جريدة النهار المصرية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: أصابع خديجة بن قنة

أسامة شرشر
-

تساؤلات في الشارع المصري والعربي حول حوار الرئيس محمد مرسي مع مذيعة قناة الجزيرة خديجة بن قنة حول التطورات الداخلية والخارجية للواقع الذي يعيشه مصر .. لقد تابعت الحوار فشعرت من خلال هذا اللقاء ان الرئيس يتحدث عن دولة غير مصر وعن أمور واحداث لاتخص مصر وكأنه مغيب عما يجري في الشارع المصري من أحداث وتظاهرات واشتباكات ودماء تسيل وكأن مؤسسة الرئاسة لاعلم لها بما يجري حولها وكأن أصابع خديجة هي سبب مايجري في مصر لان قطر أصبحت لاعباً رئيسياً في الشأن الداخلي المصري وتعجبت من ردود السيد الرئيس حول الأزمة التي قد تعصف بالدولة المدنية المصرية والمخطط والسيناريو المعد سلفا لهدم المنظومة القضائية التي من دعائم الدولة المدنية فانهيار القضاء هو انهيار وفشل للدولة وكانت اجابات مرسي علي خديجة بالنسبة لشعارات الاخوان حول تطهير القضاء من خلال تخفيض سن القضاة وادخال عناصر تنتمي الي فكر وعقيدة الاخوان في الهيئة القضائية وكان قدر مصر وشعبها أن تدفع ثمنا لهذه الاختراقات والازمات المتتالية ومن عجائب الردود التي قالها الرئيس إن تخفيض سن القضاة من اختصاص مجلس الشوري الذي يشرع أو ينشيء قانون فيكون بذلك هذه هي ديمقراطية الاخوان رغم ان الدستور الاخواني ينص في مواده علي اخذ رأي الجهات القضائية عند تعديل أي قانون يخصها فهذه ليست مذبحة للقضاة فقط لكنها هدم للدولة فإذا سقط القضاء سقط الوطن وعندما يخرج علينا عاصم عبد الماجد احد قيادات الجماعة الاسلامية ويطالب بالتظاهر امام المحاكم بل تعدي الامر في سابقة خطيرة لم ولن تحدث من قبل وهو مطالبة الناس بحصار منازل القضاة تحت شماعة ان بهم قلة فاسدة ونسي او تناسي أن هؤلاء القضاة في ظل جبروت النظام السابق والديكتاتوري الفاسد دخل مجلس الشعب في العام 2005 من جماعة الأخوان 88 نائبا ناهيك عن انه بالأمس القريب استطاع حزب النور والاخوان والجماعات الاسلامية ان يحصلوا علي الاكثرية في مجلس الشعب بعد الثورة وهذه وقائع تدحر كل اتهامات تكيل لهذا القضاء المصري الشامخ برجاله وقضاته علي مر الايام وعلي مر العصور وهنا نتذكر واقعة عندما قام مشرف الرئيس الباكستاني عام 2007 بوقف القضاة وحصارهم مثلما يجري الان في مصر بقي القضاء وحكم بحبس واعتقال مشرف في منزله منذ ايام وفي اي دولة تمارس فيها الديمقراطية والرأي الاخر يكون القضاة هم اداة نهضة الشعوب والامم ولكن اخطر مافي هذه القضية ان يتم تدويل هذه الازمة عالميا وتصبح مصر من الدول التي تدخل القائمة السوداء في محاربتها لاستقلال القضاء وهذا لم يحدث في عصور القمع والفساد والديكتاتورية ..حتي مبارك الذي حكم لمدة 30 عامل كأطول حاكم في مصر بعد محمد علي لم يجرؤ علي الاقتراب من القضاء المصري كل هذا يجري والرئيس يعلن لخديجة امام العالم ان هناك ديمقراطية وأنه يحترم رأي المعارضة المصرية ويستمع اليهم وان المسيحيين هم في القلب ولاتوجد فتنة طائفية والإعلام المفتري عليه جزء لايتجزا من نسيج المجتمع المصري ولكن عند سؤاله من خديجة وهي تلوح بأصابعها وتسأله حول قيام انصار حازم أبواسماعيل بحصار مدينة الانتاج الاعلامي والمحكمة الدستورية يقول لها إنه يرفض استخدام العنف ولكن ماجري في اطار التعبير عن الرأي الذي كفلة القانون ..أي قانون ياسيادة الرئيس الذي تتحدث عنه انه قانوا الاحوان ام الارشاد ام ابواسماعيل ام الجهاديين ان مصر الان اصبحت تعيش قرصنة علي القوانين واصبح قانون القوي والمليونيات والقتل والدماء هو عنوان الحقيقية لقائلا لخديجة ان المعارضة نقطة بيضاء في مصر وهو يحبها ويحترمها وينصت اليها لكنه يفعل العكس علي ارض الواقع.


لكنه مع حرية النقد ومع عدم حبس الصحفيين لكنه ضد الاهانة هذا كلام جميل لكن الواقع يقول إن مؤسسة الرئاسة تتربص بالصحفيين والاعلاميين وتتقدم ببلاغات ضدهم في النيابة وكأننا نعيش في عالم آخر فكلام الرئيس طيب وجميل والواقع عكس ذلك فزوار الفجر من جهاز الامن القمعي منذ ايام معدودة قاموا بالقبض علي النشطاء السياسين وشباب الثورة بطريقة اكثر بشاعة واجراما من قبل ويتحدث الرئيس بعد ذلك عن شباب الثورة انهم في القلب والعقل والضمير.


هناك حالة استغراب من حوارات الرئيس وتوقيتها فهل هي تعبر عن فكر الجماعة أم مكتب الارشاد أم حزب الحرية والعدالة أم الفصائل الاسلامية بكل تنوعتها والشيء المؤكد انها لاتعبر عن شعب ومصر والدولة المصرية فالمواطنة اصبحت في خبر كان والثورة ذهبت مع الريح والاخوان يسيرون في مخططهم بالتمكين والسيطرة علي كل اجزاء الدولة واخيرا وليس اخير التشكيل الوزاري مع بقاء قنديل هو بداية النهاية لما يجيري في مصر لشيء سيادة الرئيس فاقد الشيء لايعطيه وانا اخاف علي مصر خاصة القوات

المسلحة ومؤسسة الازهر والقضاء والكنيسة المرقسية فهذه هي ثوابت الدولة المصرية ولم تكون امارة بلا امارة ولااخوان لان مصر قولا وفعلا اكبر من الجميع وستظل مهما حدث ومهما جري لها هي ايقونة الثوار والاحرار فمهما وضعوا القواعد فالشعب قادر علي الخلاص بعيدا عن الحوارات وأصابع خديجة القطرية.


الدعوة الي تظاهرة مليونية بهدف تطهير القضاء، هي دعوة غريبة وعجيبة..هي دعوة لاهتزاز أهم المؤسسات في الدولة..كنت افهم ان تكون التظاهرة دعما لاستقلال القضاء..اقصد السلطة القضائية..وهي القضية الاولي بالرعاية والاهتمام..فالقضاء حينما يكون مستقلا، يصبح صمام أمن العدالة والاستقرار داخل المجتمع..من المؤكد ان لدينا قضاة ليسوا بعيدين عن الشبهات، لكن الجسم العام للقضاة سليم وفي عافية..فلنحافظ عليه، لا ان نقوضه..فلنسع الي تقويته، لا الي أضعافه.


ما الذي جري حتي يتغير التظاهر من دعم استقلال القضاء عام 2005 و 2006 الي دعوة لتطهير القضاء هذه الايام؟! أوليس هو نفس القضاء، أم أننا نقصد قضاء غيره؟! وهل من الممكن ان يكون الفساد تفشي في القضاء الذي دعمناه ووقفنا الي جواره خلال تلك الفترة الوجيزة؟! لقد اشرف هذا القضاء علي الانتخابات النيابية - شعب وشوري - في نهاية العام الماضي، كما اشرف علي انتخابات الرئاسة في الجولتين - الأولي والثانية - في منتصف عام 2012، ومع ذلك لم نسمع ولم نشاهد أحدا يدعو الي تظاهرة مليونية لتطهير القضاء (!!) آهي ازدواجية معايير؟! هل إذا جاءت الأحكام في صالحنا، هللنا وطربنا، وان لم تكن كذلك أصابنا الهم والغم والكرب العظيم؟!
واضح ان التظاهرة تهيئة لإصدار تشريع من مجلس الشوري - ذي الـ 7 % - بالإطاحة ب 3500 قاض، كما صرح بعضهم..هي اذن مذبحة جديدة للقضاء، لكن بشكل غير مسبوق..نحن بصدد انحراف تشريعي، سوف يحكم بعدم دستوريته، لانه ليس مجردا..تماماً كما كان قانون العزل الذي اصدره مجلس الشعب "المنحل".
في الدول العريقة في الديمقراطية، يكون هناك فصل حقيقي وتوازن تام بين السلطات؛ القضائية والتشريعية والتنفيذية..أما في الدول الاستبدادية، فعادة ما تتغول فيها السلطة التنفيذية علي كلا من السلطتين الأخرينين..وما نشاهده ونلحظه الآن هو سلوك استبدادي بكل المقاييس..


ان كنتم تريدون تطهير القضاء، فلندع القضاء يطهر نفسه بنفسه..ليكن التفتيش القضائي تابعا لمجلس القضاء الأعلي، وليس لوزير العدل، حتي يكون هناك استقلال حقيقي للسلطة القضائية..لقد قام رئيس الدولة - الذي يقبع علي قمة هرم السلطة التنفيذية - بإصدار قرار بتعيين المستشار طلعت عبد الله نائبا عاما، معتديا بذلك علي قانون السلطة القضائية..فلماذا لم تكن هناك دعوة الي تظاهرة لدعم استقلال السلطة القضائية؟!


يا سادة..ما هكذا تورد الابل..ان كنتم تريدون العودة بسن المعاش للسادة القضاة الي 60 سنة، فلتكن هناك إعادة هيكلة للجهاز الإداري للدولة كلها وعلي مستوي جميع المؤسسات..ثم ما هو ترتيب هذه القضية في سلم الأولويات الآن؟ أري ان إعادة هيكلة وزارة الداخلية أولي، حتي تعود إليها عافيتها سريعا، وينعم الوطن والمواطن بالأمن والأمان..