النهار
جريدة النهار المصرية

اقتصاد

قرار «إيجاس» بوقف إمدادات الغاز يهدد بانهيار صناعة الأسمنت!!

هالة عبد اللطيف -

أثار قرار الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" بتوقف إمدادات الغاز لمصانع الأسمنت لحين إشعار آخر، الجدل بل والقلق لدي أصحاب مصانع الأسمنت، تخوفا من توقف العمل التام للمصانع.

وتزايدت التساؤلات، حول مدي تأثير ذلك القرار علي إنتاج مصانع الأسمنت؟، وما هو حجم الخسائر التي ستتحملها الشركات جراء هذا القرار، وما هي البدائل التي ستعتد عليها الشركات كبديل للغاز؟.

في البداية أكد الدكتور مدحت إستيفانوس " رئيس شعبة الاسمنت بإتحاد الصناعات" أن قرار شركة إيجاس أدي بالفعل إلي توقف 9 مصانع من إجمالي 23 مصنع وهي مصانع السويس، والقاهرة، وبني سويف، لافتاً إلي أنه يوجد فرق في الطاقات الإنتاجية لهذه المصانع.

وأشار إستيفانوس أن المصانع التي توقفت عن العمل تمثل حوالي 60% من الإنتاج اليومي، إذ تحقق خسائر حوالي 80 مليون جنيه في اليوم، لافتاً إلي أن وقف إمداد المصانع بالغاز جعل المصانع في ورطة كبيرة لاسيما وأنه لا يوجد بديل للغاز سوي الفحم، فإذا وجد الفحم ، وجد الأسمنت وإذا لم يجد لن تنتج مصر أي كميات من الأسمنت نهائياً، هذا بجانب أن تحويل كل خط إنتاج للعمل بالفحم سيكلف المصانع مبالغ فادحة قد تتعدي 110 مليون جنيه، إضافة إلي الوقت الكبير التي سيتم أخذه لتنفيذ ذلك..

وأوضح إستيفانوس أن أزمة الغاز لن تؤثر فقط علي صناعة الأسمنت وإنما ستؤثر علي جميع الصناعات التي تدخل في البناء، وذلك لأن صناعة الأسمنت هي المركز والأساس الذي تعتمدعليه جميع صناعات البناء الأخري.

وشدد أنه إذا لم يتم حل هذه الأزمة في القريب العاجل فإن ذلك سيؤدي إلي اللجوء إلي الاستيراد، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلي ارتفاع أسعار الاسمنت في السوق المحلي.

وناشد إستيفانوس في النهاية علي جميع المسئولين بالدولة بسرعة حل هذه الأزمة قبل أن تتفاقم، لاسيما وأن رئيس شركة شيل بمصر قال أنع إذا رغبت مصر في إستيراد الغاز من الخارج، فهذا الأمر لن يتم قبل عامين علي الأقل وذلك في ظل العجز المتزايد في الغاز الطبيعي الذي يأتي أيضاً في ضوء زيادة الاستهلاك في محطات الكهرباء.

بينما يري المهندس محمد النقلي " مدير مشاريع التطوير والطاقة البديلة بشركة العامرية للأسمنت" أن وقف إمدادت الغاز لمصانع الأسمنت أدي إلي تعرض فرن إنتاج خام الكلنكر للتوقف أكثر من مرة ، الأمر الذي جعل هناك خسائر فادحة في الإنتاج اليومي للمصانع.

وأوضح النقلي أن مصانع الأسمنت لم يعد أمامها بديل للغاز سوي الفحم، وذلك في ظل إرتفاع أسعار المازوت بنسبة فاقت 100% ، وذلك بعد القرار رقم 1273 لعام 2012 الذي أصدره الدكتور هشام قنديل برفع أسعار المازوت، ليصل سعر بيع طن المازوت إلي 23000 جنيه بدلاً من بيعه من قبل 1000 جنيه، إلا أن ذلك جعل هناك إشكالية تواجه المصانع وهي أن تحويل تشغيل خطوط إنتاج الغاز والمازوت إلي الفحم يتطلب إستثمارات كبيرة من شركات الأسمنت.

وأشار النقلي أن تكلفة تشغيل خط الإنتاج الواحد بالفحم يتكلف أكثر من 30 مليون دولار، فضلاً عن أنه يستلزم وقت كبير لتنفيذه ، لاسيما وأن تنفيذ ذلك يتطلب الحصول علي موافقة وزارة البيئة وهيئة التنمية الصناعية.

وأنهي النقلي تصريحاته لـ" النهار" بأن المبالغ الفادحة التي تحتاجها خطوط الإنتاج الجديدة البديلة للغاز، ستؤدي إلي نتائج سلبية لن يتحملها سوي المواطن محدود الدخل لاسيما وأن ذلك سيؤدي لارتفاع أسعار الأسمنت ومن ثم سيؤدي ذلك لخلق حالة من الركود في حركة البيع داخل السوق المحلي.

بينما يري عادل نعيم "أحد وكلاء الأسمنت وعضو الشعبة العامة لمواد البناء" أن قرار شركة إيجاس بوقف إمداد الغاز لشركات الاسمنت جاء عقب العطل المفاجيء الذي وقع بالحقلا التابع للشركة الفرعونية " حابي"، الأمر الذي أدي إلي تخفيض حجم إمدادات الغاز لمصانع الأسمنت، لافتاً إلي أن هذا الأمر لن يستغرق وقت كبير لاسيما وأنه بمجرد إصلاح هذا الحقل فإن الإمدادات ستعود لمعدلاتها الطبيعية.

وأوضح نعيم أنه في حالة عدم إصلاح حقل حابي، فإنه سيتم وقف إمدادات الغاز لمصانع الأسمنت لأجل غير مسمي ومن ثم سيؤدي إلي قفز أسعار طن الأسمنت، خاصة وأنه ستواجه مصانع الأسمنت في هذه الحالة كارثة إقتصادية كبيرة وينبغي علي المسئولين علي الفور بسرعة التحرك وحلها.

وأشار نعيم إلي أن توقف مصانع الأسمنت هذه الفترة سيؤثر بشكل كبير علي عدد من الصناعات الأخري وبالأخص المتعلقة بالبناء، موضحاً أن أغلبية المصانع التي تعمل بالغاز الطبيعي قد توقفت عن العمل، أما المصانع التي لازالت مستمرة في عملها فجاء نتيجة قيامها بتخزين كميات من المازوت التي أنقذتها من هذه الأزمة في الوقت الحالي وبمجرد نفاذ كميات المازوت المتوفرة لديها فإنها ستتوقف هي الأخري عن العمل، وفي هذه الحالة سيخلو السوق المحلي من وجود ذرة واحدة من الأسمنت في السوق ومن ثم ستنهار صناعات البناء في مصر خاصة وأن صناعة الأسمنت هي الأساس الذي تقوم عليه صناعات البناء بأكملها.

بينما يري الدكتور جلال الجوادي " الخبير الإقتصادي" أن أزمة توقف إمداد الغاز لمصانع الأسمنت سيؤدي لرفع سعر طن الأسمنت ليتعدي الـ1000 جنيه، لافتاً إلي أن السبب الرئيسي وراء التقليل من هذه الأزمة في الوقت الحالي هو حالة الركود العام الذي تشهده سوق العقارات في السوق المحلي.

وأضاف الجوادي أن توقف المصانع عن العمل أدي إلي توقف عدد من شركات الأسمنت لصرف مستحقات العاملين بها، لافتاً إلي أن أهم المصانع التي توقفت هي شركة بني سويف والدلتا للأسمنت، وشركة جنوب الوادي للأسمنت، و شركة تيتان للأسمنت.

وأشار الجوادي إلي أن المصانع التي توقفت عن العمل لم يعد أمامها بديل سوي منح العاملين بها أجازة لحين حل هذه الأزمة، ومن أبرز هذه المصانع مصنع " غياضة للأسمنت"، موضحاً في الوقت ذاته إلي أنه إذا إستمرت أزمة توقف مد المصانع بالغاز الطبيعي سيؤدي بالضرورة إلي إنهيار صناعة الأسمنت في السوق المحلي.