النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

قصة إقليم أرض الصومال.. من التفكك إلى الاعتراف وخطورته

الصومال
كريم عزيز -

هيمن إقليم «أرض الصومال» على المشهد الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي، كأحدث ساحة للمناورات الدولية والإقليمية هناك، وذلك بفضل التحركات المحسوبة لإدارة الإقليم على الصعيدين الدولي والإقليمي خلال الفترة الأخيرة من أجل تحريك المياه الراكدة في مسألة نيل الاعتراف الدولي التي تسعى إليها منذ انفصالها من طرف واحد في عام 1991 عن دولة الصومال، مستغلة تعقد ديناميكيات التفاعلات الإقليمية التي يشهدها القرن الأفريقي، ليفرض بذلك «أرض الصومال» نفسه في قلب الصراع الجيوسياسي، خاصة في ضوء احتدام التنافسات الدولية والإقليمية في المنطقة.

بحسب تحليل للدكتور أحمد عسكر، الباحث في الشئون السياسية، يبدو إقليم أرض الصومال بمثابة نقطة اشتعال إقليمية، ربما تدفع أمن واستقرار المنطقة نحو مزيد من التعقيد والتشرذم، في ضوء ممانعة بعض الأطراف الإقليمية لخطوة الاعتراف الدولي بالنسبة للإقليم، في مقابل ترحيب بعض الأطراف الأخرى بهذه الخطوة.

بحسب «عسكر» تستمر محاولات إقليم «أرض الصومال» لنيل الاعتراف الدولي على مدار أكثر من ثلاثة عقود، منذ إعلانها الاستقلال من طرف واحد عقب انهيار نظام سياد بري في عام 1991، إلا أن نقطة التحول الرئيسية قد جاءت في يناير 2024 عقب توقيع إدارة الإقليم اتفاقًا مبدئيًّا مع إثيوبيا يقضي بامتلاك الأخيرة ميناء بحري وتجاري على مساحة 20 كيلومتر مربع، في مقابل الاعتراف الإثيوبي بأرض الصومال كدولة مستقلة.

كانت «أرض الصومال»، بحسب التحليل، قاب قوسين من تحقيق أولى خطواتها المهمة في سبيل الاعتراف الدولي، لا سيما أنها تدرك أن اعتراف إثيوبيا أو غيرها سوف يفتح المجال أمام العديد من الأطراف والدول الأفريقية لاتباع نفس الخطوة، إلا أن الضغوط الدبلوماسية التي مارستها الصومال وتلويحها ببعض أوراق الضغط الإقليمية قد أجبرت أديس أبابا على تعليق تنفيذ الاتفاق ولو مؤقتًا وليس التراجع عنه أو إلغاؤه، خاصة عقب توقيع اتفاق أنقرة برعاية تركية في ديسمبر 2024. ورغم ذلك، لم تتراجع إدارة أرض الصومال بل حاولت توسيع دائرة تحالفاتها الدولية والإقليمية من أجل إنجاز خطوة استراتيجية في هذا الملف.

وأوضح التحليل، أن إقليم أرض الصومال تبنى استراتيجية اللعب على المتناقضات الإقليمية والدولية، حيث استغلت حاجة إثيوبيا الشديدة إلى منفذ بحري للوصول إلى مياه البحر الأحمر، وأبدت مرونة للتعاون معها مستفيدة من دعم استثماري إقليمي، لتنخرط أرض الصومال في لعبة إقليمية على النفوذ والهيمنة في منطقة القرن الأفريقي، أملًا في حصد مكتسبات استراتيجية من شأنها القرب من تحقيق الاعتراف الدولي.

من جهة أخرى، تسعى إدارة «أرض الصومال»، بحسب التحليل، لاستغلال التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك تهديدات جماعة الحوثي لإسرائيل وأمن البحر الأحمر، وذلك من خلال تقديم نفسها كشريك أمني يمكن أن تمثل منصة لإطلاق الطائرات والصواريخ الإسرائيلية تجاه أهداف الحوثيين في اليمن. يدلل على ذلك إشارة بعض التقارير في أكتوبر 2024 إلى ثمة تقارب سري بين إسرائيل وإقليم أرض الصومال الذي اقترح تأسيس قاعدة إسرائيلية في أرض الصومال يمكنها استهداف وردع الحوثيين، ومن خلالها يمكن للطائرات الإسرائيلية الانطلاق لضرب المفاعلات النووية الإيرانية مباشرة، لا سيما مفاعل بوشهر النووي القريب من الخليج العربي، دون التحليق فوق الحدود العربية وبما يمنح الطائرات الإسرائيلية فرصة الهروب من أنظمة الدفاع الجوي الإيراني، وذلك في مقابل الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بالإقليم وضخ المزيد من الاستثمارات هناك.

وحالياً أعلنت إسرائيل الاعتراف به رسمياً.