جريدة النهار المصرية

حوارات

مصطفي بكري: الإخوان نصبوا الخديعة والجيش بلع الطعم

بكري مع حاتم عبد القادر
حاتم عبد القادر -

مصطفي بكري صحفي وسياسي وبرلماني مخضرم له صولات وجولات في عالم الصحافة السياسة وهو شخصية تثير الجدل، لما يدور حول الرجل من آراء تتفق معه أحيانا وتختلف معه أحيانا أخري وبغض النظر عن مواطن الاتفاق أو الاختلاف مع مصطفي بكري، فيبقي رقما مهما نظرا للأدوار التي لعبها بين أطراف المعادلة السياسية بحكم قربه من أطراف هذه المعادلة وبشكل خاص عقب أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ولعل هذا ما دفع الكاتب والصحفي مصطفي بكري أن يسجل الوقائع التي عاشها وسجلها من كواليس هذه المرحلة الحرجة في تاريخ مصر لينشرها في كتابه الأخير «الجيش والإخوان..أسرار خلف الستار».. هذا الكاتب الذي أحدث دويا كبيراً حتي نفدت منه طبعتين كاملتين من الأسواق في أقل من أسبوعين وجار الآن نزول الطبعة الثالثة إلي الأسواق، فضلا عن طلب ترجمة الكتاب للسوق الأمريكي وطلب دول الخليج لطباعة الكتاب عندها.

لقد كشف «بكري» سيناريوهات وأسرار ما قبل تنحي حسني مبارك عن الحكم والمناوشات العائلية لأسرة الرئيس السابق داخل القصر الرئاسي، كما فضح الأدوار الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين والرسائل التي حملها بين «الإخوان» والمجلس العسكري ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب، مؤكدا أنه قدم هذا الكتاب كشهادة للتاريخ.

حول هذا الكتاب ووقائعه وسيناريوهات الحاضر والمستقبل كان هذا الحوار.

> بعد نشر كتابك الأخير «1الجيش والإخوان» تأكد أنك كنت في كواليس أحداث الثورة وما أعقبها بعد تولي المجلس العسكري إدارة البلاد.. من استدعاك لدخول هذه الكواليس؟

- أنا لا استدعي أنا صحفي بالأساس وكوني صحفي فقد طلب مني المشير حسين طنطاوي أن أكون مستشارا سياسيا للمجلس العسكري وأنا رفضت ولكني كنت قريبا من المجلس العسكري وكواليس ما كان يجري والعلاقة بين الحكومة والمجلس العسكري، وبين البرلمان والمجلس العسكري وبين الإخوان والمجلس العسكري وحملت رسائل بين مرشد الإخوان المسلمين والمشير ورئيس الحكومة للمرشد ومن المرشد لرئيس الحكومة وكل ذلك يكون ربما قد جري إلي حد كبير جدا دون سعي للطنطنة الصحفية في وقته، والكتاب وما تضمنه من حقائق كثيرة يكشف ذلك.

> في حوار لك مع الصحفي سيد علي علي قناة المحور ببرنامجه «حدوته مصرية» أكدت أن «الإخوان» زوروا نحو مليون و800 ألف بطاقة تصويت في المطابع الأميرية في انتخابات الرئاسة.. هذا اتهام خطير مفترض أنك توثقه خصوصا أن التحقيقات في هذه الواقعة لم تنته بعد؟

- أنا أراهن وقلت هذا علي الهواء ومستعد لمواجهة أي عضو من أعضاء اللجنة العليا للانتخابات هناك 120 ألف صوت تم استبعادهم من 16 محافظة هم جزء من مليون و800 ألف بطاقة انتخابية تم تسريبها من المطابع الأميرية وعليها التصويت لصالح الرئيس محمد مرسي هل يعقل أنه بعد استبعاد 120 ألف صوت تقر بنزاهة الانتخابات.. لماذا لم تلغ اللجنة هذه الأصوات، لو ألغيت هذه الأصوات لتغير الواقع تماما ولتم استبعاد الأصوات المزورة لذلك أنا أطالب من خلالكم بالتحقيق في واقعة استبعاد الـ120 ألف صوت وأن يقول لنا رئيس اللجنة العليا للانتخابات لماذا لم يلغ نتيجة الانتخابات إذا كان التزوير قد وصل إلي هذا الحد من خلال اللجنة العليا للانتخابات وليس من خلال اللجان الانتخابية.

ثانيا: لماذا لم تنتظر اللجنة تقارير الجهات المعنية مثل المخابرات العامة، الرقابة الإدارية، الأمن العام، الجهة الوحيدة التي قدمت تقريرها هي الأمن العام، وقدمت تقريرا أكدت فيه أن المطابع الأميرية زورت بطاقات تصويت، وتم منع مسيحيين من التصويت في لجان كثيرة واستخدام الورقة الدوارة، ناهيك عن أجواء الرعب والخوف التي أثارتها جماعة الإخوان المسلمين قبل إعلان النتيجة، وأظن أن ذلك قد أثر علي اللجنة العليا للانتخابات .

> من يتحمل هذا المشهد وما وصلنا إليه الآن بسببه؟

- اللجنة العليا للانتخابات يجب أن تفسر للناس ماذا حدث بالضبط.. أنا لا أشكك فيها، ولكني أقول يجب أن تخرج للرأي العام وتقول ماذا حدث بالضبط.

الأمر الآخر، لقد تم اعتماد المستشار أسامة قنديل للتحقيق في تجاوزات الانتخابات الرئاسية منذ شهر أكتوبر الماضي، وقد استقال في شهر مارس الماضي.

> لماذا؟!

لأنه لم يجد أي تعاون ولم يجد أي مسئول يقف إلي جانبه.

> التعاون ممن؟

- من الجهات القضائية نفسها كان المستشار اسامة قنديل يحقق في واقعة تزوير الانتخابات وبعد ان انتهت تم تقديم شكاوي للنيابة العامة فعين قاض تحقيق وبعد أن قدم المستشار قنديل استقالته لم يعين قاض آخر لاستكمال التحقيق حتي الآن، أي أكثر من 9 أشهر لم تتخذ الجهات المسئولة عن التحقيق في هذه الواقعة أي موقف.

> إذن توقف التحقيق في واقعة تزوير الانتخابات الرئاسية؟

- نعم.

> لصالح من؟

- لا أعرف، وأنا مندهش لماذا التردد لحسم هذا الأمر.

> ومن يسأل في ذلك؟

- يسأل وزير العدل الذي انتدب قاض للتحقيق في الواقعة.. المسألة يجب أن يكون فيها قدر كبير من الشفافية والمكاشفة.

> أريد منك أن تفصح لنا عن سر لأول مرة تذيعه باعتبارك كنت قريبا من مطبخ الأحداث وكواليسه في أحداث ثورة 25 يناير؟

- أريد أن أقول لك ما جري في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وما جري في كواليس ما قبل هذه الانتخابات كل ذلك أدي إلي ما وصلنا إليه الآن.. علي سبيل المثال: الإخوان المسلمون قالوا أنهم لم يدخلوا انتخابات الرئاسة ولكن عندما شعروا أن مجلس الشعب سيجري حله من المحكمة الدستورية العليا ذهب خيرت الشاطر ومعه د.محمد بديع وقابلا المشير طنطاوي وعرض خيرت الشاطر توفير 200 مليار دولار استثمارات إذا سمح لهم بتشكيل الحكومة وعلي إثر ذلك شكل المشير لجنة لمناقشة الأمر، من حمائم وصقور المجلس العسكري « إذا جاز التعبير» وبعد أن قدم التقرير للمشير الذي كان منحازا للشاطر وبديع، ولكن اللجنة بالأغلبية رفضت لأنه لايوجد ضمانات حقيقية لتوفير 200 مليار دولار وليس معقولا أن نعطي الحكومة لجماعة الإخوان المسلمين ونحن في فترة انتقالية، فيؤجل الأمر إلي أن يأتي رئيس جمهورية منتخب ولذلك رفض المشير تكليف خيرت الشاطر تكليف الحكمة وأثبتت الأيام أن هذه وعود كاذبة وحتي الآن.. أين هي الـ200 مليار دولار ألم يتحدث الرئيس محمد مرسي في برنامجه الانتخابي عن توفير 200 مليار دولار استثمارات أين هذه الأموال؟!

> ما ذكرته هل يعني أنه كان هناك صراع بين الجيش والإخوان اعقبه حوار وانتهي بما أطلق عليه البعض بـ« شهر العسل» بين الجيش والإخوان؟

- لم يكن هناك شهر عسل كان هناك خديعة من الإخوان المسلمين منذ البداية كان الإخوان يدفعون بالشباب الثوري لترديد هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر» عن طريق عناصرهم الموجودة معهم.

ثانيا: كانوا يدفعونهم دائما إلي الخروج في مواجهات مع الجيش سواء في الميدان أو عند العباسية أو غيره.

ثالثا: كانوا يمارسون ضغوطهم والاستعانة بالقوي السياسية للضغط لتمرير المادة رقم «5» من قانون الانتخابات البرلمانية التي كانت لا تجيز للحزبيين الترشح علي المقاعد الفردية، ورغم أن المجلس العسكري حذر من أن ذلك سيمثل بطلانا دستوريا ولكن ذلك قبل الانتخابات الرئاسية والمطالبة برحيل الجيش بسرعة واستعانوا في ذلك بالأمريكيين، وعندما جاءت هيلاري كلينتون إلي القاهرة يوم 14 يوليو عام 2012 مارست ضغوط شديدة علي المشير طنطاوي لإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وتسليم السلطة التشريعية للرئيس وكان أمرا غريبا ،الأمر الذي دفع المشير طنطاوي إلي أن يذهب إلي احتفال تسليم قيادة الجيش الثاني ويقول: إن مصر «لن تسقط في يد تيار معين».. منذ أن قال هذه الكلمة في 15 يوليو قررت جماعة الإخوان المسلمين إبعاد المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان لأنهما يمثلان حجر عثرة أمام مخطط الإخوان ، ولذلك كانت أحداث 12 أغسطس التي جري فيها إبعاد المشير والفريق سامي عنان بخديعة من الرئيس.

> ما هي القوة الموجودة لدي «الإخوان» ليرتبوا هذه الخديعة ويبلعها الجيش؟

- للأسف المجلس العسكري كان موهوما في قوة الإخوان، الإخوان المسلمون اعتمدوا سياسة تصدير الخوف للمجتمع والمجلس العسكري وكانوا يطلقون أرقام المليونيات وكأنهم الوحيدون علي أرض هذا الوطن، والأحداث أكدت أن أي مظاهرة تري أن الإخوان يأتون بعناصرهم من كل المحافظات حتي يكملوا عشرة ألاف ولولا دعم السلفيين لظهرت قوة الإخوان الحقيقية، بدليل أنهم لم يستطعوا حماية مقراتهم كانوا دائما يستعينوا بالشرطة فلا تحدثني عن قوة وهمية للأسف كانت تسعي لتصدير الخوف ويبدوا أن المجلس العسكري قد بلع الطعم من هذا الأمر وحاول أن يتفادي كثيرا من الأزمات ولكن للأسف كل ذلك جاء علي حساب المجتمع.

> برؤيتك.. إلي أين يأخذنا المشهد الحالي؟

- أنا اعتقد أننا أمام عدد من السيناريوهات المهمة:

الأول: هو سيناريو تدخل الجيش وتدخل الجيش لن يأتي لتحقيق انقلاب عسكري ولكن استناد إلي المادة 174 من الدستور من أن الجيش مسئول عن حماية أمن واستقرار البلاد، والبلاد الآن تتعرض لمخاطر كبيرة جدا وإذا استمرت هذه المخاطر فنحن سنكون أمام كارثة حقيقية وكبري خلال الفترة القادمة.

ومن ثم الجيش نزوله مرتبط بعدد من الشروط الموضوعية وهي:

1- أن يطلبه الشعب للنزول.

2- وجود اوضاع مجتمعية تؤدي إلي فوضي عارمة.

3- ألا تكون القوي الدولية معوقا للجيش المصري في أن يكون بجوار شعبه في هذا التوقيت.

السيناريو الثاني: هو خيار الفوضي، والفوضي تنشب نتيجة وجود أوضاع اقتصادية متردية القبول بشروط صندوق النقد الدولي إحساس مستمر بعدم الأمان والاستقرار، الشعور بأن الجماعة الإخوانية تكاد تفكك مؤسسات الدولة وتدفع بها إلي أوضاع صعبة.

السيناريو الثالث: إذا ما حدث مكروه للرئيس لا ندري ما هو هذا المكروه، ربما الوفاة أو أي شيء «لاقدر الله» لكن هذه هي السيناريوهات المتوقع حدوثها خلال المرحلة المقبلة.

> تتصور أن الشعب سينزل إلي الميادين مرة أخري؟

- اعتقد أن الجيش المصري سينزل الميادين وبقوة أكبر بكثير جدا مما يتصور «الإخوان» وإذا حدث ونزل الجيش المصري وواجههم «الإخوان» سنكون أمام نوع من الحرب الأهلية التي تستدعي نداء الجيش.

> عودة إلي كتابك «الجيش والإخوان» هل هناك أسرار لم يتضمنها هذا الكتاب؟

- لا بالعكس كل الأسرار وما اعرفه نشرته في هذا الكتاب فكنت أدون كل ما أسمعه وأعرفه من خلال لقاءاتي واجتماعاتي مع رئيس الحكومة أو اللواء عمر سليمان أو الفريق أحمد شفيق أو حتي أعضاء في اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فكل ما عملته قدمته في هذا الكتاب لأني اعتقد أن هذه وقائع للتاريخ أكثر من كونها رؤي شخصية.

> لازال هناك جزء غامض وأسرار مكتومة عن ثورة 25 يناير وكثير منها كان طرف الراحل اللواء عمر سلميان وجهاز مخابراته.. أتتفق معي في ذلك؟

- كنت ألتقي باللواء عمر سليمان بشكل منتظم حتي وفاته واعقتد أن لديه كثير من الأسرار وقد صرح لي ببعضها وهناك أشياء طلب احتفظ بها للحظة تاريخية لم تأت بعد.. ولكن الأمر الذي يجب التحقيق فيه جيدا هو عمر سليمان.. هل قتل أم لا؟..هذا سؤال مطروح والحقيقة سبب هذا التساؤل هو الموت المفاجئ ، الرجل كان بصحة جيدة ولكن خلال شهر حدث تدهور كبير في صحته وفي نفس الوقت عندما دخل مستشفي كليفلاند بأمريكا بعد 48 ساعة كان قد توفي، وكان أحد الأشخاص في ألمانيا قد نصحه أن يذهب إلي مستشفي كليفلاند، لا أعرف لماذا ولا أعرف من هذا الشخص الذي نصحه، ولكن عرفت ذلك من أقرب المقربين إليه.. ولكن في كل الأحوال أعتقد أن عمر سليمان عندما قيل أنه هو الصندوق الأسود فهذا حقيقي لأنه كان يعرف أكثر مما ينبغي.

> إذن كان الصندوق الأسود لثورة 25 يناير هو عمر سليمان بشخصه أم جهاز المخابرات؟

- بشخصه وبالجهاز فقد كان علي رأس الجهاز فعنده كل المعلومات بالتأكيد.

> إذن من المؤكد أن هذه المعلومات لدي الجهاز الآن؟

- نعم ، ولذلك اعتقد أن المحاولات التي تهدف الآن لتشويه صورة الجهاز وأن لديه300 ألف بلطجي وغير ذلك أمر ليس بالبرئ.

> إذن لماذا لم يفصح اللواء عمر سلميان عن هذه الأسرار في وقتها؟

- عمر سليمان كان يكتب مذكراته ولم يكتب منها سوي 85 صفحة.

> أشعر أن لديك إحساس بأن عمر سليمان مات مقتولا؟

- هناك علامة استفهام وأنا أبحث في ذلك الآن.

> هل تري أن أزمة القضاء الحالية جاءت بعد فشل أخونة الجيش والإعلام والشرطة؟

- نعم، وهذا ما يسمونها بالدولة العميقة وأنا اسميها الدولة العريقة التي تتصدي لكل محاولات الأخونة وتمزيق مفاصل الدولة المصرية والاعتداء علي ثوابتها ولم يكن هناك بيننا وبين الإخوان موقف، ولكن المواقف جاءت نتيجة المواقف السياسية الإخوان تيار موجود في الساحة المصرية لابد أن تتعامل معه لكن ما قام به الإخوان المسلمون في الفترة الأخيرة كشف عن وجههم الحقيقي.

> برؤيتك.. لماذا فشل الإخوان في اختراق الجيش والإعلام والسيطرة عليها؟

- لأن هذه مؤسسات لا تخترق بسهولة هناك عقيدة وطنية الإخوان لايعترفون بالحدود الوطنية ولا بالدولة الوطنية ولا بالمؤسسات الحاكمة، هم يريدون دولة الإخوان ولو علي جثث الجميع، ولو علي ركاب هذا الوطن هو يضع يده في يد الإخواني الأفغاني علي حساب المسلم المصري، حتي في أزماتهم الإقليمية والدولية يتعاملون بهذا المنطق.

> سقوط «الإخوان» علي أي عتبة يكون؟

- بالتأكيد ستكون علي عتبة الشعب أو الجيش ونتيجة الممارسة السياسية التي يقومون بها فهم كما تري إقصائيون وضد الجميع.

> هل هذا السقوط سهل أم صعب؟

- لا هذا من السهولة بمكان ، الإخوان قوة وهمية تصدر الخوف للناس.

> ولكن الثمن قد يكون غاليا؟

- مهما كان الثمن، لن نسمح لأحد بإسقاط الدولة المصرية.

> تتوقع ذلك قريبا أم سيأخذ وقت؟

- والله لا أحد يعرف ولا يحدد وقتا ولكن حالة الرفض الشعبي ضد «الإخوان» ونهجهم ستقود إلي متغير جديد علي الساحة بالتأكيد.