هل تُضاعف السيئات في شهر رجب كما تُضاعف الحسنات؟.. أستاذ بالأزهر يجيب

كد الدكتور أحمد الرخ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي حرّمها الله تعالى بنص القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن الذي حرّمها هو الله سبحانه وتعالى، وهو ذاته الذي نهى عن استحلال المعصية فيها، مستشهدًا بقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام»، وقوله عز وجل: «فلا تظلموا فيهن أنفسكم»، موضحًا أن تحريم القتال والظلم في هذه الأشهر أصل قرآني ثابت، كما في قوله تعالى: «يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير».
وأوضح الأستاذ بجامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد،،أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد هذه الحرمة في خطبة حجة الوداع حين سأل الصحابة عن اليوم والبلد والشهر، ثم قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا»، لافتًا إلى أن العلماء توقفوا عند هذا النص النبوي فقرروا أن حرمة الزمان لا تقل عن حرمة المكان، بل إن الشريعة سوّت بينهما في التعظيم.
وأشار إلى ما نُقل عن بعض الصحابة في تعظيم حرمة المكان، مستشهدًا بقول عمرو بن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم»، موضحًا أن الله تعالى قد يؤاخذ في مكة على مجرد إرادة المعصية قبل وقوعها، وهو ما يدل على عظيم حرمة المكان، مؤكدًا أن الأشهر الحرم لا تقل حرمة عن ذلك، لأنها تدخل ضمن دوائر التعظيم التي تشمل البيت الحرام، والمشعر الحرام، والبلد الحرام، والشهر الحرام.
وبيّن الدكتور أحمد الرخ أن قوله تعالى: «فلا تظلموا فيهن أنفسكم» لا يقتصر على ظلم الإنسان لنفسه فقط، بل يشمل ظلم الآخرين أيضًا، لأن لفظ أنفسكم يعم المؤمنين جميعًا، مؤكدًا أن شهر رجب هو شهر سلم وأمان، يُحرّم فيه الاعتداء على النفس والمال والعِرض، كما تُحرّم فيه المعاصي التي يظلم بها الإنسان نفسه.
وأضاف أن العلماء، ومنهم الإمام القرطبي، قرروا أن تعظيم الشيء من جهة واحدة يوجب حرمة واحدة، وإذا عُظِّم من جهات متعددة تعددت حرمته، مستشهدًا بقوله تعالى في شأن أمهات المؤمنين: «من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين»، موضحًا أن الأشهر الحرم كذلك تتعدد فيها الحرمة، فتُضاعف فيها السيئات كما تُضاعف الحسنات، ويختلف مقدار المضاعفة باختلاف شرف الزمان والمكان.
وأشار إلى أن المعصية في الشهر الحرام أعظم من غيره، والمعصية في البلد الحرام أعظم، وإذا اجتمع شرف الزمان والمكان كانت العقوبة أشد، كما أن الطاعة في هذه الأزمان والأمكنة يتضاعف ثوابها، مؤكدًا أن باب التوبة يظل مفتوحًا، وأن من أعظم الأعمال في شهر رجب الإكثار من التوبة والاستغفار، فمن تاب تاب الله عليه.
وشدد الدكتور أحمد الرخ على أهمية شكر نعم الله واستقبالها بالحمد وحسن الاستخدام، موضحًا أن شكر النعمة يكون بحفظها فيما يرضي الله، وعدم استعمالها في الأذى أو الفساد، داعيًا إلى التحلي بقيمة الستر، والتمييز بين النصيحة التي يقصد بها الإصلاح، والفضيحة التي يقصد بها التشهير، مؤكدًا أن من لم يستطع النصح فليلتزم الستر، اقتداءً بستر الله لعباده.
https://youtu.be/gBMIzYvwveY?si=wZ683-WGlPQCp_pe

