جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

مصر العطشانة

اسامة شرشر
اسامة شرشر -

مصر بقوتها الناعمة التي حيرت وأذهلت العالم أصبحت عطشانة في كل الاتجاهات فحالة الارتباك والتردي والتردد في المشهد السياسي جعلت كل من هب ودب يطمع فيها ..كل حسب طريقته ومصالحه.. فقضية الأمن المائي تمثل شريان الحياة للمصريين علي مر التاريخ والأيام فالحضارات قامت علي ضفاف النيل لأنه هبة من الرب للمصريين لكن حتي ذلك أصبح خاضعا للمقايضة وللأطماع الدولية فالمصبات المائية وخاصة حوض وادي النيل ودجلة والفرات علي أجندة أجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية علي المياه وإذلال الشعب بالإضافة إلي تحقيق الحلم الصهيوني لدولة إسرائيل من النيل للفرات وللأسف الشديد في ظل حالة الضعف والانقسام والاختراق وسقوط كل المحاذير والمخاوف عبثت أثيوبيا بالاتفاقيات والمعاهدات لتقيم سدا يجعلنا تحت رحمة آلاعيب الإثيوبية التي تدعمها وتمولها إسرائيل فالرد الدبلوماسي لن يغير في خارطة الأطماع والأحداث شيء ..بالنسبة للمخطط فلغة القوة لنيل الحقوق هي التي يحترمها العالم لأنك تدافع عن وجودك وبقائك وحياتك فقضية سد النهضة الأثيوبي هو نكسة بكل المعايير للدولة المصرية التي أصبحت ملطشة لكل صغير وكبير مستغلين حالة الانقسام السياسي والمجتمعي ليوجهوا ضربات للأمن القومي المصري وتساؤلي هل يجرؤ أحد بالعبث أو الاقتراب من الحدود الإسرائيلية والأراضي التي احتلتها إسرائيل ؟ بل تقيم المستوطنات وسط حالة من الصمت الرسمي المصري والعربي لأنهم يلوحوا بسلاح القوة ويتم استخدامه عندما يشعرون بتهديد الأمن الإسرائيلي لأن إسرائيل أكبر من الخلافات والانقسامات السياسية وهذا عكس ما يجري للأسف الشديد في واقعنا المصري ..مصر أصبحت عطشانة لاسترداد كبريائها وكرامتها ووضعها العربي والإقليمي وهذا لن يأتي إلا بتوحدنا وتوافقنا أمام القضايا الكبري المصيرية فليذهب الجميع إلي الجحيم وتبقي مصر المكان والحضارة والثقافة والنيل والتاريخ.

فقضية سد النهضة الأثيوبي هي جرس الإنذار الأخير لاستعادة هيبة مصر خارجيا ولن يحدث ذلك علي أرض الواقع إلا إذا احترم أبنائها هيبة الدولة وأدابها وقيمها بعيدا عن لغة النعرات الإخوانية وأصوات الإنقاذ والإغراق لأن البلد غارقة في إنقساماتها بين تمرد وتجرد والعالم ينظر إلينا الصديق قبل العدو ويقول هذه ليست مصر التي نعرفها سقطت فيها وعنها كل المحاذير والخطوط وأصبح الواقع كارثيا وانعكس ذلك علينا أمام دول العالم وانعكس ذلك في طريقة استقبال رئيس مصر في بلدان العالم فوضعه ورفضه والتمرد عليه في الداخل ينعكس عليه خارجيا لأن الصورة الذهنية للمجتمعات الخارجية تقوم علي تعدد الرؤساء بناءا علي احترام شعبه له وإيمانه بالحريات واحترام القانون كل ذلك جعل مصر الدولة والناس عطشانة للاستقرار المفقود والتنمية الحقيقية واحترام آدمية المواطن المصري فأخشي ما أخشاه أن تتحول الثورة القادمة إلي ثورة عطش وتمرد ورفض لكل السلبيات التي وقفت حاجزا أمام المارد المصري والثائر الحقيقي الذي يرصد ويتابع ويراقب الأمور سينفجر في لحظة عطش حتي لوكانت الدماء تسيل أمامه بحورا وانهارا فالظمأ الحقيقي الذي يشعر به الشعب المصري الأصيل وليس النخب ورجال الفضائيات هو استعادة حريتهم وبناء دولتهم التي حلموا وثاروا واستشهدوا من أجلها للقضاء علي الطاغوت الأكبر ليظهر في مصر الثورة عشرات الطواغيت التي تحكم وتتحكم وتمارس كل أنواع القهر والذل حتي أصبحت مصر هبة النيل والمصريين رهينة للطغاه والفاسدين فمصر العطشانة ستنتفض علي السدود والحدود لتعيد لمصر كبريائها الذي سقط علي يد التتار الجديد فمصر تؤثر ولا تتأثر وتمصر غيرها ولا تتمصر لأن ذلك هو سر الخلطة الربانية للمصريين وليس للإخوان ولا المرتدين فارحموا مصر من فلول النهضة حتي تحدث الثورة لصالح المصريين وتستريح مصر من عبث إخوانها وأبنائها التي جعلوها عطشي وحياري وعاجزة أمام الطمع الإسرائيلي والسد الأثيوبي وقرارات مكتب الإرشاد، وربنا يستر لأن تحرير السدود والنفوس والقرار والإرادة المصرية بدلا من غرق الأمة لأن حاكمها يسير ضد التيار الشعبي.. وعجبي