النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

هل يكون 2026 هو عام الحسم في الحرب الروسية الأوكرانية؟.. كواليس مهمة

الرئيس الأوكراني
كريم عزيز -

مع قرب حلول عام 2026، تدخل الحرب الروسية الأوكرانية، في نفق أكثر ظلاما عما عليه الآن، خاصة وأنها قطعت على العلاقة بين روسيا وأوروبا، إذ انقسم الطرفان إلى جانبين؛ بعد الإجراءات المضادة التي اتخذتها الكتلة الأوروبية لدعم كييف، من خلال عدة تدابير، منها الدعم العسكري، مرورًا بتجميد الأصول الروسية، وتوجيهها نحو دعم أوكرانيا عسكريًا.

ومع دخول عام 2026، تواجه أوكرانيا خيارات عسكرية محدودة، رغم الدعم الأوروبي الكبير، في وقت تحافظ القوات الروسية على تقدمها على الجبهة، وإن كان بطيئًا، لكنها تتحمل تكلفة بشرية عالية جدًا، كما قدم الاتحاد الأوروبي سلسلة متواصلة من حزم الدفاع التي يقول إنها ستضمن استعداد أوروبا للدفاع عن نفسها ضد روسيا بحلول عام 2030، إلا أن مواطني أوروبا لا يشعرون بهذه الثقة، إذ أشار ثلثا الأوروبيين إلى أن جيوشهم لا تستطيع مواجهة روسيا عسكريًا، وفقًا لاستطلاع رأي جديد.

وأظهر الاستطلاع أن أكثر من ثلثي الأوروبيين يعتقدون أن بلادهم لن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها عسكريًا ضد هجوم روسي، بعد أيام فقط من تصريح فلاديمير بوتين بأن بلاده مستعدة الآن لمواجهة أوروبا، وقال 69% من بين 9500 مستجيب في تسع دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي، وفق استطلاع أجرته شركة Cluster 17 لصالح Le Grand Continent، إنهم لا يثقون في قدرة بلادهم على الدفاع بنجاح عن أراضيهم ضد العدوان الروسي.

كانت فرنسا الدولة الأكثر ثقة في قدرة جيشها على مواجهة روسيا 44%، على الرغم من أن غالبية المستطلعين 51% ما زالوا ينظرون إلى الأمر بنظرة سلبية. وسُجلت أدنى النسب في بلجيكا وإيطاليا والبرتغال، حيث تجاوزت 85% فيما يتعلق بانعدام الثقة في قدرة هذه الدول على الرد الدفاعي، ويقول معدو الاستطلاع إن الجغرافيا تلعب دورًا في اختلاف التصورات بين دول الاتحاد الأوروبي، فالدول التي تقع جغرافيًا بعيدًا عن روسيا تشعر بأنها أقل قدرة على الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع موسكو.

فيما أعلنت روسيا أن أي وجود أجنبي في أوكرانيا، بأي صفة كانت، يُعد تصعيدًا، كما أكدت وزارة الخارجية الروسية أن وجود شركات عسكرية فرنسية خاصة في أوكرانيا بصفتها جهات اتصال مرجعية لوزارة القوات المسلحة سيُنظر إليه من قبل موسكو على أنه مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية ضد روسيا، وسيصبح بالتالي هدفًا مشروعًا.

ويأتي هذا الاستطلاع، الذي أُجري في فرنسا وكرواتيا وألمانيا وبولندا وهولندا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبلجيكا، في الوقت الذي تدفع فيه أوروبا جهود إعادة تسليح ضخمة، حيث تم ضخ مئات المليارات من اليورو في الإنفاق الدفاعي من قبل دول الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، فإن انعدام الثقة الملحوظ في مواجهة روسيا يشير إلى أن العديد من الإعلانات الصادرة عن الدول الأعضاء والمفوضية الأوروبية، التي تتطلع إلى تعزيز القدرات العسكرية لأوروبا، لا تلقى صدى لدى شريحة كبيرة من السكان الأوروبيين.

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي على زيادة إنتاج الأسلحة وتعزيز عمليات الاستحواذ العسكري لتكون قادرة على ردع أي عدوان قبل نهاية العقد، في وقت تحذر فيه بعض وكالات الاستخبارات من أن موسكو قد تختبر المادة 5 من حلف الناتو، كما تتطلع أوكرانيا إلى عام 2026 بخيارات عسكرية محدودة، رغم الموافقة على قرض حاسم من الاتحاد الأوروبي بقيمة 90 مليار يورو «79 مليار جنيه إسترليني»، سيساعد هذا التمويل كييف على مواصلة الدفاع بنفس الشدة الحالية حتى أواخر عام 2027، لكنه لن يُحدث تحولًا جذريًا في وضعها العسكري.

يشير الخبراء إلى أن الحرب مُكلِّفة للغاية، فحتى بعد حصول زيلينسكي على 90 مليار يورو من أوروبا، قد لا يكون ذلك كافيًا لتغطية تكاليف الحرب، التي تُقدَّر بنحو 228.310 دولارات في الدقيقة.

وفقًا للمخابرات الأوكرانية، تُكلّف الحرب روسيا تقريبًا 16.6 مليار دولار شهريًا، أي أكثر بقليل من فاتورة كييف، إذ ينفق الكرملين 44% من إجمالي الإيرادات الضريبية لتمويل الجيش، ويشير الخبراء إلى أن الأوكرانيين ينفقون نحو 30% من ناتجهم المحلي الإجمالي على المجهود الحربي، مع توقع استمرار التمويل الأوروبي لمدة لا تتجاوز عامين.

ألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إقامة مناطق منزوعة السلاح في أحدث مقترح سلام، ضمن خطة كييف المكوَّنة من 20 بندًا لإنهاء الحرب، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، وأشار زيلينسكي إلى أن المسودة الأخيرة لخطة إنهاء الحرب مع روسيا ستُمهِّد الطريق لإنشاء مناطق منزوعة السلاح في شرق أوكرانيا، وإجراء انتخابات رئاسية في كييف، والسماح للبلاد بالاحتفاظ بطلبها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو».

وتتضمن الخطة المُحدَّثة، التي وافق عليها مسؤولون أوكرانيون وأمريكيون وأُعيدت إلى موسكو، تجميد القتال على النحو الحالي، وإجراء انتخابات في أوكرانيا، والسماح للبلاد بالاحتفاظ بطلبها للانضمام إلى الحلف، وقال زيلينسكي: «في مناطق دونيتسك ولوهانسك وزابوريجيا وخيرسون، يُعتبر خط انتشار القوات، اعتبارًا من تاريخ هذا الاتفاق، خط التماس بحكم الأمر الواقع»، وفق صحيفة «التايمز».

كما تسعى روسيا إلى إدخال تغييرات جوهرية على أحدث خطة سلام أمريكية لإنهاء حربها مع أوكرانيا، بما في ذلك فرض المزيد من القيود على الجيش، بحسب ما نقلت شبكة «بلومبرج» عن مصدر مقرب من الكرملين، وتعتبر موسكو خطة النقاط العشرين، التي تم التوصل إليها بين أوكرانيا والولايات المتحدة "نقطة انطلاق" لمزيد من المفاوضات، لأنها "تفتقر إلى بنود مهمة بالنسبة لروسيا ولا تجيب على العديد من الأسئلة"، حسبما قال المصدر.

ولم يُعلّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد على أحدث المقترحات لإنهاء أسوأ صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، التي تم التوصل إليها خلال أسابيع من المفاوضات، وقال المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، إن مبعوث الكرملين أطلع الرئيس الروسي على نتائج المفاوضات، وستواصل موسكو اتصالاتها مع واشنطن بشأن موقفها قريبًا.

تشير التقديرات الغربية إلى أن أكثر من 400 ألف جندي روسي قُتلوا أو أُصيبوا عام 2025، وفق تحديث استخباراتي دفاعي بريطاني حول أوكرانيا، وترجّح بريطانيا أن موسكو تدفع ثمنًا باهظًا لهجماتها التي استخدمت فيها طائرات مسيّرة، إذ اهتزّت أوكرانيا جراء هجمات الطائرات المسيّرة انتقامًا لعمليات اغتيال، وفي أكتوبر 2025، قدّرت الاستخبارات الدفاعية العدد الإجمالي للخسائر الروسية خلال الحرب الشاملة بـ1.118.000، أعلى من حجم جيشها بالكامل قبل بدء الحرب الأوكرانية عام 2022.