«القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية»… حصاد عام استثنائي في 2025 ورؤية استراتيجية تنطلق بثبات نحو 2026

شهد المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية منذ شهر مارس 2025 وحتى الآن مرحلة فارقة في مسيرته، اتسمت بزخم غير مسبوق من العمل المؤسسي والإنجازات النوعية، التي أعادت التأكيد على مكانته كأحد أهم المؤسسات الوطنية المعنية بحفظ الذاكرة الفنية المصرية، ودعم الإبداع، وصياغة سياسات ثقافية مستدامة في مجالات المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وذلك في إطار رؤية شاملة تتسق مع توجهات الدولة المصرية نحو بناء الوعي الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية.
وأكد المخرج عادل حسان، مدير المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، أن هذه الطفرة في الأداء والإنجاز جاءت بدعم ورعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، الذي أولى اهتمامًا خاصًا بتفعيل دور المركز وتعظيم أثره الثقافي والمعرفي، إلى جانب إشراف المخرج هشام عطوة رئيس قطاع المسرح، الذي أسهم في توفير بيئة داعمة للتكامل بين قطاعات الوزارة المختلفة، بما يضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية للعمل الثقافي.
ووجّه مدير المركز الشكر والتقدير إلى المخرج الكبير خالد جلال، عضو مجلس الشيوخ، لدعمه الصادق للمركز خلال مرحلة توليه المسؤولية في مارس 2025، مؤكدًا أن هذا الدعم كان عاملًا حاسمًا في استقرار العمل المؤسسي وانطلاقه بثقة نحو التطوير، قبل تولي المخرج هشام عطوة رئاسة قطاع المسرح، الذي واصل بدوره مسيرة الدعم والتحديث.
وخلال هذه الفترة، اضطلع المركز بدور فاعل في تنظيم والاحتفاء بعدد من الأيام الثقافية والفنية ذات البعدين الوطني والدولي، من بينها الاحتفال باليوم العالمي للفن عبر عروض موسيقى الحجرة، والعروض المتحفية الحية، وبث أفلام تسجيلية توثق تاريخ المركز ومقتنياته. كما نظم الاحتفال باليوم العالمي للرقص الشعبي على مسرح الغد، متضمنًا إلقاء كلمة مصر في هذه المناسبة، وتكريم رموز الرقص الشعبي المصري، إلى جانب عرض فيلم تسجيلي يرصد هذا الفن بوصفه أحد روافد الهوية الثقافية.
وواصل المركز إحياء اليوم المصري للمسرح في الخامس من سبتمبر، حيث قُدمت صياغة إبداعية لكلمة منسوبة للرائد توفيق الحكيم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع تكريم أسماء مسرحية بارزة من أجيال مختلفة، وتوزيع جوائز مسابقة توفيق الحكيم للتأليف المسرحي. وفي السياق نفسه، شهد الاحتفال باليوم المصري للموسيقى في الخامس عشر من سبتمبر نشاطًا غير مسبوق، تمثل في تنظيم مائة فعالية موسيقية وغنائية بمختلف المحافظات بالتنسيق مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى جانب احتفال مركزي بدار الأوبرا المصرية وتكريم رموز الموسيقى، تأكيدًا لمكانة الموسيقى في الوجدان الوطني.
وتمكن المركز من استصدار موافقات وزارية أرست تقليدًا سنويًا للاحتفال بكل من اليوم المصري للموسيقى تزامنًا مع ذكرى الفنان الخالد سيد درويش، واليوم المصري للفن الشعبي بالتواكب مع ذكرى ميلاد الرائد محمود رضا، استكمالًا لمسار اليوم المصري للمسرح، بما أسس لسياسات ثقافية وطنية مستقرة ذات طابع مؤسسي مستدام.
وفي إطار دعم البحث العلمي وصياغة السياسات الثقافية، نظم المركز عددًا من المؤتمرات الفكرية المهمة، من أبرزها مؤتمر «الإبداع والهوية… صوت الشعوب» احتفالًا باليوم العالمي للتنوع الثقافي، بمشاركة واسعة من الباحثين والفنانين، وتضمن عروضًا فنية حية ومعارض متحفية وبثًا مباشرًا للفعاليات. كما نظم مؤتمر «نحو سياسة وطنية لتطوير المسرح المدرسي»، الذي أسفر عن توصيات عملية جرى البدء في تنفيذها، وعلى رأسها إطلاق المهرجان القومي المصري للمسرح المدرسي.
وفي سياق دعم الإبداع واكتشاف المواهب، أعاد المركز إحياء مسابقة توفيق الحكيم للتأليف المسرحي، واستحدث مسابقات متخصصة في الدراسات الموسيقية، والفنون الشعبية، والمسرح الشعري، ومسرح الطفل والعرائس، إلى جانب دعم الكُتّاب الشباب، مع ربط النصوص الفائزة بخطط إنتاج فعلية، لضمان انتقال الإبداع من الورق إلى خشبة المسرح.
كما قدم المركز عروضًا فنية وحكائية استحضرت رموز الإبداع المصري، ودمجت بين الغناء والموسيقى والأداء المسرحي وفن الحكي، احتفاءً بالمناسبات الوطنية وتكريمًا لأعلام الثقافة المصرية، فضلًا عن الحفلات الموسيقية وعروض موسيقى الحجرة التي استضافها المتحف القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية.
وامتد نشاط المركز إلى المجال المجتمعي عبر المشاركة في معارض الكتب، وتنظيم الدورة الأولى لمعرض الزمالك للكتاب بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، وبمشاركة مؤسسات وزارة الثقافة ودور نشر خاصة، حيث صاحبت هذه المعارض برامج ثقافية وفنية وورش موجهة للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، في تجسيد عملي لدور الثقافة في الدمج المجتمعي وبناء الإنسان.
وفي إطار استعادة دوره المعرفي، أعاد المركز إحياء مشروع النشر الورقي والإلكتروني، وأصدر عددًا من الكتب المتخصصة، ويستعد لإطلاق مجلة «ألوان» الدورية، إلى جانب إنتاج أفلام تسجيلية توثق مسيرة رموز المسرح والموسيقى والفكر، وتأسيس وحدة متخصصة للإنتاج الإبداعي والوثائقي لدعم المؤسسات الثقافية المختلفة.
كما أطلق المركز عددًا من المبادرات الوطنية الكبرى، من بينها «2026 عام الفنانين المصريين المعاصرين»، والمبادرة الوطنية لإحياء وتطوير النشاط الثقافي والفني بالجامعات المصرية، ضمن شراكات ممتدة مع وزارات ومؤسسات الدولة، بهدف نقل العمل الثقافي إلى المجال العام وربط الإبداع بقضايا المجتمع.
وفي مجال حفظ الذاكرة الوطنية، اضطلع المركز بمسؤولية التوثيق المرئي لعشرات المهرجانات والفعاليات المسرحية والموسيقية والفنية على مستوى الجمهورية، بما يتيح هذه المادة للباحثين، ويسهم في التخطيط الثقافي المستقبلي، ويضمن استمرارية الذاكرة الإبداعية المصرية.
وتؤكد هذه الحصيلة أن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية قد دخل مرحلة جديدة من العمل المؤسسي القائم على التكامل بين التوثيق والإنتاج والدعم والتخطيط، وأن عام 2026 يمثل محطة محورية للانتقال من منجزات متراكمة إلى سياسات ثقافية طويلة المدى، تُرسخ لمكانة مصر الثقافية، وتعيد الاعتبار للفن بوصفه إحدى أهم أدوات بناء الوعي والهوية الوطنية.

