النهار
جريدة النهار المصرية

عربي ودولي

لماذا باتت إيران معزولة؟.. تحليل يوضح التفاصيل

وزير خارجية إيران
كريم عزيز -

قدّم أسامة سيد رمضان، الباحث في الشأن الإيراني، تحليلاً لتقرير من مركز perspektif التركي بعنوان «لماذا باتت إيران معزولة؟» للكاتب بهادر قربان أوغلون، موضحاً أن إيران عملت منذ إحلال الجمهورية الإسلامية محل الشاهنشاهية على أن يكون لها في منطقة الشرق الأوسط نفوذًا يقوم على تجاوز حدود الدولة القومية، خاصة وأن النظام الجديد بعد عام 1979 اعتمد على ضرورة عدم الارتهان إلى بعض القوى العالمية التي بات من المستحيل الوثوق بها على نحو كامل، لذلك بدأت الدولة الجديدة التي تتسم بتنوعها الديني والمذهبي والعرقي على الانخراط في مسار يصطدم باستمرار مع المصالح المشتركة للمنطقة، وهو المسار الذي فرض على إيران ودول المنطقة أن تدفع ثمنه.

وقال «رمضان» في ترجمته إنه يبدو أن المسار الذي انطلق بالفعل بات لا يهدد إيران وحدها، بل إن تأثيره يهدد المنطقة بأسرها، بما يتسبب في إشعال حرائق جديدة، خاصة وأن دول الشرق الأوسط – عبر خياراتها المحدودة – دأبت على التضحية بإمكاناتها الهائلة وبطاقاتها الديمغرافية والثقافية والعسكرية والتجارية، وهو واقع لا بد أن يُخضع لعملية تفكيك نقدي جذرية تكشف بنيته وأسبابه ومسؤولياته.

وأضاف أن التقديرات تشير إلى أن إيران إذا ذُكرت في بعض الأحيان، يتبادر إلى الذهن صورة كيان، قد يتشابه في مقومات بقائه مع إسرائيل، إذا تذرعت بالأمن القائم على الخوف والتهديدات المستمرة، ولا يتردد في إشعال الحرائق في المنطقة بحجة حماية نفسه، وذلك بأن لجأت إلى إنشاء كيانات طائفية محدودة في عدة دول عربية، من باب تدشين قوى ناعمة تابعة لها، واتهام منتقديها بالطائفية على نحو يشبه توظيف إسرائيل لخطاب “معاداة السامية”، بل ويذهب البعض أبعد من ذلك، حين يعمد إلى توظيف هذه الطائفية ذاتها بصورة أداتية، من أجل بناء قوى وكيلة في الجغرافيا التي تمتد إليها يده.

وأوضح أن تلك الاستراتيجية تستند على هدف جيوسياسي يقوم على الاحتماء بوكلاء يمكنهم إبقاء الأزمات خارج حدود إيران كي لا تصل إليها، ويستند ذلك التقدير على تباهي إيراني بالسيطرة على بعض العواصم العربية كـ صنعاء، بغداد، دمشق، وبيروت، فضلًا عن انتهاز الفرص المتمثلة في توظيف الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، والصراع الأرميني-الأذربيجاني، بل وحتى القضية الفلسطينية – مع احتساب ما جرى في سوريا وما تكبده الفلسطينيون هناك من معاناة – كأدوات في خدمة أوهامه السياسية.

وأكد أن هذه الصياغة السياسية تسببت في إهدار كبير للرصيد المعنوي الذي كان يتمتع به حزب الله لدى الشعوب المسلمة، والذي كان يعمل على خدمة مصالحه الضيقة داخل حدود لبنان، وعملت إيران على تمهيد الطريق لمصيره الحالي، علاوة على إرسال تنظيم داعش إلى الساحة السورية ليدخل في صدام مع قوى المقاومة وقادتها، ومن ثم إشعال نيران الضغط والإرهاب في الساحة العراقية – السورية بقوات بالوكالة مثل الحشد الشعبي، وبدلًا من العمل على تعظيم الإمكانات الواسعة لجغرافيا ثرية بتنوعها العرقي والمذهبي والديني، جرى الارتهان إلى القومية الفارسية والطائفية الشيعية؛ وهو ما حال دون الوصول، لا إلى حلول تخدم دول المنطقة الأخرى فحسب، بل حتى إلى تحقيق أهداف حل باسم إيران نفسها.

ونوه إلى أن شهية إيران المفتوحة لبسط سيطرتها على المنطقة تسببت في تمزيق كل منطقة تدخلها وفق النمط الذي تريده القوى الغربية، من خلال عملية تنتهي بخضوع شعوب المنطقة وبُناها التاريخية، وأحيانًا يمكن القول إن هذا الاندفاع المحموم يتناقضن كليا مع تطلعات شعوب الشرق الأوسط وقيمه الإسلامية، حيث تتسبب إيران بوكلائها في تعريض حياة الناس للخطر ويدوسون على مقاصد الشريعة، ويتقدمون بتكتيكات جلادي الأمس أنفسهم، إلى حد التحول إلى شيطان أكبر جديد، ومع ذلك، لا يرى هذا المشروع أنه يدفع حتى شعبه إلى هاوية بعيدة عن البصيرة والعدل والاتزان.