جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب :حفظ الله مصر

اسامة شرشر
اسامة شرشر -

مصر لن تتأسلم أو تتأخون علي مر الأيام والتاريخ لأنها أم الدنيا بوسطيتها وأزهرها وعلمائها ورجالها ونسائها وشبابها فهي خليط غريب وعجيب يصعب فهمه وحل مفرداته وألغازه فهي بلد التناقضات والتاريخ والجغرافيا والآثار والنيل والطبقة المتوسطة التي هي حجر الزاوية والعمود الفقري لهذه الأمة المصرية العبقرية بتراثها وأفكار شبابها الذين أذهلوا العالم والأعداء والأصدقاء خلال عامين فقط بثورتين كل لها خصوصيتها وأسرارها وصندوقها الأسود وخطوطها الحمراء التي لم يتم كشفها حتي وجاءت ثورة 30 يونيه حالة الكارت الأحمر وصفارة الوداع لمرسي ومكتب إرشاده وكومبارسه وأدواته والاستفزازية وأشكاله وأشخاصه الذين لم يجود الزمان والمكان بأمثالهم الذين وصفوا الجيش المصري العظيم بجيش النكسة وشككوا في وسطية الأزهر بصكوكهم وعقوقهم الدينية والسياسية والأخلاقية وتوهموا أنهم ملكوا الحكم والسلطة والإقصاء والإبعاد وأغرقوا البلاد في متاهات الإنقسام والإرتباك وشوهوا صورة المرأة المصرية التي نفخر بها جميعاً في الثورتين لأنها كانت الوقود والشحن المعنوي للجميع.

كل ذلك وضع البلد علي حفرة أو خطوة من الحرب الأهلية وإسالة الدماء الغزيرة لأبناء الوطن الواحد في سابقة تاريخية كانت ستعد الأولي من نوعها في تاريخ مصر القبطية والإسلامية وصدعوا دماغنا بمشروع النهضة والخلافة الإسلامية واستغلوا الإسلام والدين وهو منهم براء.

في تنفيذ مشاريعهم الاستيطانية من خلال تنظيمهم الدولي الذي يسيطر علي أفكاره ومعتقداته وأحلامه تحقيق الخلافة الإسلامية بغض النظر عن الحدود والأوطان والشعوب فالحلم الإخواني يشابه الحلم الصهيويني لتحقيق الدولة الكبري من المقطم إلي أنقرة وإسلام أباد فلا مانع من التنازل عن سيناء وحلايب وشلاتين وأي ثوابت حدوديه وقوميه المهم تحقيق الدولة الإسلامية الكبري فكان الدين هو جواز مرورهم علي مدي 80 عاماً من العمل التحتي والسري لنشر الحلم والدعوي ضاربين عرض الحائط بالنماذج الإسلامية الرائعة الطاهرة وهيهات بين هذا وذاك والقياس مع الفارق في الأشخاص والمكان والزمان والرجال فأضرب لهم مثلا واحداً من ضمن آلاف الأمثلة والنماذج.

وهو الحسن بن علي بن أبي طالب الذي تنازل عن الخلافة الإسلامية والحكم لمعاوية بن أبي سفيان درءاً لدماء المسلمين ولكن الخلافة لدي الإخوان هي التمكين والإقصاء ورفض الآخر وقتل الشيعة والمسيحيين لأنهم خوارج فثقافة الحوار والاختلاف وتطبيق آليات الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ليست في عقيدتهم ولا في مرجعيتهم ولا مكتب إرشادهم فمرشدهم هو الأب الروحي والكهنوت الديني لهم يأمر فيطاع والسمع والطاعة هي فلسفتهم وعقيدتهم وعلي الجميع التنفيذ لأنهم يهددون الجميع نحن نمتلك السلطة والسلطان وما أنتم إلا علمانيين كافرين خارجين عن طاعة المرشد.

وتوهموا في غفلة من الزمان أن الدنيا ضحكت لهم وأصبحوا قاب قوسين في تحقيق حلمهم الأزلي والأبدي هي دولة المرشد الكبري واستشعر الشعب بالخطر وأن الحلقة تضيق عليهم كل يوم بداية بلقمة العيش وعذاب الأسعار والسولار والبنزين وعدم الأمان في الشارع وأصبح المواطن المصري يشعر بالندم والخوف لأنه وقع في فخ الإخوان وصندوقهم الأسود فكانت الشرارة والطلقة الشعبية فخرجت جماهير الشعب الحر الأبيّ العظيم العبقري في كل نجوع ومدن ومحافظات مصر يوم 30 يونيه لتعلق يوم الخلاص من الحلم والمرشد العام فملايين المصريين من هذا الشعب العبقري أعطوا رسالة للعالم أن شعب مصر لا يقهر وأنهم أحفاد الفراعنة.

فكانت صرخة تمرد هي الصندوق السري الذي وجد فيه الشعب نقطة البداية والنهاية بعيداً عن الأحزاب والنخب التي دمرت الوطن والإنقاذ والإغراق فالشعب خرج ليحسم الأمر ويكون صاحب القرار وجاءت الشرطة التي أثبتت أنها في خدمة الشعب قولاً وفعلاً ففي مشهد تاريخي إنحاز رجال الشرطة بكل مستوياتهم إلي جموع وملايين المصريين لأنهم منهم وأصبح يوم 30 يونيه عيداً لرجال الشرطة وجاءت الخاتمة الربانية لبيان القوات المسلحة المصرية التي أكدت علي الثوابت والوطنية وأنها لا تطمع في الحكم بل تحميه وهو جزءاً من إرادة الشعب المصري الذي تنحني له إحتراماً وإطلالاً وقالوا وصاغوا بياناً سيكون وثيقة تاريخية تدرس للأجيال القادمة لأنها أخر قنديل زيت للحفاظ علي الأمن القومي المصري العربي والحفاظ علي مدنية الدولة وحدودها وترابها ولن تسمح بالعنف وسفك الدماء ولن تسمح لضياع مزيد من الوقت لأن الوطن أصبح في خطر فكان قرار القوات المسلحة انحيازها للشعب حفظ الله مصر وقواتها المسلحة الحامي لتراب مصر فلا نقول وداعاً ولكن نقول مصر تولد من جديد بعد اختبار قاسي للجميع.