، حتي تم نقله في عام 2010 للعمل في مديرية أمن أسيوط، وتم تنصيبه نائبا لمدير أمن أسيوط، وظل في ذلك المنصب لمدة عام واحد فقط، حتي تم ترقيته في 2011 ليتولي منصب مدير أمن أسيوط، ومع بداية تكليف اللواء أحمد جمال الدين بمنصب وزير الداخلية في بداية شهر أغسطس 2012، قرر ترقية اللواء محمد إبراهيم خلال حركة ترقيات بوزارة الداخلية ليتولي أخيرا منصب مساعد أول لوزير الداخلية مديرا لقطاع مصلحة السجون والذي ظل يعمل به حتي تم تكليفه بتولي وزارة الداخلية في 5 يناير 2013 .

الإخوان والأمن

من المهام الصعبة التي يواجها وزير الداخلية الآن محاولة تطهير الوزارة من رجال الإخوان فيها علي قلتهم وخطورة مناصبهم فقد ساهموا في مد الجماعة بمعلومات مهمه عن الوزير والوزارة حيث يجري حديث عن علاقة ربطت خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان ببعض القيادات وجري حديث عن لقاءات له بمسئول مهم في جهاز الأمن الوطني وهؤلاء هم من كانوا يروجون للحديث عن تبعية اللواء محمد إبراهيم للإخوان المسلمين خلال الفترة الماضية بهدف إخافة معارضي الجماعة ولتشويه صورة الرجل أمام الرأي العام لكنه انتصر علي هذه الشائعات وأثبت بالأفعال مترافقة مع الأقوال كذب هذه الشائعات .

وقد بدأ الوزير المواجهة بالفعل من الجيزة حيث تكشفت علاقه بعض القيادات بجماعة الإخوان وقد اتخذ الوزير بعد 30 يونيو عدد من القرارات المهمة مثل إبعاد مدير أمن الجيزة بعدما أكد له العشرات من الضباط أن مدير أمن الجيزة هو السبب في تأخر إرسال القوات لميدان النهضة ما أدي لإصابة نائب مأمور قسم بولاق بطلق ناري.

ويعيد الوزير تقييم القيادات الموجودة بالوزارة ومراجعة من سبق أن تم رصد اتصالات أو علاقات بينهم وبين جماعة الإخوان لتطهير الوزارة ممن كانوا وراء اهتزاز الأداء داخل الوزارة خلال الفترة الماضية وإثارة شبهات الأخونة حول الوزارة حيث سعت جماعة الإخوان لاستقطاب بعض القيادات ودفعها لمتابعة ملفات النشطاء السياسيين والثوار المناهضين للدكتور محمد مرسي، والتسجيل للقيادات والمشاهير ورموز المجتمع والصحافة والإعلام وغيرهم وليس قضية اغتيال الضابط محمد أبو شقره الضابط المهم بالأمن الوطني في سيناء سوي حلقة في هذا المسلسل سوف تتكشف قريبا تفاصيلها .

لقد نجح اللواء محمد إبراهيم في إعادة الشرطة للشعب والشعب للشرطة ولا شك أن مهمة تطهير الوزارة وتحديث استراتيجيتها الأمنية بما يتوافق مع ما جري في 30 يونية من ثورة أعادت مصر للمصريين .