هل تستغل الصين علاقتها الدبلوماسية مع السعودية لضرب أمريكا؟

تطور ملحوظ في العلاقات، ما بين شد وجذب أو السعي للنفوذ أو حتى السير في طريق قد يكون محفوف بالمخاطر، تلك السمات هي الغالبة التي تجمع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، إذ تدعو الصين بين الحين والآخر «واشنطن»، إلى ضرورة التخلي عن عقلية الحرب الباردة وبناء علاقات معها على أساس المنفعة المتبادلة بما يصب في صالح الشعبين الأمريكي والصيني وكذلك استقرار العالم.
يقول الدكتور سيد مكاوي زكي، خبير الشئون الآسيوية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخيراً لجأ إلى التواصل والتفاهم مع الصين بعد أن أدرك أن الحرب التجارية معها مكلفة للطرفين، وبالنسبة للسعودية فإنها تعتمد على واشنطن كشريك أمني واستراتيجي للمملكة وتعتمد على الصين كشريك اقتصادي وأكبر مشتري للنفط السعودي.
يضيف «مكاوي» في حديثه لـ«النهار»، أن الصين تتبنى سياسة عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وتبتعد عن عسكرة سياستها الخارجية بإستثناء مسألة تايوان والتي تعتبرها بكين شأنا خارجياً، لذا فإن الصين ستستمر في بناء شراكات اقتصادية وتكنولوجية مع دول الشرق الأوسط في إطار مبادراتها للحزام والطريق ومبادرة الرئيس الصيني «شي» للتنمية والحضارة العالمية بغض النظر عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة الحالية أو المستقبلية.
في ذات السياق تقول الدكتورة تمارا برو، الخبيرة في الشأن الآسيوي، إن الصين أدرك جيداً أنه لا يمكنها أن تضغط على المملكة السعودية من أجل تقليل علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية أو مع أي دولة في منطقة الشرق الأوسط، فما تريده بكين بالدرجة الأولى هو الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في المنطقة خاصة أن السعودية هي ثاني أكبر مصدر للنفط إلى الصين بعد روسيا والنفط مهم في استراتيجية الصين لأنه يبقي اقتصادها قائما ومتطورا وهو ما تسعى إليه الصين لتوسيع نفوذها الاقتصادية بالدرجة الأولى ومن ثم العسكرية.
وتضيف «برو»، أن السعودية تربطها علاقات قوية بالولايات المتحدة الأمريكية لا سيما في المجال الدفاعي بينما تربطها علاقات قوية بالصين من الناحية الاقتصادية، وما يثير قلق «بكين» الضغوطات التي يمارسها ترامب على ولي العهد محمد بن سلمان من أجل تقليل التعاون السعودي مع بكين في مجال التكنولوجيا والمجال العسكري، ومن هنا يمكن أن تكون جاءت صفقة الطائرات F35 التي تريدها السعودية كي لا تقوم الرياض بالتوجه نحو بكين من أجل شراء طائرات متطورة أو أن يكون هناك تعاون في بناء طاقة نووية مدنية بين الرياض وبكين.
وأوضحت، أن الصين تسعى لأن يبقى نفوذها الاقتصادي وأن يبقى تدفق النفط إليها وأن تبقى الممرات المائية مفتوحة أمام ناقلاتها البحرية، كما أنها لا تريد مواجهة أمريكا في منطقة الشرق الأوسط، فالضمان الأساسي لها هو أن يبقى النفط يتدفق إليها من الشرق الأوسط كون المنطقة تشكل أكثر من 50% من احتياجات النفط إلى بكين.
وذكرت أن الصين ستحاول بشتى المجالات أن تحصل على التكنولوجيا المتطورة من السعودية والإمارات خاصة بعد موافقة أمريكا على تصدير أحدث الرقائق الإلكترونية إلى البلدين بشرط اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لعدم وصول هذه الرقائق إلى الصين لكن الصين بطريقة أو بأخرى يمكن أن تحصل عليها إن تمكنت بالمقابل الأساس هو أن يستمر تدفق النفط إلى بكين أو يمكن أن يكون هناك تفاهمات بين الصين وأمريكا نفوذ كليهما في المنطقة وهذا يخضع للتفاوض على تقاسم النفوذ في مختلف دول العالم.

