النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

إقليم «أرض الصومال».. نواة لصراع جديد بين الصين وأمريكا

الصومال
كريم عزيز -

يدرك إقليم «أرض الصومال» أن مكانتها الجيوسياسية تثير المنافسات الدولية بين الولايات المتحدة والصين، بما يجعلها أداة استراتيجية في التنافس المحتدم بين القوتين الكبريين في القرن الأفريقي وبالتالي، هي تحاول استغلال هذا التنافس كوسيلة للاعتراف بها، بحسب التقارير الإعلامية.

وترى السلطات في «أرض الصومال» أن التقارب مع الولايات المتحدة على حساب الصين يمثل مصلحة حيوية للإقليم، ربما يعزز مكاسبه الاستراتيجية خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن واشنطن أبدت بوادر إيجابية للتعامل مع أرض الصومال خلال السنوات الأخيرة، فهي تستضيف مكتب اتصال لها، في حين دعت لجنة فرعية في الكونجرس الأمريكي في يناير 2025 وزارة الخارجية الأمريكية إلى فتح مكتب تمثيلي في هرجيسا لمواجهة النفوذ الصيني هناك، واعتبرتها خطوة مهمة لتعزيز المصالح الأمريكية.

كما حذرت من أن غياب الوجود الأمريكي قد يتيح الفرصة لبكين في الانقضاض على الإقليم لتعزيز نفوذها المتصاعد في القرن الأفريقي، كما أقر الكونجرس الأمريكي تشريعات تشجع الشركات الأمريكية على الاستثمار في «أرض الصومال» وهو ما يعكس نوايا إدارة الرئيس ترامب في تعزيز التعاون المباشر مع هرجيسا، بحسب الدراسات والتقارير الإعلامية.

فيما تشير تقارير أمريكية أيضًا إلى أن توثيق العلاقات مع «أرض الصومال» من شأنه أن يعزز الجهود الرامية إلى مواجهة التنظيمات الإرهابية في القرن الأفريقي، وبالتالي هي تمثل شريكًا أمنيًّا ودبلوماسيًّا حاسمًا للولايات المتحدة، ربما يساعدها في تعزيز مصالحها الأمنية في المنطقة، خاصة أنها يمكن أن تصبح مركزًا أمنيًّا مهمًا، وشريكًا أساسيًّا في الأمن البحري وعمليات مكافحة الإرهاب، لا سيما أن التموضع الجيوستراتيجي لأرض الصومال على طول خليج عدن يتماس بشكل مباشر مع المصالح الأمريكية في البحر الأحمر.

في المقابل، تبدو العلاقات متوترة بين الصين وإقليم «أرض الصومال»، حيث حذرت بكين هرجيسا من الحفاظ على علاقاتها مع تايوان، وهو ما قوبل بالرفض، حيث تتوطد العلاقات بين الأخيرتين مع وجود دعم أمريكي نكاية في الجانب الصيني، الذي يمارس المزيد من الضغوط للالتزام الأفريقي بمبدأ الصين الواحدة. وبالتالي تقف بكين ضد مساعي أرض الصومال للاعتراف، خاصة بعدما اعترفت بتايوان في عام 2020، ورفضت بشكل صريح المغريات الصينية المتمثلة في ضخ المزيد من الاستثمارات التنموية والقروض الصينية المشروطة بقطع العلاقات مع تايبيه.

من ثم، مع فشل استراتيجية الإغراء الصينية فقد انقلبت إلى إجراءات عقابية، حيث تمارس بكين مزيدًا من الضغوط على هرجيسا من خلال توسيع علاقاتها مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، والتأكيد على مبدأ الصومال الواحد.

في المقابل، تدرك الصين أن التحركات الأمريكية نحو إقامة اتصال مباشر مع إقليم «أرض الصومال» ودعم تقاربه مع تايوان، بحسب التقارير الإعلامية، إنما هو موجه بالأساس لتهديد النفوذ الصيني في محاولة لتقويضه في الساحة الأفريقية، فضلًا عن كونه يشكل تحديًّا مباشرًا للوجود العسكري في القرن الأفريقي. وبالتالي، تعارض بكين مسألة الاعتراف الدولي بالنسبة لأرض الصومال، خاصة أن هذه الخطوة قد تضعها أيضًا في مأزق دولي فيما يتعلق ببعض المطالبات الإقليمية لا سيما تايوان التي تعتبرها جزءًا من أراضيها، وهي تستهدف بالأساس عزلها دبلوماسيًّا في القارة الأفريقية، إضافة إلى المساعي الصينية للحفاظ على الهيمنة في القرن الأفريقي، وحماية مصالحها الاقتصادية بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق.