خلال حفل توقيع كتابه ” ألغام اليمن السعيد”.. حسين البدوي : الألغام حرب «الإبادة الصامتة» التي دمرت ملامح الحياة في اليمن

أقام المركز الثقافي بسفارة الجمهورية اليمنية لدى جمهورية مصر العربية، حفل توقيع ومناقشة كتاب (ألغام اليمن السعيد: رحلة على الخطوط الأمامية للجحيم)، للكاتب الصحفي حسين البدوي، الصادر عن دار العين للنشر، وجاء الكتاب في 333 صفحة، يوثق المؤلف خلالها رحلته في حقول الألغام داخل الأراضي اليمنية.
شارك في منصة التوقيع والمناقشة الكاتب الصحفي الأستاذ مجدي الدقاق، رئيس تحرير مجلتي الهلال وأكتوبر سابقاً، والإعلامي والسياسي اليمني الدكتور عبدالحفيظ النهاري، وتولى إدارة الحفل وتقديمه الأستاذ بليغ المخلافي، المستشار الإعلامي بسفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة، بحضور لفيف من الإعلاميين والمثقفين والمهتمين بالقضايا الإنسانية.
وقال الكاتب الصحفي حسين البدوي مؤلف «ألغام اليمن السعيد»، إن الألغام التي زرعتها الميليشيات خلال سنوات الحرب في اليمن، حرب «إبادة صامتة» بكل ما للكلمة من معنى، ومخطط تسبب في تدمير ملامح الحياة كافة في اليمن، وتحدث البدوي عن رحلته بين حقول الألغام، لافتاً إلى أنه أصيب بصدمة كبيرة منذ وطئت قدماه مطار عدن الدولي واكتشف أن المطار الذي هبط فيه مزروع بالألغام في مساحات واسعة منه.
وأضاف حسين البدوي أن الألغام لم تفرق بين حجر وشجر وبشر، وتسببت في كارثة إنسانية كبرى كان لابد من كشف وتوثيق جوانبها، مشيراً إلى أن كتاب «ألغام اليمن السعيد» ينقل تجربة نوعية للعمل الصحفي في منطقة من أبرز المناطق المتضررة من آثار الحروب والنزاعات بعد فترة الربيع العربي، مؤكداً أن الكتاب يعد وثيقة مهمة لقضية إنسانية ستكون حاضرة بقوة على منابر الدول الكبرى في العقود المقبلة.
وأشاد مؤلف «ألغام اليمن السعيد» بالدور الكبير الذي يقوم به مشروع «مسام» لنزع الألغام في اليمن، والذي استطاع أن ينتشل اليمن من براثن الموت المدفون؛ حيث قدمت فرق نزع الألغام 30 شهيدًا من أبناء اليمن بينهم 5 خبراء أجانب في سبيل تطهير الأرض من هذا الخطر الدفين الذي كاد أن يجعل الحياة هناك مستحيلة لعقود طويلة.
وأوضح البدوي أن فرق «مسام» تمكنت من نزع نحو 530 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، منها ألغام مموهة على هيئة صخور، أو لعب أطفال، أو حقائب نسائية، وكذلك تطهير أكثر من 75 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية منذ انطلاق عمل الفرق الميدانية في منتصف عام 2018م وحتى اليوم.
ولفت البدوي إلى أن الفكرة العسكرية التقليدية للألغام هي إعاقة الحركة، إلا أن المليشيات الحوثية استخدمتها عمدًا لقتل البشر، عن طريق تطويرها باستخدام دواسات كهربائية تجعل أي وزن خفيف يقترب منها يسبب كارثة كبرى وهو ما يجسد حجم الجريمة وتعمدها.
ومن جانبه، قال الأستاذ بليغ المخلافي، إن الميليشيات زرعت الألغام في كل أرجاء اليمن بدون خرائط، واليوم قد أبحر بنا الصحفي حسين البدوي إلى هذه القضية الإنسانية وقام بتوثيقها في كتابه وأصبحت مادة جاهزة للباحثين والصحفيين وكل من يريد أن يقرأ أو يكتب عن هذا الموضوع. واستعرض المخلافي، أهمية العمل التوثيقي في كتاب «ألغام اليمن السعيد» الذي سرد شهادات الضحايا من أفواههم واختتم بتوصيات تسهم في التخلص من تداعياتها الخطيرة.
وتحدث الأستاذ مجدي الدقاق، عن شجاعة المؤلف ومغامرته بحياته لإنجاز الكتاب من قلب الميدان، وقال الدقاق: نحن أمام عمل صحفي توثيقي لم يحدث في تاريخ مثل هذه التحقيقات، فقد ذهب الكاتب بنفسه إلى «حقول الموت»، ليحوّل العمل الصحفي إلى شهادة حية للتاريخ على واحدة من أخطر الجرائم في العصر الحديث.
وأضاف الدقاق أن الكتاب أطلق نداءً صارخًا للتحذير من ألغام التمذهب والتشظي، إلى جانب الألغام الأرضية، لما تمثله من تهديد وجودي للمجتمع اليمني والدولة اليمنية.
وأشار الدكتور عبدالحفيظ النهاري، إلى عنوان الكتاب الذي جاء بصيغة استنكارية تهكمية، ليجسد المفارقة القاسية بين «اليمن السعيد» وواقع الألغام الذي يهدد حياة الإنسان ويقوض مقدراته.
وأكد النهاري أن الألغام تُعد سلاحًا فتاكًا ذا أثر طويل الأمد، لا يتوقف خطره عند زمن الحرب، بل يمتد لعقود، مخلّفًا دمارًا إنسانيًا وتنمويًا واسعًا. وأوضح النهاري، أن الكتاب يسلط الضوء على انتشار الألغام دون خرائط، وما يترتب على ذلك من مآسٍ متواصلة.
كما تطرق النهاري إلى اتفاقيات حظر الألغام التي صادق عليها اليمن، والقوانين المجرّمة لزراعة الألغام، مستعرضًا في السياق ذاته الجهود المحلية والدولية لإزالة الألغام، وفي مقدمتها دور مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومشروع «مسام» لنزع الألغام. وأكد أن الأراضي الملوثة بالألغام تعطل جهود التنمية، وأن أي حديث عن إعادة الإعمار مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإزالة الألغام وتقليل كلفة ضحاياها.
يُذكر أن كتاب «ألغام اليمن السعيد» شارك مؤخراً في العديد من المعارض الدولية، أبرزها: معرض الرياض الدولي للكتاب، ومعرض عمان الدولي للكتاب، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، ومعرض الكويت الدولي للكتاب، ومعرض العراق الدولي للكتاب، ومعرض جدة الدولي للكتاب خلال الفترة 11- 20 ديسمبر 2025م. ومن المنتظر أن يشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال الفترة من 21 يناير حتى 3 فبراير 2026م.

