سوديك تحقق أرباحاً ورقية 2.3 مليار جنيه.. لكن التدفقات النقدية تتحول لسالب 1.95 مليار

كشفت القوائم المالية لـ شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) عن أرباح ورقية تجاوزت 2.3 مليار جنيه للفترة المنتهية في سبتمبر 2025، لكنها تواجه ضغوطاً نقدية حقيقية، إذ تحولت التدفقات النقدية من الأنشطة التشغيلية إلى سالب 1.95 مليار جنيه، مقارنة بتدفق موجب 1.76 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام السابق.
يشير هذا التحول إلى فجوة كبيرة بين الربح المحاسبي والسيولة الفعلية للشركة، حيث تعتمد العمليات اليومية على التمويل من الديون والموردين بدلاً من النقد الناتج عن المبيعات، ما يطرح علامات استفهام حول استدامة النمو على أرض الواقع.
الوهم المحاسبي: أرباح مرتفعة والسيولة متدهورة
رغم نمو صافي الربح بنسبة 150% وارتفاع الإيرادات التشغيلية بنسبة 69% لتصل إلى 10.6 مليار جنيه، فإن التحليل يكشف أن النشاط الأساسي لتطوير وبيع الوحدات لا يولد نقدا كافيا لتغطية النفقات التشغيلية، والنمو يبدو محققا على الورق فقط، في حين تواجه الخزينة ضغوطا غير مسبوقة.
أين اختفت الأموال؟ المخزون والمستحقات يرهقان السيولة
أعمال تحت التنفيذ ارتفعت بمقدار 8.6 مليار جنيه لتصل إلى 33.8 مليار جنيه، ما يمثل سيولة مجمدة في مشاريع لم تكتمل بعد، أرصدة العملاء والمدينون زادت بأكثر من 7.8 مليار جنيه لتصل إلى 21.5 مليار جنيه، ما يعكس تأخر تحصيل مستحقات المبيعات أو اعتماد الشركة على تسهيلات ائتمانية طويلة الأجل، والاعتماد على الموردين والدائنين واضح من خلال بنود مثل مقاولون وموردون ودفعات مقدمة من العملاء التي بلغت 29.7 مليار جنيه، ما يجعل الشركة عرضة لأي ركود أو تراجع ثقة في السوق.
الديون وأعباء التمويل تخنق الهوامش
رغم انخفاض التكاليف التمويلية الصافية، إلا أن الفوائد بلغت 428.6 مليون جنيه، مدفوعة بقروض طويلة وقصيرة الأجل، أبرزها قرض مشروع "سوديك ويست" بقيمة 570 مليون دولار، ما يجعل مسار الشركة مرتبطاً بشكل مباشر باستمرار التمويل المصرفي واستقرار أسعار الفائدة.
هيكل مالي مترهل وتوسع كمي على حساب الكفاءة
دمج 7 شركات تابعة في يوليو 2025 رفع رأس المال المصدر إلى 5.16 مليار جنيه، ما يزيد تعقيد الهيكل التنظيمي في فترة حساسة للسيولة، توجد استثمارات غير قابلة للاسترداد في سوريا عبر شركة "بالميرا سوديك"، ما يضيف مخاطر جيوسياسية على الأداء المالي.
السوق العقاري على المحك
يعكس أداء سوديك تحدياً بنيوياً للقطاع العقاري المصري، النمو قائم على التمويل المصرفي أكثر من الطلب الفعلي القوي، في ظل ارتفاع تكاليف البناء وأسعار الفائدة وتآكل القوة الشرائية، يصبح نموذج "البناء ثم البيع بالتقسيط" أكثر هشاشة، والأرقام الحالية قد تشير إلى نمو ورقي هش، مع تراكم المخاطر النقدية والمخزونية.
تشكل قائمة التدفقات النقدية التي حصلت عليها «النهار» صرخة تحذير، الرقم السلبي 1.95 مليار جنيه ليس مجرد بند محاسبي، بل انعكاس حقيقي لضغوط السيولة، قدرة سوديك على تجاوز هذه المرحلة تعتمد على سرعة تحويل الأصول إلى نقد، والسوق العقاري بأكمله يراقب هذه المعادلة الصعبة.

