النهار
جريدة النهار المصرية

فن

رحيل داود عبد السيد.. عملاق السينما المصرية يودعنا بعد مسيرة مليئة بالإنسانية والدراما الحقيقية

داود عبد السيد
تقرير/ عبير عبد المجيد -

رحل اليوم عن عالمنا المخرج المصري الكبير داود عبد السيد بعد مسيرة فنية طويلة، تركت بصمة واضحة في تاريخ السينما المصرية والعربية، وحفر اسمه بأعماله التي جمعت بين العمق الإنساني والصدق الاجتماعي، حيث استطاع أن يجعل الكاميرا مرآة للحياة اليومية، تعكس آلام البشر وأفراحهم وهمومهم بطريقة واقعية، بعيدة عن المبالغات وحفر في وجدان المشاهدين صورًا لا تُنسى تعكس الواقع بكل تفاصيله.

ولد داود عبد السيد في قلب القاهرة عام 1946 ودرس في المعهد العالي للسينما قبل أن يبدأ مشواره الفني كمساعد مخرج مع كبار صناع السينما، ليخوض بعدها رحلته الخاصة ويخرج أعماله التي حملت توقيعه الفني المميز مع الاهتمام بكل تفاصيل الإنسان البسيط في صراعاته وأحلامه اليومية ليصنع بذلك سينما قريبة من الناس وتعكس همومهم وأحاسيسهم

خلال مسيرته قدم عبد السيد مجموعة من الأعمال التي أصبحت علامات فارقة في السينما المصرية ومنها:

• الصعاليك 1985 يحكي صراع رجال مهمشين مع حياتهم اليومية وأحلامهم الصغيرة
• الكيت كات 1991 يعكس حياة حي شعبي من خلال شخصية الشيخ حسني الأعمى الذي يعيش بين آماله البسيطة وصراعاته اليومية
• البحث عن سيد مرزوق 1991 يتناول رحلة موظف عادي يواجه لقاءات غير متوقعة تغيّر نظرته للحياة والآخرين
• أرض الأحلام 1993 عن امرأة تحاول السفر لكنها تفقد جواز سفرها فتلتقي بشخصيات تغيّر نظرتها للحياة
• سارق الفرح 1995 فيلم إنساني عن البحث عن السعادة وسط تحديات الحياة
• أرض الخوف 2000 يتابع قصة شرطي مهمته سرية ضمن شبكة تجار مخدرات
• مواطن ومخبر وحرامي 2001 يروي تفاعل ثلاث شخصيات مختلفة تعكس اختلافاتهم وتقاطعاتهم
• رسائل البحر 2010 رحلة رجل يعاني مشاكل في الكلام يلتقي خلالها بحكايات مختلفة على البحر
• قدرات غير عادية 2015 آخر أفلامه الذي تناول طموحات الإنسان وحدود إمكاناته في عالم مليء بالمفاجآت

وأعلن المخرج داود عبد السيد خلال حياته الفنية اعتزاله الإخراج نهائيًا موضحًا أنه لم يعد قادرًا على التعامل مع نوعية الجمهور الحالي، والأعمال التي يفضلها والتي أصبحت تركز على التسلية بعيدًا عن الجدية الفنية.

مشيرًا إلى أن التمويل أصبح يقتصر على الأعمال الترفيهية فقط وهو ما جعله يبتعد عن صناعة السينما، كما انتقد الرقابة على المصنفات الفنية ووصفها بأنها قتلت الإبداع، وأفسدت الحياة الفنية، بحجة الحفاظ على الأخلاق، وأوضح الصعوبات التي واجهها أثناء إنتاج أعماله مثل فيلم الكيت كات، الذي خضع لتعديلات كثيرة بسبب الرقابة

مؤكدًا أن السينما بعد الثورة بحاجة لأن تكون أكثر جرأة وواقعية بدل الأعمال السطحية، التي لا تعكس الواقع بصدق وكشف أيضًا أنه وقع في حب السينما بالصدفة وأن دخوله المجال لم يكن طموحه الأول، حيث كان يحلم بأن يكون صحفيًا قبل أن يكتشف شغفه بالإخراج لتبرز هذه التصريحات جانبًا من فلسفته الفنية ورؤيته للسينما كأداة لمعالجة الواقع والتأثير في وجدان المشاهد بعيدًا عن مجرد التسلية.

وكان المخرج داود عبد السيد يعاني منذ سنتين من فشل كلوي، وهو الأمر الذي جعله يتردد على المستشفى بشكل منتظم لتلقي العلاج اللازم كما أعلنت زوجته كريمة كمال خبر رحيله عبر صفحتها على فيسبوك قائلة رحل اليوم أغلى ما عندي زوجي وحبيبي داوود عبد السيد

يبقى إرث داود عبد السيد علامة مضيئة في السينما المصرية، مؤكدًا من خلال أعماله أن السينما الحقيقية ليست في المؤثرات البراقة، أو الأسماء الكبيرة بل في القدرة على لمس وجدان الإنسان وكشف ذاته وعلاقته بالعالم من حوله ليظل اسمه منارة لكل محبي الفن والدراما الإنسانية.