النهار
جريدة النهار المصرية

فن

«المونولوج» ينعي شكوكو وياسين

محمد لطفي -

اندثر تقريباً فن المونولوج في مصر بموت كبار "المونولوجيستات"والكتاب والملحنين الذين حملوا علي عاتقهم الارتقاء بهذا النوع من الفنون الموسيقية ، فقدعرف فن المونولوج نجوما كبارا، بدأوا حياتهم بأدائه، ومنهم "يوسف وهبي" و"نجيب الريحاني" و"حسن فايق"، ولا تزال الإذاعة المصرية تحتفظ لديها بمونولوج سجله "حسن فايق" في منتصف الثلاثينات في مكافحة الكوكايين الذي انتشر في مصر أثناء تلك الفترة، ويقول في مطلعه "شم الكوكايين خلاني مسكين"

ويعتقد بعض المتابعون أن طريق السينما كان يبدأ من المونولوج،ولذا فقد كان الاهتمام به لعل ذلك ينطبق علي أشهر مونولوجست فتحت له السينما أبوابها هو "إسماعيل ياسين"، وهو الأمر الذي حدث أيضا مع نجوم المونولوج مثل "محمود شكوكو"، "أحمد الحداد"، "أحمد غانم"، "سيد الملاح"، "ثريا حلمي"، "لبلبة"، "حمادة سلطان"، وصولا إلي "فيصل خورشيدو"عادل الفار" و"محمود عزب" وأيضا الكتاب الذين تخصصوا في هذا ألوان من الوان الغناء امثال مصطفي الطاير وفتحي قورة وابن النيل وغيرهم وايضا اختفاء الملحنين المتخصصين الذين وهبوا جزءا كبيرا من فنهم لهذا الفن، الي أن تضاءل وجود نجوم المونولوج سينمائيا، وكادوا يختفون تماما من علي الشاشة في السنوات العشرين الأخيرة، ففي بداية الثلاثينيات وحتي الستينيات من القرن الماضي ازدهر فن المونولوج و ادي دورا اجتماعيا مهما في هذه الفترات وكان عبارة عن اغنية خفيفة ساخرة تنقد عيوب المجتمع وتدعو من خلال كلماتها البسيطة للتخلص من هذه العيوب والافات التي تهددنا . والآن وقد زادت الادواء التي أصبح المجتمع يعاني منها في كل مجالات الحياة من عيوب قاتلة واخري بسيطة يمكن ان تعالج بالكلمة والنصح والارشاد فقد اصبحنا في حاجة ماسة ليعود المونولوج الي حياتنا الفنية والاجتماعية والاقتصادية وحتي السياسية أيضا قد يقول قائل ان هذا الفن قد اختفي باختفاء الاصوات القادرة علي التعبير عن المشاكل وهذه الاقاويل جميعا مرود عليها بأن الاصوات القادرة علي اداء المونولوج كثيرة لانه لايتطلب صوتا جميلا وانما يكون صوتا قادرا علي التعبير عن المشكلة التي يعرضها، ولعل أشهر المولوجيستات كان محمود شكوكو الذي توفي في 21 فبراير 1985، بعد أن قدم للسينما 190 فيلما و400 مونولوج، وبرحيله اختفي فن المونولوج الهادف، ولم يتبق إلا النكات السطحية المكررة ذلك أنه تميز بظهوره علي خشبة المسرح وهو يرتدي الطرطور والجلباب البلدي وفي يده العصا، وعندما ذاع صيته، أرسلت الإذاعة في طلبه ليذيع المونولوج الضاحك، ثم تلقفته السينما ليصبح هو الماركة المسجلة في معظم الأفلام، وبدأ بفيلمي "أحب بلدي" و"حدوة الحصان"، وقدم أغنيات المشاهير، فقال: "حب إيه اللي جاي تقول عليه.. هوه فيه أحلي من الجنيه"، وقال: "أتظن أني لعبة بيديك"، وعندما جاء التليفزيون قدم مونولوجات الفرانكو آراب مثل: "أشوف وشك تومورو"، وكانت له أقوال لا يمحوها الزمن مثل: "الحب بهدلة"، كما كتب له الشاعر فتحي قورة أغلب أعماله، بدأ من مونولوج "حبيبي شغل كايرو.. مفيش في القلب زيه"، ومونولوج "ورد عليك.. فل عليك"، ومن أشهر من صاغ ألحان أغانيه الملحن محمود الشريف، فلحن له "الحارس الله والصلاة علي النبي"، وهي من الألحان التي صنعت لشكوكو شعبية كبيرة، كما غني من ألحان آخرين مثل فريد الأطرش، وزكريا أحمد، ومنير مراد، وسيد مكاوي، ومحمد سلطان، حتي أن الموسيقار محمد عبد الوهاب لإعجابه بصوته لحن له أغنية "يا دابحة قلبي بقزازة.. ليه الهجر ده لماذا"، ويري كثير من المتابعين أن اختفاء ليالي التلفزيون التي كان يذيعها التلفزيون المصري كان لها عامل كبير في اندثار هذا الفن وكذلك اهمال صناع السينما لفن المونولوج بعد أن كان نجوم المونولوج هم طليعة السينما فإذا بهم خارج الساحة علي الاطلاق وقد راهن السينمائيون علي جذب الجمهور عن طريق الكوميديا السطحية بدلا من المونولوج العميق الذي يعد لونا غنائيا في طريقه الي القبر.